تقييد للحريات الشخصية.. منع المحاميات من ارتداء الحجاب في قاعات المحاكم الفرنسية بحكم قضائي نهائي
5 يمشي 2025
أيد مجلس الدولة الفرنسي، قرار حظر ارتداء المحاميات لأي علامات مميزة، بما في ذلك الحجاب، أثناء المرافعات القضائية، مؤكدًا أن هذا الإجراء يهدف إلى ضمان حيادية المحامي وتحقيق مبدأ المحاكمة العادلة.
جاء هذا القرار بعد رفض الطعن الذي تقدم به نقابة محامي فرنسا (SAF)،المعروفة بتوجهاتها اليسارية، لإلغاء قرار المجلس الوطني لنقابات المحامين (CNB) الصادر عام 2023، والذي يمنع ارتداء أي رموز دينية أو سياسية أو ثقافية مع الرداء الرسمي للمحامي.
انتقدت نقابة محامي فرنسا (SAF) القرار، معتبرةً أن فرض حظر قانوني على الرموز الدينية يقيد حرية المحاميات ويحد من الطابع الليبرالي لمهنة المحاماة
خلفية القرار
في أيلول/سبتمبر 2023، قام المجلس الوطني لنقابات المحامين (CNB) بإضافة تعديل إلى المادة 3 من قانون 31 ديسمبر 1971 المنظم لمهنة المحاماة، حيث نص على أن "المحامي لا يرتدي أي علامة مميزة مع ردائه". وقد جاء هذا التعديل استجابةً لنقاشات طويلة حول ارتداء المحاميات للحجاب أثناء المرافعات، خاصة بعد الحادثة التي وقعت عام 2015، عندما واجهت طالبة محجبة رفضًا من أحد أساتذة مدرسة التدريب المهني للمحامين في محكمة استئناف باريس، ما أثار جدلاً واسعًا.
وجّهت "منظمة العفو الدولية" انتقاداتٍ شديدة لـ #فرنسا على خلفية منع المسلمات من ارتداء الحجاب في #الألعاب_الأولمبية التي تستضيفها #باريس. pic.twitter.com/B9G6KwsQNE
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) July 17, 2024
كما شهدت عام 2016حالة مماثلة عندما حاولت محامية محجبة إلقاء خطابها الافتتاحي في إحدى المناسبات القانونية، مما دفع مؤتمر عمداء نقابات المحامين لمناقشة هذه المسألة. لاحقًا، قامت عدة نقابات محامين محلية، بما في ذلك نقابة باريس، بإدراج بنود في لوائحها الداخلية تحظر ارتداء الرموز الدينية البارزة أثناء ممارسة المهنة.
حياد المهنة فوق الحريات الفردية
اعتمد مجلس الدولة في قراره على حكم صادر عن محكمة النقض في 2 أذار/مارس 2022، والذي أقر بأن ارتداء المحامين لرموز دينية أو سياسية أو فلسفية لا يتماشى مع مبدأ الاستقلالية، الذي يُعد أساسًا لممارسة المهنة. وبرر المجلس قراره بأن فرض زي موحد على المحامين يهدف إلى تحقيق المساواة بينهم وعدم التأثير على مسار العدالة من خلال الرموز الشخصية.
انتهاك للحريات الفردية
من جانبها، انتقدت نقابة محامي فرنسا (SAF) القرار، معتبرةً أن فرض حظر قانوني على الرموز الدينية يقيد حرية المحاميات ويحد من الطابع الليبرالي لمهنة المحاماة. وأكدت النقابة أن المجلس الوطني لنقابات المحامين (CNB) لا يملك السلطة القانونية لإصدار مثل هذه القوانين التي تؤثر على الحريات الأساسية، معتبرةً أن القرار يمثل تجاوزًا للصلاحيات التشريعية.
لكن مجلس الدولة رفض هذه الحجج، مؤكدًا أن القرار لا يُنشئ قاعدة جديدة، بل يوضح تطبيق النصوص القانونية القائمة، حيث أوضح أن الهدف الأساسي من فرض الزي الموحد هو تمييز المحامين كمهنيين محايدين، وضمان أن مظهرهم لا يعكس انتماءً سياسيًا أو دينيًا قد يؤثر على العدالة.
مجلس الشيوخ الفرنسي أشار إلى "ضرورة الحفاظ على الحيادية في الملاعب" بعد الاجتماع الذي جرى فيه تعديل القانون المقترح الذي يشير إلى ارتداء "رموز دينية".🇫🇷🧕 pic.twitter.com/jY79SYNOBl
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 22, 2022
تداعيات القرار: جدل قانوني واجتماعي مستمر
يأتي هذا القرار في سياق الجدل المستمر في فرنسا حول الرموز الدينية في المجال العام، حيث سبق أن أيدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، معتبرةً أن هذا الإجراء لا ينتهك الحرية الدينية. ويمثل قرار مجلس الدولة خطوة إضافية نحو تعزيز العلمانية في المؤسسات المهنية والقضائية، لكنه يواجه في المقابل انتقادات حادة من بعض الأوساط الحقوقية والقانونية.
يثير قرار مجلس الدولة تساؤلات حول حدود الحرية الدينية داخل المهن القانونية، ومدى توازن القوانين بين احترام القيم العلمانية الفرنسية وحقوق الأفراد في ممارسة حرياتهم الشخصية. ومع استمرار الجدل القانوني والاجتماعي حول هذا الموضوع، يبدو أن هذا القرار قد يكون نقطة تحول في تنظيم الممارسات المهنية داخل المحاكم الفرنسية.
يذكر أن مجلس الشيوخ الفرنسي وافق، الشهر الماضي، على مشروع قانون يهدف إلى حظر ارتداء الحجاب والرموز الدينية الأخرى في المنافسات الرياضية. وقد أثار مشروع القانون جدلًا واسعًا داخل المجلس، حيث اتهم نواب من اليسار زملاءهم من اليمين، باستهداف النساء المسلمات بشكل خاص.