1. سياسة
  2. سياق متصل

تكتيكات الحرب الهجينة.. ما الذي أعدّه الغرب للتصدّي لها؟

5 يناير 2025
تعتمد الحرب الهجينة على تكتيكات مختلفة (مواقع التواصل)
الترا صوتالترا صوت

 

تزعم أوساط أمنية وإعلامية غربية أن روسيا ومن تصفهم تلك الأوساط بأعداء الغرب عمومًا، طوّروا من وسائلهم الهجومية، بحيث أصبحوا يتبنون وسائل متطورة فيما يخص ما يطلق عليه "هجمات المنطقة الرمادية أو التكتيكات الهجينة"، الأمر الذي ترك مسؤولي الدفاع في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أمام معضلة تتمثل في الكيفية التي يمكن بها الاستجابة لنمط هجمات المنطقة الرمادية أو تكتيكات الحرب الهجينة، التي تتم باستعمال الطائرات بدون طيار والطرود المتفجرة وأنشطة القرصنة التي تُحدث تخريبًا كبيرًا اقتصاديًا وحتى نفسيًا.

تجدر الإشارة إلى أنه عندما بدأت الطائرات بدون طيار الغامضة في الظهور فوق منصات النفط والمزارع قبالة ساحل النرويج قبل حوالي ثلاث سنوات، لم يكن المسؤولون متأكدين من أين أتت. لكن ستالي أولريكسن، الباحث في الأكاديمية البحرية الملكية النرويجية، قال في مقابلة أجريت معه مؤخرًا: "كنا نعرف ما كانوا يفعلونه. كان بعضها لأغراض التجسس، حيث كانوا يرسمون الكثير من الأشياء. أعتقد أن بعضها كان يتمثل في تحديد المواقع في حالة الحرب أو الأزمة العميقة".

مضيفًا أنّ الطائرات بدون طيار "يشتبه في إطلاقها من سفن تسيطر عليها روسيا في بحر الشمال، بما في ذلك بعض السفن التي كانت بالقرب من خطوط أنابيب الطاقة تحت الماء"، لافتًا إلى أنّ "النرويج لا تستطيع أن تفعل الكثير لمنعها، نظرًا لأنها كانت تحلق فوق المياه الدولية".

في الحرب الهجينة يتم استخدام مجموعة من التكتيكات العسكرية والسيبرانية والاقتصادية وحتى النفسية لمهاجمة العدو أو زعزعة استقراره دون أن يكون قادرًا على تحديد هوية المهاجم

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، "أثارت تقارير عن أسراب طائرات بدون طيار فوق الساحل الشرقي للولايات المتحدة مخاوف واسعة النطاق من الحرب الهجينة"، وإن كانت نتائج الفحص الذي قام به متخصصون أميركيون، استبعدت أن تكون "طائرات مراقبة أجنبية"، لكنّ هذه الخلاصة لا تنطبق في حال من الأحوال، حسب مصادر تحدثت لنيويورك تايمز، على الطائرات بدون طيار  التي تم رصدها في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر وأوائل كانون الأول/ديسمبر 2024 فوق القواعد العسكرية في إنجلترا وألمانيا حيث تتمركز القوات الأميركية. إذ خلص المحللون العسكريون إلى أن هذه الطائرات بدون طيار "ربما كانت في مهمة مراقبة برعاية دولة أجنبية، وفقًا لمسؤول أميركي مطلع على الحوادث، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة تحقيق مفتوح. فيما رفض مسؤولو الدفاع البريطانيون والألمان مناقشة تفاصيل تلك الأحداث.

ويرى الخبراء العسكريون أنّ وجود الطائرات بدون طيار "كان مؤشرًا على ما يسمى بالهجوم الهجين أو "هجمات المنطقة الرمادية" ضد الغرب، حيث يتم استخدام مجموعة من التكتيكات العسكرية والسيبرانية والاقتصادية وحتى النفسية لمهاجمة العدو أو زعزعة استقراره دون أن يكون قادرًا على تحديد هوية المهاجم".

ومع تزايد النشاط الروسي والإيراني والصيني في استخدام تكتيكات الحرب الهجينة في هجماتها على الدول الغربية ياختراق أنظمة الكمبيوتر الحساسة ومؤامرات الاغتيال المزعومة، بات مسؤولو الدفاع في الغرب يواجهون تحديًا شائكًا، حول كيفية ردع مثل هذه الأعمال دون إشعال صراع أوسع نطاقًا وربما مميتًا؟ وكيفية إلقاء اللوم والاتهام على المهاجم الفعلي مع العلم أن تلك الهجمات مصممة للتهرب من المسؤولية على الرغم من أنها ليست عشوائية؛ بل جزءً من العمليات العسكرية".

وبحسب الخبراء الذين تحدثوا لنيويورك تايمز فإنّ "الهجمات الهجينة ليست جديدة، لكنها تصاعدت في السنوات الأخيرة"،  وقد وقع أحد أكثر الحوادث وضوحًا وفتكا في تموز/ يوليو الماضي عندما انفجرت سلسلة من الطرود في أوروبا.

كانت الطرود التي تحمل ختم البريد من ليتوانيا تحتوي على آلات تدليك كهربائية تحتوي على مادة شديدة الاشتعال تعتمد على المغنيسيوم في الداخل. وقد انفجرت اثنتان في منشآت شحن DHL في بريطانيا وألمانيا، والثالثة في شركة توصيل بولندية.

وكان مسؤولون غربيون ومحققون بولنديون عبّروا عن اعتقادهم أن الطرود "كانت اختبارًا أجرته وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية لزرع متفجرات على طائرات شحن متجهة إلى الولايات المتحدة وكندا".

بدوره قال وزير الخارجية الليتواني حينها كيستوتيس بودريس، "نقول لحلفائنا إنها ليست عشوائية؛ إنها جزء من العمليات العسكرية. نحن بحاجة إلى تحييدها ووقفها عند المصدر، والمصدر هو الاستخبارات العسكرية الروسية"، مع الإشارة إلى روسيا نفت حينها وقوفها وراء أعمال التخريب تلك.

ومن الأمثلة الأخرى على التكتيكات الهجينة "الهجمات الإلكترونية على ألبانيا في السنوات الماضية، والتي خلص تحقيق أجرته شركة مايكروسوفت إلى أنها كانت برعاية إيران. يضاف إليها محاولة روسيا الفاشلة، حسب نيويورك تايمز، للتأثير على الانتخابات الرئاسية باستخدام التضليل في مولدوفا في تشرين الأول /أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وفقًا لمسؤولين مولدوفيين وأوروبيين. كما تحقق الدول الأوروبية فيما إذا كان سفن روسية، تنتمي إلى ما يسمى أسطول الظل الروسي، وراء عمليات القطع العمد لكابلات تحت الماء في الأشهر الأخيرة.

في السياق ذاته يرى الخبراء أنّ الصين وإيران وكوريا الشمالية أظهرت شهيةً متزايدة للهجمات الهجينة، مقتديةً في ذلك بروسيا التي طورت هجماتها الهجينة منذ غزوها لأوكرانيا.

وفي هذا الصدد يقول جيمس أباتوراي، نائب مساعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الذي يشرف على استراتيجية الحرب الهجينة، "لقد صعدت روسيا من هجماتها الهجينة على نطاق واسع، ونتيجة لذلك، وصلت إلى مستويات تثير قلقًا متزايدً، فالروس على استعداد تنفيذ المزيد من الهجمات التي تمثل خطرًا على دولنا وعلى سلامة أرواح مواطنينا".

ويرى المسؤولون الذين يشرفون على استراتيجية الحرب الهجينة في الناتو أنّ بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة ودول البلطيق ودول الشمال الأوروبي القريبة من حدود روسيا، من بين الدول الغربية الأكثر استهدافًا بالتهديدات الهجينة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دعمها البارز لأوكرانيا.

ففي العام الماضي، "كشفت وكالات الاستخبارات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي عن مؤامرة روسية لقتل الرئيس التنفيذي لشركة الأسلحة الألمانية العملاقة، راينميتال، التي صنعت أسلحة وذخيرة بقيمة ملايين الدولارات لأوكرانيا" وفقًا لمسؤولين غربيين.

وكانت الطائرات بدون طيار التي تم رصدها في بريطانيا في تشرين الثاني/نوفمبر وفي ألمانيا بعد ذلك، دليلًا إضافيًا على أنّ المستهدف الرئيسي هي الدول الداعمة لأوكرانيا، فقد ظهرت بعد ثلاثة أيام من تصريح الرئيس بايدن بأن أوكرانيا قد تطلق صواريخ أمريكية الصنع على روسيا.

تجدر الإشارة إلى أن الطائرات المرصودة في ألمانيا وبريطانيا استهدفت بالأساس مواقع عسكرية أميركية في البلدين، على غرار قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، وهي واحدة من أكبر المواقع العسكرية الأمريكية في أوروبا.

ونفت روسيا مرارًا وتكرارًا شن هجمات هجينة ضد حلف شمال الأطلسي، وسخرت في كثير من الحالات من الاتهامات، على الرغم من أن مسؤولي حلف شمال الأطلسي يقولون إن موسكو أنشأت مديرية خاصة تركز على تنفيذ تلك الهجمات.

استراتيجية الردع الغربية:

أكّدت صحيفة نيويورك تايمز أنّ حلف شمال الأطلسي بدأ في إنشاء استراتيجية جديدة لمواجهة الهجمات الهجينة لتحل محل سياسة عام 2015 التي يقول إنها عفا عليها الزمن الآن. ونقلت الصحيفة عن المشرف على استراتيجية الحرب الهجينة جيمس  أباتوراي قوله "إن النهج الجديد سيوفر صورة أساسية للهجمات الهجينة الأخيرة لمساعدة التحالف على قياس ما إذا كانت مستويات المخاطر تتصاعد"، مؤكّدًا أنه "من المهم للحلفاء تحديد مدى خطورة الحادث، وما قد يكون ردهم عليه".

تتّهم الولايات المتحدة وأوروبا، روسيا وإيران والصين باتباع تكتيكات الحرب الهجينة

كما يكثف الاتحاد الأوروبي جهوده الرامية إلى احتواء الحرب الهجينة على الغرب، حيث فرض عقوبات في منتصف كانون الأول لأول/ديسمبر الماضي على أشخاص متهمين على وجه التحديد بالانخراط في تهديدات هجينة مؤيدة لروسيا، كما كلف مؤخرًا أربعة مفوضين كبار بمكافحة التهديدات الهجينة.

ويتفق المسؤولون والخبراء على أن مجموعة واسعة من التدابير مطلوبة لردع الهجمات الهجينة والحماية منها، بما في ذلك المزيد من "التشهير بالخصوم وفرض العقوبات القانونية؛ وتحسين أنظمة الاستخبارات والتقنية لمراقبة التهديدات؛ والتدريبات العسكرية وغيرها من مظاهر القوة لإثبات أن حتى الاعتداءات السرية لن تمر دون عقاب" وفقًا لنيويورك تايمز.

لكن هذا يتطلب، حسب الخبراء، "الوحدة بين أعضاء الناتو، وخاصة عندما تعبر الهجمات الحدود الدولية"، ولأن الحرب الهجينة مصممة بطبيعتها للتهرب من الإسناد الواضح للمسؤولية، فقد تردد المسؤولون في إطلاق ردود قوية دون وجود دليل لا جدال فيه على هوية الخصم، وقد شجع هذا روسيا والصين على تجاوز الحدود" وفقًا للمسؤولين والدبلوماسيين والخبراء حسب نيويورك تايمز.

ولفتت الصحيفة الأميركية النظر إلى ما كتبه الخبير البريطاني تشارلي إدواردز في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي: "ما دام حلف شمال الأطلسي والدول الأعضاء في أوروبا يختلفون حول كيفية الرد بشكل أكثر حزمًا على الحرب الهجينة التي يشنها الكرملين، فإن أوروبا ستظل عُرضة للخطر. إن الفشل في التصرف يعني أن الكرملين يحتفظ بالميزة الاستراتيجية" على حدّ تعبيره.

 

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة