1. سياسة
  2. سياق متصل

تهديد داعش طويل الأمد للشرق الأوسط.. مستمر بتغذية السعودية للطائفية

29 يوليو 2017
مهجرون من تلعفر على يد داعش (الأناضول)
الترا صوتالترا صوت

على الرغم من أن الولايات المتحدة قد سَلِمَتْ نسبيًّا من تهديد داعش، كما يقول دانيال بيمان، فإن الشرق الأوسط يتحمل وطأة عدوان الدولة الإسلامية حتى خارج مناطق الحرب الواضحة. وحتى لو ظل عددُ الهجمات على الداخل الأمريكي منخفضًا، فإن الدولة الإسلامية والفوضى اللاحقة ستهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لسنوات قادمة بفضل سياسات بعض حلفائها مثل السعودية وما تقترفه من تغذية للطائفية، وكذلك الحال مع الإمارات العربية المتحدة التي تستمر بحرف بوصلة الحرب على الإرهاب نحو حروب أخرى مفتلعة. في التالي تفاصيل ترجمة المقال كاملًا عن معهد بروكنز في واشنطن. 


في عصر ما بعد 11 سبتمبر، تعرضت الولايات المتحدة لهجمات إرهابية أقل مما توقعه العديدُ من المراقبين، حتى مع وجود تهديد الدولة الإسلامية الذي يلوح في الأفق. إن السلامة النسبية للداخل الأمريكي تعود جزئيًّا إلى قيام الولايات المتحدة بعملياتها لمكافحة الإرهاب في الخارج: إذْ يجمع شركاءُ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط معلوماتٍ استخباراتيةً عن تنظيم الدولة الإسلامية، ويعرقلون مقاتليها ونشطاءَها، ويعيقون الطائرات بدون طيار والمقاتلات الجوية، ويقصفون الجماعة بالتنسيق مع القوات الأمريكية. وقد أدت الأعمالُ العدوانية التي قامت بها دول الشرق الأوسط إلى خفض قوة تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي ساعدت على منع الهجمات ضد الولايات المتحدة في عُقر دارِها. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد سَلِمَتْ نسبيًّا من تهديد داعش، فإن الشرق الأوسط يتحمل وطأة عدوان الدولة الإسلامية حتى خارج مناطق الحرب الواضحة. وحتى لو ظل عددُ الهجمات على الداخل الأمريكي منخفضًا، فإن الدولة الإسلامية والفوضى اللاحقة ستهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لسنوات قادمة.

حتى لو ظل عددُ الهجمات على الداخل الأمريكي منخفضًا، فإن الدولة الإسلامية والفوضى اللاحقة ستهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لسنوات قادمة

غالبًا ما تكون المصطلحات المتعلقة بالهجمات الإرهابية مضلِّلة، وغالبًا ما يُساء فهمُ الخطر الناتج عن ذلك في الشرق الأوسط. فوصف الدولة الإسلامية -ومقاطَعاتها المماثلة لأشباه الدوَل وحركات التمرد - بالإرهاب يشوش على الكثير من ممارسات التنظيم. إن تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات ذات الصلة يستخدمون الإرهاب بالطبع، ولكنهم يمارسون أيضًا حركات تمرد ويسيطرون على الأراضي، ويشكلون المنطقة، بخلاف الهجمات الإرهابية المعهودة. وكثيرًا ما تكون هذه الأعمال أكثرَ خطورةً وأبعدَ من الإرهاب.

اقرأ/ي أيضًا: فالس مع الإرهاب

تتغذى الدولة الإسلامية على الحروب التي تشكل تهديدًا لمنطقة الشرق الأوسط بأسْرها. ووجود الدولة الإسلامية ومقاطعاتها أو الجماعات المتشابهةِ التفكيرِ يعوق سيْرَ المفاوضات: فيوجد الآن أطراف في الحرب لا يمكن أن تكون على طاولة المفاوضات بسبب أعمالهم ومعتقداتهم المروعة. كما أن أيديولوجية الدولة الإسلامية وممارساتها الضارة تؤدي أيضًا إلى طرد السكان من أراضيهم المحتلة، مع اضطرار الأقليات الدينية والمسلمين السُّنَّة الذين لا يمتثلون لمعايير التنظيم المتطرف إلى مواجهة مصائر الفرار أو الموت أو الاسترقاق. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنظيم لا يحترم الحدود، ويحاول نشر الحروب الأهلية في الدول المجاورة بينما يسعى للدفاع عن أراضيه وتوسيعها.

 يستفيد تنظيم الدولة الإسلامية من تفاقم الطائفية التي تغذيها خطابات الدعاة التابعين للنظام السعودي

غير أن التنظيم يشكل، فيما وراء الحرب، تهديدًا رئيسيًّا للديمقراطية في المنطقة. كان الدكتاتوريون الإقليميون  يدافعون عن حكمهم منذ زمن طويل، باعتبار الخيار المتاح أمام شعوبهم إما أن يكون بينهم وبين الهاوية، مما يجبر السكان على الاختيار بين السلامة الشخصية أو الحرية السياسية. ومما يساعد قضيتهم أن الدولة الإسلامية تُحاكي تقريبًا الشرَّ الذي يدعي هؤلاء المستبدون أنهم يقاومونه. ففي مصر والأردُنّ ودول أخرى، لجأ الحكام إلى الاستبداد أو تأخيرِ الإصلاح جزئيًّا باسم الحفاظ على الأمن ضد الإرهابيين. وقد أعطى صعود الدولة الإسلامية مصداقيتها لأنها قاومت التغيير.

كما يستفيد تنظيم الدولة الإسلامية من تفاقم الطائفية. ونجد أن إحدى أكثر رسائل التجنيد نجاحًا في التنظيم هي المتعلقة بالخطر الذي يتعرض له المسلمين السُّنّة لخطر من قِبَل المسلمين الشيعة بقيادة إيران، وهو تحالف يضم الحكومة العراقية ونظام الأسد والطائفة الحوثية اليَمَنية وحزب الله اللبناني. ويروج بعض الدعاة المُهمّين في المملكة العربية السعودية ودولٍ أخرى لهذه المؤامرةَ المعادية للسنة، مما يزيد من شرعية التنظيم. ذَبَحت الدولةُ الإسلامية الشيعةَ، وحَرَّضتْ أفعالُها الشيعةَ على استهداف المسلمين السُّنَّة أيضًا، مما أدى إلى استمرار هذه الدائرة المفرغة. كما استهدف تنظيم الدولة الإسلامية وغيرُه من الجهاديين السكانَ المسيحيين في الشرق الأوسط، مما أدى إلى هروب المجتمع المحلي مرة واحدة من المنطقة بشكل كبير. ومنذ عام 2003 وحتى الوقت الحاضر، انخفض عدد السكان المسيحيين العراقيين من مليون إلى 300 ألفِ شخص، بالإضافة إلى هجرة حوالي نصف المسيحيين السوريين في العقد الماضي.  

اقرأ/ي أيضًا: السعودية والإرهاب.. جرائم بشهود وجلاجل

تأجج هذه النعرة الطائفية يعيد تشكيلَ المنطقةِ كلها. فعلى سبيل المثال، تدخلت السعودية في جزء من اليمن لوقف صعود الحوثيين، وهي جماعة شيعية تعتقد أنها تتلقى دعمًا من إيران بسبب هويتهما الشيعية المشتركة. وفي حين بالغت الرياض في مستوى الدعم الإيراني في ذلك الوقت، فإن هذه الخطوة وفرت لإيران انفتاحًا أكبر لمساعدة الجماعة المحاصَرة، مما أدى إلى زيادة دور طهران في اليمن. هذه المشاعر المعادية للشيعة في المملكة العربية السعودية تنتج عن شكوك العائلة المالكة ضد إيران.

في حين أن الولايات المتحدة ومعظمَ حلفائها الإقليميين يعارضون بشدة تنظيم داعش، فإن السعودية والإمارات العربية المتحدة تعطي الأولوية لمحاربة إيران وتدمير جماعة الإخوان المسلمين

علاوة على ذلك، فإن الدول الإقليمية غيرُ مستعدة لعودة المقاتلين الأجانب مع استمرار الدولة الإسلامية في التراجع. فقد اجتذب تنظيم الدولة الإسلامية أكثرَ من 40 ألفَ مقاتل أجنبي، والغالبية العظمى من الشرق الأوسط الكبير. من الناحية التاريخية، ارتكب هؤلاء المقاتلون هجمات إرهابية لدى عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، بل وزرعوا مجموعات إرهابية ومتمردة جديدة. والدول الإقليمية غير مستعدة لعودة هؤلاء المقاتلين: فالسجون ممتلئة؛ وجهاتُ إنفاذ القانون لا يمكن لها أن تتتبع العائدين في كثير من البلدان؛ بل إن بعض الدول قد أرسلت هؤلاء الشبانَ الساخطين العُنُفَ ليقاتلوا في الخارج تخلُّصًا من العُنف في الوطن. بالإضافة لذلك، قد تكون الدول المجاورة معرضة للخطر بشكل خاص؛ لأن المقاتلين الأجانب يفرون إلى هذه المناطق ويحاولون إثارة العنف هناك.

ومن منظور السياسة الأمريكية، فإن الخطر على الشرق الأوسط يزداد تعقيدًا بسبب الطبيعة المزعجة لحلفائها الإقليميين. بعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، تُعتبر شريكة حيوية في تبادل المعلومات الاستخباراتية، إلا أنها تدعم بعثات التبشير التي تثير الطائفية ومعاداة السامية، ومعاداة الولايات المتحدة. بل إن دُولًا أخرى قد ترغب في وجود مشكلة جهادية، وإن كانت منخفضةَ المستوى، لجذب المساعدات الأمريكية وتسويغ حالة أمنية. ولعل الأهم من ذلك أن الولايات المتحدة لا تتفق مع حلفائها على إعطاء الأولوية لتنظيم الدولة الإسلامية. وفي حين أن الولايات المتحدة ومعظمَ حلفائها الإقليميين يعارضون بشدة ذلك التنظيم، فإن السعودية والإمارات العربية المتحدة تعطي الأولوية لمحاربة إيران وتدمير جماعة الإخوان المسلمين. وتَرى دولٌ أخرى أن النظام السوري عدو أكبر من الدولة الإسلامية. وبينما تقاوم الولايات المتحدة وحلفاؤها المحليون ذلك التنظيم، فمن المرجح أن تتصاعد هذه التوترات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لماذا كل هذا الفشل المصري في مكافحة الإرهاب؟

السعودية عرابة الإرهاب.. تقرير "هنري جاكسون" يُذكّر بما يعرفه الجميع

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة