توسيع نطاق قانون "الإزالة السريعة".. إدارة ترامب تسعى لترحيل ملايين المهاجرين
1 يمشي 2025
في خطوة جديدة، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مذكرة داخلية تطالب بتسريع عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين من داخل الولايات المتحدة، في محاولة لتنفيذ وعوده الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين.
وتهدف الخطة، التي كُشف عنها في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، إلى توسيع نطاق قانون "الإزالة السريعة"، وهو ترحيل المهاجرين الذين ليس لديهم جلسة استماع قضائية أو مستشار قانوني ويقتصر على المناطق الحدودية، ليشمل كافة أنحاء البلاد، مما قد يؤدي إلى ترحيل أكثر من مليون مهاجر دخلوا إلى الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
يرى مراقبون أن هذا التوسع غير المسبوق في استخدام قانون "الإزالة السريعة" يهدف إلى الالتفاف على التعقيدات القانونية التي تعيق عمليات الترحيل الجماعي
توسيع نطاق الترحيل السريع
تضمنت المذكرة، التي وُزعت على مسؤولي الهجرة والجمارك (ICE) في 18 شباط/فبراير الماضي، توجيهات بمراجعة سجلات نحو 8 ملايين مهاجر لتحديد الأفراد الذين يمكن ترحيلهم بسرعة دون الحاجة إلى جلسات استماع قضائية طويلة. وتشمل الفئات المستهدفة المهاجرين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية عبر الحدود، أو أولئك الذين تم السماح لهم بالدخول تحت برامج إنسانية مؤقتة مثل العفو الرئاسي أو الدخول المشروط ولم يتقدموا بطلبات لجوء. كما تستهدف المذكرة أيضًا المهاجرين الذين دخلوا البلاد عبر المنافذ الرسمية ولكنهم يفتقرون إلى الوثائق القانونية أو قدموا معلومات زائفة.
🎥 #الولايات_المتحدة.. منشأة سرية لاحتجاز المهاجرين في #غوانتانامو. pic.twitter.com/kH1zwv0ivQ
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 21, 2024
ويرى مراقبون أن هذا التوسع غير المسبوق في استخدام قانون "الإزالة السريعة" يهدف إلى الالتفاف على التعقيدات القانونية التي تعيق عمليات الترحيل الجماعي. فمن المعروف أن المهاجرين الذين يقيمون في البلاد منذ فترة طويلة يملكون حق الاستئناف القانوني، وهو ما قد يؤخر ترحيلهم لسنوات، مما يجعل إدارة ترامب تركز على استهداف الفئات الأضعف قانونيًا، مثل المهاجرين الجدد الذين ليس لديهم وضع قانوني واضح.
ردود فعل قانونية وسياسية
أثار القرار الجديد ردود فعل قوية من منظمات الحقوق المدنية والجماعات المدافعة عن المهاجرين، حيث وصفه البعض بأنه يمثل تعديًا خطيرًا على الحقوق الأساسية للمهاجرين، خاصة أنه يسمح بترحيل الأفراد دون جلسات استماع عادلة. ويشير المحامي المتخصص في قضايا الهجرة، إيرا كورزبان، في حديثه لصحيفة "واشنطن بوست"، إلى أن "هذا القرار يمثل محاولة للالتفاف على أحد المبادئ الأساسية لقانون اللجوء، وهو عدم إعادة الأشخاص إلى دول قد تهدد حياتهم أو حريتهم".
كما يرى المحامون أن المذكرة قد تشمل مهاجرين دخلوا البلاد بشكل قانوني عبر برامج العفو الإنساني، ولكنهم فقدوا وضعهم القانوني بسبب قرارات إدارية لاحقة، مما يزيد من المخاوف بشأن انتهاك حقوق اللاجئين والمهاجرين الذين قد يواجهون مخاطر جسيمة في حال ترحيلهم.
كما يرى خبراء قانونيون أن إدارة ترامب قد تواجه تحديات قانونية عند محاولة تنفيذ هذه السياسات على نطاق واسع. فقد سبق أن حاول ترامب توسيع قانون "الإزالة السريعة" في عام 2019، لكن محكمة فيدرالية أوقفت تنفيذ القرار مؤقتًا. ومع ذلك، يبدو أن الإدارة الحالية أكثر تصميمًا على تجاوز العقبات القانونية من خلال التوسع في استهداف الفئات التي يمكن ترحيلها دون الحاجة إلى مراجعات قضائية طويلة.
الأبعاد السياسية والانتخابية للقرار
لا يمكن فصل هذه الإجراءات عن السياق السياسي الذي تمر به الولايات المتحدة، حيث يسعى ترامب إلى تعزيز موقفه من خلال تقديم نفسه كزعيم قادر على فرض سياسات صارمة للهجرة. وتُظهر تصريحات كبار المسؤولين في إدارته أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو الوفاء بوعوده الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، وهو ما يجذب قاعدته الانتخابية اليمينية التي ترى في الهجرة تهديدًا اقتصاديًا وأمنيًا.
المئات من المهاجرين توجهوا عبر المكسيك نحو حدود الولايات المتحدة على أمل دخول أراضيها قبل الانتخابات الرئاسية، خشية وصول ترامب إلى سدة الحكم وإغلاقه الحدود.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) July 23, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/V0WAoh5ibu pic.twitter.com/uLtPVRG4Lw
من ناحية أخرى، يحذر منتقدو ترامب من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، خاصة في ظل احتمالات استهداف مهاجرين لديهم جذور قوية في المجتمع الأميركي. فقد أشار السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى أن "ترامب يسعى لتنفيذ أجندة الترحيل بشكل سريع قبل أن تواجه خطته معارضة واسعة من الكونغرس والمحاكم الفيدرالية". ويرى معارضو القرار أنه قد يساهم في خلق أزمة إنسانية، خاصة إذا تم تنفيذ الترحيل دون مراجعة الحالات بشكل دقيق.
التحديات اللوجستية أمام التنفيذ
بالإضافة إلى العقبات القانونية، تواجه إدارة ترامب تحديات لوجستية كبيرة في تنفيذ عمليات الترحيل الجماعي على هذا النطاق الواسع. فمن الصعب تحديد أماكن إقامة جميع المهاجرين المستهدفين، خاصة أن كثيرين منهم يعيشون في مناطق متفرقة داخل الولايات المتحدة. كما أن تتبع وضعهم القانوني وتحديد ما إذا كانوا قد قدموا طلبات للحصول على الإقامة الدائمة أو اللجوء يمثل عقبة أخرى قد تؤخر تنفيذ القرار.
ومن بين التحديات الأخرى، مسألة التعامل مع الدول التي ترفض استعادة مواطنيها المرحلين. فغالبًا ما ترفض بعض الدول استقبال المرحلين، مما يجبر سلطات الهجرة على الإفراج عنهم مؤقتًا. وسبق أن هدد ترامب بفرض عقوبات على هذه الدول لإجبارها على التعاون في عمليات الترحيل، وهو ما قد يزيد من التعقيدات الدبلوماسية في العلاقات الأميركية مع بعض الدول.
التداعيات الإنسانية لقرارات الترحيل
تعتبر المنظمات الحقوقية أن توسيع نطاق الترحيل السريع يمثل خطرًا على المهاجرين الذين قد يواجهون الاضطهاد أو حتى الموت في بلدانهم الأصلية. ووفقًا لتقرير "واشنطن بوست"، يرى الناشط الحقوقي لي جيليرنت، الذي يقود دعوى قضائية ضد إدارة ترامب، أن "الإزالة السريعة عند الحدود أدت إلى أخطاء جسيمة، ولكن تطبيقها على نطاق أوسع داخل الولايات المتحدة يمثل مستوى آخر من الخطورة"، محذرًا من التداعيات الإنسانية التي قد تترتب على هذه السياسة الموسعة.
ويشير التقرير إلى أن بعض المرحلين قد يتم إرسالهم إلى دول ثالثة، وليس إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى التزام الإدارة الأميركية باتفاقيات حقوق الإنسان. كما أن العديد من المرحلين قد يواجهون تحديات في إعادة الاندماج في المجتمعات التي فروا منها، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في بعض الدول.
يدعي #ترامب أن المهاجرين الهايتيين يسرقون الحيوانات الأليفة من المنازل ويأكلونها. وهي المزاعم الكاذبة التي تشبث بها اليمينيون المحافظون للتحريض على الهايتيين.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 14, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/tJdyddpGek pic.twitter.com/6fOpbE6XyJ
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
مع تصاعد الضغوط القانونية والاحتجاجات من منظمات المجتمع المدني، يبقى السؤال: هل سيتمكن ترامب من تنفيذ خطته قبل أن تواجه معارضة قوية من القضاء ومنظمات الحقوق المدنية؟ وبينما تؤكد إدارته أنها تسعى لحماية الأمن القومي وتقليل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن الهجرة غير الشرعية، يرى منتقدوها أن هذه السياسات تمثل هجومًا غير مسبوق على حقوق المهاجرين، وقد تخلق أزمة إنسانية داخل الولايات المتحدة، خاصة إذا تم تنفيذ الترحيل دون مراجعات قانونية عادلة.
في ظل هذه التطورات، تبقى معركة الهجرة واحدة من القضايا الأكثر حساسية في المشهد السياسي الأميركي، حيث تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل إدارة ترامب مع التحديات القانونية واللوجستية التي تعترض طريقها، وما إذا كانت ستتمكن من فرض رؤيتها في ظل الانقسامات العميقة داخل المجتمع الأميركي بشأن هذه القضية.