توسيع وقف إطلاق النار ليشمل البحر الأسود.. هل تفلح مساعي واشنطن مع موسكو وكييف؟
24 يمشي 2025لم تُبدِ روسيا انطباعًا إيجابيًا بشأن المباحثات الجارية في العاصمة السعودية الرياض، الهادفة إلى توسيع اتفاق وقف إطلاق النار الجزئي ليشمل منطقة البحر الأسود والبنية التحتية. ففي حين أرسلت أوكرانيا وزير دفاعها برفقة عدد من كبار المسؤولين، وشاركت الولايات المتحدة بوفد ضم مسؤولَين رفيعَين من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، اكتفت موسكو بإيفاد وفد ضمّ سيناتورًا ودبلوماسيًا سابقًا، إلى جانب مسؤول في جهاز الأمن الداخلي الروسي.
وقد دفعت طبيعة الوفد الروسي عددًا من الدول الأوروبية إلى التشكيك في مدى جدّية الرئيس فلاديمير بوتين في الدفع باتجاه توسيع اتفاق وقف إطلاق النار، فضلًا عن تقديم أي تنازلات.
وفي حين عبّر الوفد الأوكراني عن رضاه إزاء المفاوضات التي جرت يوم أمس مع نظيره الأميركي، أبدى قلقًا أكبر بشأن المفاوضات التي تُعقد اليوم الإثنين بين الوفدين الأميركي والروسي في الرياض.
في حين أرسلت أوكرانيا وزير دفاعها محاطًا بمسؤولين كبار، وشاركت الولايات المتحدة بوفدٍ مكونٍ من مسؤوليْن كبيرين في الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي، اكتفت موسكو بإرسال وفدٍ ضمّ سيناتورًا وديبلوماسيًا سابقًا، بالإضافة إلى مسؤولٍ بجهاز الأمن الداخلي الروسي.
المحادثات الأميركية ـ الروسية
بدأ مسؤولون أميركيون وروس، اليوم الإثنين، محادثات في مدينة الرياض، بهدف إحراز تقدم نحو وقفٍ لإطلاق النار واسع النطاق في أوكرانيا يشمل البنية التحتية السكنية. كما تتطلع واشنطن، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء، إلى اتفاقٍ منفصل لوقف إطلاق النار في البحر الأسود.
وتأتي هذه المحادثات، التي أعقبت اللقاء الأميركي–الأوكراني يوم أمس الأحد، بعد أن أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مكالمتين منفصلتين الأسبوع الماضي مع كلٍّ من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والروسي فلاديمير بوتين.
ونقلت "رويترز" عن مصدر مطّلع على سير المفاوضات أن الهدف الأساسي للبيت الأبيض من هذه الجولة هو التوصل إلى هدنة بحرية في البحر الأسود، تتيح حرية الملاحة في المنطقة، رغم أنها لم تشهد عمليات عسكرية واسعة النطاق خلال الأشهر الأخيرة.
من جهته، أكّد مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، أن فرق التفاوض في السعودية ستناقش إلى جانب وقف إطلاق النار في البحر الأسود، مسألة "خط السيطرة" بين روسيا وأوكرانيا، بما يشمل إجراءات للتحقّق، وحفظ السلام، وتثبيت الحدود الحالية، مضيفًا أن المحادثات تشمل أيضًا مناقشة "إجراءات لبناء الثقة، بما في ذلك إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين اختطفتهم روسيا".
في المقابل، صرّح الكرملين بأن المحادثات ستركز "بشكل رئيسي على دراسة آفاق التنفيذ المحتمل لمبادرة تأمين الملاحة في البحر الأسود". وكانت تركيا والأمم المتحدة قد توسطتا، في تموز/يوليو 2022، في اتفاقية "مبادرة حبوب البحر الأسود"، التي سمحت بتصدير قرابة 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية رغم الحرب، قبل أن تنسحب موسكو منها عام 2023، احتجاجًا على ما وصفته بـ"عقبات خطيرة" تعيق صادراتها من الأغذية والأسمدة.
تباين المواقف الأميركية والأوروبية بشأن روسيا
في الوقت الذي أعرب فيه ترامب عن رضاه الكامل عن مسار المحادثات وثقته في نوايا بوتين لإنهاء الحرب، أبدت قوى أوروبية كبرى شكوكًا تجاه مدى استعداد الرئيس الروسي لتقديم تنازلات جوهرية، مشيرة إلى أنه لا يزال يتمسك بمطالب تعتبرها أوروبا "متطرفة"، ولم تتغير منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
ورغم إعلان بوتين استعداده لمناقشة وقف الحرب، فإنه يشترط تخلي أوكرانيا رسميًا عن سعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إضافة إلى انسحاب قواتها من أربع مناطق أوكرانية تُسيطر موسكو على معظمها.
في المقابل، قلّل المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، من مخاوف حلفاء واشنطن في الناتو من أن يؤدي التوصل إلى اتفاق إلى تشجيع موسكو على غزو دول أخرى، قائلًا في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز":لا أعتقد أن بوتين يريد السيطرة على أوروبا بأكملها. الوضع مختلف تمامًا عمّا كان عليه في الحرب العالمية الثانية. أشعر أن بوتين يريد السلام."
وفي تصريحات بثها التلفزيون الرسمي الروسي، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن مسار التسوية في أوكرانيا "معقّد للغاية ويتطلب الكثير من العمل"، معتبرًا أن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولى.
في الوقت الذي أعرب فيه ترامب عن رضاه التام عن سير المحادثات وثقته في إرادة الرئيس بوتن لإنهاء الحرب، شكّكتْ القوى الأوروبية الكبرى في استعداد الرئيس الروسي لتقديم تنازلات جوهرية
مخرجات المباحثات الأميركية الأوكرانية
أفاد وزير الدفاع الأوكراني، رستم عمروف، بأن المحادثات الأميركية–الأوكرانية تضمنت مقترحات لحماية منشآت الطاقة والبنية التحتية الحيوية، قائلًا في منشور عبر فيسبوك: "اختتمنا اجتماعنا مع الفريق الأميركي. وكان النقاش مثمرًا ومركّزًا، وقد أثرنا نقاطًا رئيسية، من بينها ملف الطاقة".
وأضاف عمروف أن بلاده "تعمل على تحويل هدفها في تحقيق سلامٍ عادل ومستدام إلى حقيقة ملموسة على الأرض".
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد استبق المحادثات في السعودية بنشر رسالة أكّد فيها على ضرورة "دفع بوتين إلى اتخاذ قرار فعلي بوقف الضربات على أوكرانيا"، مضيفًا: "من بدأ هذه الحرب، عليه أن يُنهيها".
وتابع زيلينسكي: "من الواضح للجميع أن روسيا هي الطرف الوحيد الذي يواصل إطالة أمد هذه الحرب"، معتبرًا أنه "من دون ممارسة ضغوط فعلية على موسكو، فإنها ستواصل تجاهل الدبلوماسية الحقيقية وتدمير حياة الناس"، على حدّ تعبيره.