خبراء: استهداف الصحفيين في حاصبيا قد يشكل جريمة حرب
25 نوفمبر 2024
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن إسرائيل استخدمت ذخيرة أميركية لاستشهاد ثلاثة صحفيين لبنانيين في هجوم استهدفهم في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في جنوب لبنان.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن خبراء قانونيين قولهم إن الهجوم الإسرائيلي على الصحفيين قد يشكل جريمة حرب، مشيرة إلى دعوتهم لإجراء المزيد من التحقيقات بهذا الشأن.
استهدفت غارة إسرائيلية في ساعة مبكرة بيت ضيافة كان يقيم فيه الصحفيون في منطقة حاصبيا، مما أدى إلى استشهاد المصور غسان نجار ومهندس البث محمد رضا، العاملين في قناة "الميادين"، والمصور وسام قاسم العامل في قناة "المنار"، رغم أن المنطقة لم تكن تشهد قتالًا.
نقلت الصحيفة في تقريرها عن خبراء قانونيين قولهم إن الهجوم الإسرائيلي على الصحفيين قد يشكل جريمة حرب
زارت "الغارديان" موقع الهجوم، وأجرت مقابلات مع مالك البيت وصحفيين كانوا متواجدين وقت الهجوم، كما حللت الشظايا التي عُثر عليها في الموقع ومعدات المراقبة الإسرائيلية التي غطت الموقع الجغرافي حيث كان الصحفيون. واستنادًا إلى تحليل الصحيفة البريطانية، قال ثلاثة خبراء في القانون الإنساني الدولي إن الهجوم قد يشكل جريمة حرب ودعوا إلى مزيد من التحقيق.
Breaking- A Guardian investigation can reveal Israel used a US munition to target & kill 3 journalists in south Lebanon on 25 Oct, a potential war crime.
— Will Christou (@will_christou) November 25, 2024
Israeli surveillance tech & use of precision bomb means it likely knew it was targeting journalists.https://t.co/aOcrAQW9Zy
جريمة حرب محتملة
"تظهر جميع المؤشرات أن هذا استهداف متعمد للصحفيين، وهو جريمة حرب"، يقول المحامي والمدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي، نديم حوري، مضيفًا: "تم تحديد المكان بوضوح على أنه مكان يقيم فيه صحفيون".
وبعد الهجوم، ادعى جيش الاحتلال أنه قصف "موقعًا عسكريًا لحزب الله بينما تواجد عناصره داخل المبنى". وبعد ساعات قليلة، قال الجيش الإسرائيلي إن الحادث "قيد المراجعة" إثر تقارير تفيد بأن صحفيين أصيبوا في الضربة.
وأشارت "الغارديان" إلى أنها لم تجد أي دليل على وجود بنية تحتية عسكرية لحزب الله في موقع الهجوم، ولم يتواجد في الموقع سوى صحفيين ومدنيين. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب توضيح تقدمت به الصحيفة البريطانية.
شهادات من عائلات الصحفيين
في مقابلة مع صحيفة "الغارديان"، قالت زوجة الصحفي غسان نجار، سناء: "غسان لم يكن عضوًا في حزب الله، بل كان يعمل في الصحافة. لم يكن لديه سلاح أبدًا، ولا حتى للصيد"، مضيفةً: "سلاحه كان كاميرته". ترك غسان وراءه ابنًا يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف.
من جهتها، لفتت المديرة المشاركة لمعهد أكسفورد للأخلاقيات والقانون والصراع المسلح، جانينا ديل، إلى "توجه خطير حدث بالفعل في غزة، إذ يُعتبر الصحفيون مرتبطين بالعمليات العسكرية بحكم انتمائهم المفترض أو ميولهم السياسية، ثم يصبحون أهدافًا للهجمات"، واعتبرت أن ذلك "لا يتوافق مع القانون الدولي".
عدد الصحفيين والصحفيات الذين استشهدوا في #لبنان منذ الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ارتفع إلى 5 صحفيين، بينهم صحفيان أعلن عن استشهادهما خلال الساعات الـ24 الماضية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 26, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/GZQWtcSGxI pic.twitter.com/ZurkZgx4Tk
تفاصيل استهداف الصحفيين
بحسب تحقيق "الغارديان"، بعد يوم من بدء إسرائيل هجومها البري داخل لبنان، وصلت مجموعة من حوالي 18 صحفيًا إلى بيت ضيافة في حاصبيا، جنوبي لبنان. أجبرهم التقدم الإسرائيلي على الانتقال من إبل السقي الجنوبية، حيث مكثوا 11 شهرًا لتغطية الحرب في المنطقة.
استخدم المراسلون بيت الضيافة كقاعدة لمدة 23 يومًا، ثم توجهوا إلى قمة تلة على بعد 10 دقائق بالسيارة لتصوير الأعمال القتالية وتقديم تغطية حية يوميًا. وكانت قمة التلة تطل على قريتي شبعا والخيام الحدوديتين، حيث استمر القتال بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية المتوغلة.
كان الصحفيون يستخدمون سيارات تحمل علامة "الصحافة"، ويرتدون سترات واقية وخوذات مزينة برموز الصحافة. وكانت قمة التلة في خط رؤية مباشر لثلاثة أبراج مراقبة إسرائيلية، كلها على بعد حوالي 10 كيلومترات من الموقع. تم تجهيز أبراج المراقبة الإسرائيلية بكاميرات متطورة قادرة على تتبع الأهداف بدقة على مسافات طويلة، بالإضافة إلى قدرات التصوير الحراري والأشعة تحت الحمراء.
الطائرات المسيّرة وقنابل أميركية
تحدثت الصحفية في قناة "الميادين"، فاطمة فتوني، عن أن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية كانت تحلق باستمرار فوق المنطقة وفوق دارة الضيافة في حاصبيا. وفي ليلة الهجوم، كانت الطائرات المسيّرة تحلق على علو منخفض جدًا.
ذهبت فتوني للنوم، لكنها استيقظت بعد بضع ساعات على صوت انفجار. انهار سقف الشاليه الذي كانت تقيم فيه، وتمزقت سترتها الواقية بسبب قوة الانفجار. هرعت إلى مكان الاستهداف، حيث وجدت زملاءها ملقين على الأرض. أصيب الشاليه الذي كان ينام فيه نجار ورضا وقاسم مباشرة بقنبلة أطلقتها طائرة إسرائيلية.
تحليل الذخائر
كشفت بقايا الذخائر في الموقع أن واحدة على الأقل من القنابل المستخدمة كانت من نوع "إم كيه 84" (MK84)، وهي قنبلة أميركية الصنع تُعرف بـ"المطرقة" بسبب الضرر الكبير الذي تلحقه. وتم العثور أيضًا على مكونات أنظمة التوجيه والتحكم الخاصة بقنابل جدام (JDAM)، التي تُنتجها شركة "بوينغ". ولم تستجب شركتا "بوينغ" و"وودوارد" لطلبات الصحيفة البريطانية للتعليق.
تشير "الغارديان" إلى أن استخدام قنبلة موجهة بدقة يعني أن الجيش الإسرائيلي اختار الشاليه الذي يضم الصحفيين الثلاثة كهدف قبل الضربة، وأضافت أن وجود طائرات مسيرة وأبراج مراقبة تغطي الموقع يجعل من المحتمل أن القوات الإسرائيلية كانت على علم بوجود الصحفيين وهويتهم.
تأثير الهجمات
رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق على الهجوم، لكنه أكد أن "الولايات المتحدة تحث إسرائيل باستمرار على ضمان حماية المدنيين، بما في ذلك الصحفيين".
تشير "الغارديان" إلى أن استخدام قنبلة موجهة بدقة يعني أن الجيش الإسرائيلي اختار الشاليه الذي يضم الصحفيين الثلاثة كهدف قبل الضربة
وتعليقًا على التقرير، قالت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان: "السلطات الإسرائيلية تتجاهل بشكل صارخ التزاماتها القانونية الدولية تجاه حماية الصحفيين".
وأضافت: "يبدو أن عمليات القتل المستهدفة، والادعاء بأن الهجمات موجهة ضد الجماعات المسلحة دون تقديم دليل، والفشل في إجراء تحقيقات شاملة، كلها جزء من استراتيجية متعمدة من قبل الجيش الإسرائيلي لإسكات التقارير النقدية وعرقلة توثيق جرائم الحرب".
تقول فاطمة فتوني: "إن صمت المجتمع الدولي هو الذي سمح بحدوث ذلك". وأكدت أن الهجمات التي استهدفت الصحفيين في حاصبيا ومناطق أخرى تركت أثرًا مخيفًا على الصحفيين اللبنانيين، فلم يعد يعرف العاملون في وسائل الإعلام أين يمكنهم العمل بأمان".