1. سياسة
  2. سياق متصل

خطاب ترامب.. "ثورة المنطق السليم" المزعومة

5 يمشي 2025
خطاب ترامب أمام الكونغرس (رويترز)
محمد يحي حسنيمحمد يحي حسني

استغرق الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأربعاء أمام الكونغرس ساعة وأربعين دقيقة، مسجّلًا بذلك الرقم القياسي لأطول خطاب رئاسي يلقيه رئيس أميركي.

وجاء الخطاب، الذي انتظره الكثيرون، بعد شهر ونصفٍ على دخول ترامب البيت الأبيض رئيسًا رسميًا للولايات المتحدة الأميركية، كما جاء في ظل سياق دولي محتقن، بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي دشّنها، ووعد في خطابه بفرض تعريفات إضافية على دول أخرى في الثاني من نيسان/إبريل المقبل، الأمر الذي يزيد فعلًا من احتمالات اندلاع حرب تجارية عالمية، لن تقف تداعياتها عند أطرافها المباشرين بالضرورة، بل ستلقي بظلالها القاتمة على اقتصادات جميع الدول، تضخّمًا وغلاءً معيشيًا.

يضاف إلى المشهد الدولي المحتقن، مستوى الارتباك الذي أدخلَ فيه ترامب بسياساته، حلفاءَ بلاده التقليديين، لا سيما في أوروبا، من خلال مبادرة السلام التي يقودها لإنهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية، حيث تكشّفت تلك الصفقة، التي استُبعد عن طاولة مفاوضاتها الأوكرانيون والأوروبيون، عن تغيّرٍ صادم في النهج الأميركي تجاه القارة العجوز، وبقرار توقيف المساعدات الأميركية لكييف. لم يعد عند حلفاء واشنطن سواءًا في أوروبا أو آسيا، أدنى شك من أنّ مفاهيم التحالف التقليدية قد تغيّرت، وبات الحلفاء أمام خيارين أحلاهما مرّ:  إمّا التضحية وتقديم القرابين للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين بلادهم وأميركا، وإمّا المجازفة بتلك العلاقات عبر بناء تحالفات جديدة مع تطوير الاعتماد على الذات.

جاء خطاب ترامب في ظل سياق دولي محتقن، بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي دشّنها ووعد بمواصلة فرضها على عدة دول أخرى

 لقد لخّص ترامب معالم هذا النهج الجديد، بعبارتين دالّتين الأولى عبارة "أميركا بدأت تستعيد ثقتها بنفسها" والثانية عبارة "الحلم الأميركي لا يمكن إيقافه". ولم ينس ترامب عادته المحبّذة، في الإشادة بإنجازاته، في هذا المجال، بقوله إنّ ما حقّقتْهُ إدارتُه خلال 43 يومًا فقط، يفوق بكثير ما تحققه معظم الإدارات في 4 أو 8 سنوات، مردفًا القول إنّ الولايات المتحدة الأميركية "على وشك العودة إلى نموذجٍ لم يشهده العالم، وربما لن يشهده مجدّدًا".

ثورة المنطق السليم:

لا يكفّ ترامب عن اتهام الجميع باستغلال الولايات المتحدة الأميركية وخداعها، خصوصًا الحلفاء ومن يصفهم بـ"المفرطين في حساسيتهم الإنسانية". وأمام الجلسة المشتركة للكونغرس، أعلن ترامب بصراحة أن "الولايات المتحدة لن تكون يقظة بعد الآن"، في إشارة إلى تبنيها نهجًا أكثر محافظة، دون اكتراث كبير بالأقليات ومطالبهم. وكان هذا التصريح موجهًا للداخل الأميركي والخارج على حد سواء، إذ تُعد هذه العبارة إحدى العبارات المفضلة لدى المحافظين عندما يرغبون في انتقاد الاستجابة الحكومية المفرطة لمطالب الأقليات.

لكن الرسالة تحمل أيضًا بُعدًا دوليًا، مفادها أن "أميركا الجديدة" لم تعد معنية بقضايا الحقوق والديمقراطية بقدر اهتمامها بالمصالح الاقتصادية. وبهذا المعنى، لن تجد واشنطن أي حرج في التعامل مع الديكتاتوريات أو التغاضي عن انتهاكاتها طالما أنها تحقق المصالح الأميركية المنشودة.

وفي هذا السياق، اعتبر ترامب أن سياساته، بما في ذلك فرض الرسوم الجمركية، والتضييق على الحريات والحقوق داخل الولايات المتحدة، ومراجعة الإنفاق الحكومي، إضافةً إلى تشديد القيود على المهاجرين وترحيل الآلاف منهم، ليست سوى "جزء بسيط من ثورة المنطق السليم التي ستجتاح العالم كله بفضلنا"، وفق تعبيره.

وعود ترامبية:

أطلق ترامب، خلال خطابه المطوّل، سلسلة من الوعود، جاء في مقدمتها وعده القديم المتجدد بتنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير النظاميين في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. وتحدث في هذا السياق عن "تحرير عظيم للولايات المتحدة من هؤلاء المهاجرين"، متناسيًا أن البلاد نفسها قامت على الهجرة، وأن قوتها استمدت تاريخيًا من تنوعها السكاني. ولم يفوت ترامب فرصة التحريض على المهاجرين، زاعمًا أن "مدنًا أميركية بأكملها انهارت تحت وطأة احتلال المهاجرين غير النظاميين". وفي المقابل، روج لتأشيرات البطاقة الذهبية التي أعلن عنها الأسبوع الجاري، مشيرًا إلى أنها ستجذب "مهاجرين متميزين من أنحاء العالم".

كما استغل ترامب هذه المناسبة لمهاجمة سلفه جو بايدن، واصفًا إياه بأنه "أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة"، واتهمه بالتسبب في تدفق "آلاف المجرمين عبر الحدود الجنوبية".

وفي الشأن الاقتصادي، جدّد ترامب وعوده بالقضاء على التضخم وخفض تكاليف الطاقة، معتبرًا أنه ورث عن إدارة بايدن "كارثة اقتصادية ومعدلات تضخم مرتفعة". وأكد أن أحد أهم محاور "الحرب ضد التضخم" يتمثل في خفض تكاليف الطاقة بسرعة، مضيفًا أنه سيعمل على "القضاء على التضخم من خلال الحد من الاحتيال والهدر وسرقة المال العام". كما أعلن عزمه اتخاذ "إجراء تاريخي" لتوسيع نطاق إنتاج المعادن النادرة في الولايات المتحدة، متجاهلًا التحفظات البيئية التي أثارها هذا القرار.

وفيما يتعلق بالوظائف والتعيينات، شدد ترامب على أنه لن يُسمح بأي اعتبارات تتجاوز الكفاءة، مثل العرق أو الجنس، مشيرًا إلى ضرورة عودة الموظفين الفيدراليين للعمل من مكاتبهم، مهددًا باتخاذ قرارات بإقالتهم في حال عدم التزامهم بذلك.

وأفرد جزءًا من خطابه للحديث عن الإصلاحات القضائية، مدعيًا أن إدارته بدأت بالفعل في تنفيذ تغييرات داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل، ومتهمًا من وصفهم بـ"المجانين اليساريين المتطرفين" بقلب نظام العدالة الأميركي رأسًا على عقب، وفق تعبيره.

يُشار إلى أن ترامب طالب أعضاء الكونغرس بتمويل "درع دفاعي صاروخي مماثل للقبة الحديدية التي تمتلكها إسرائيل".

لا تراجع عن الرسوم الجمركية والانسحاب من المنظمات الأممية

فيما يتعلق بالسياسات التجارية، ادّعى ترامب أن دولًا أخرى استخدمت سياسة الرسوم الجمركية ضد الولايات المتحدة لعقود، معتبرًا أن الوقت قد حان لواشنطن للرد بالمثل ووضع حد لما أسماه "نهج الاستغباء والاستغلال".

واعترف ترامب بأن الرسوم الجمركية التي فرضها، والتي يعتزم فرض المزيد منها، قد تؤدي إلى "بعض الاضطرابات الاقتصادية" على المدى القصير، لكنه شدد على أن هذه الإجراءات ستجعل "أميركا غنية وعظيمة مرة أخرى"، مضيفًا: "هذا الأمر سيحدث، وسيحدث بسرعة كبيرة. ستكون هناك بعض الاضطرابات، لكننا راضون عن ذلك، وتأثيرها لن يكون كبيرًا"، وفق تعبيره.

 لقد لخّص ترامب معالم هذا النهج الجديد، بعبارتين دالّتين الأولى عبارة "أميركا بدأت تستعيد ثقتها بنفسها" والثانية عبارة "الحلم الأميركي لا يمكن إيقافه".

فيما يتعلق بتصريحاته المثيرة للجدل حول استعادة قناة بنما وشراء جزيرة غرينلاند وضم كندا، قال ترامب إنّ إدارته "باشرت عملية استعادة قناة بنما"، مشيرًا إلى أن ذلك جاء بعد إبرام شركة من هونغ كونغ اتفاقًا مبدئيًا مع ائتلاف "كونسورتيوم" الأميركي لبيع ميناءين يقعان على طرفي القناة. أما بشأن جزيرة غرينلاند، فقد أكد ترامب أنه "سيحصل عليها بطريقة أو بأخرى" نظرًا لأهميتها في الأمن القومي الأميركي.

كما دافع ترامب عن قرار انسحاب بلاده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واصفًا إياه بأنه "معادٍ للولايات المتحدة وحلفائها". كذلك برّر وقف التمويلات الأميركية لبرامج المنظمات الأممية، متهمًا تلك البرامج بالفساد وسوء الإدارة.

أما فيما يخص الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد اكتفى ترامب بالقول إنّ إدارته "ستستعيد الرهائن"، دون الخوض في تفاصيل أخرى.

وفي الملف الأوكراني، جدّد ترامب التزامه بإنهاء الحرب "بأي ثمن"، متجنبًا التطرق إلى التطورات الأخيرة، بما في ذلك إرجاء توقيع اتفاق المعادن النادرة مع كييف والوقف المؤقت للمساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.

لافتات احتجاجية وصيحات استهجان

لم يمرّ خطاب ترامب الطويل دون احتجاجات، حيث قوبل بصيحات استهجان وحركات احتجاجية من قبل عدد من النواب الديمقراطيين، الذين رفعوا لافتات منددة بسياساته، وقاطعوه أكثر من مرة. الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، إلى طرد بعض المحتجين، من بينهم النائب الديمقراطي آل غرين.

وعلّق ترامب على الاحتجاجات بالقول: "أنظر إلى الديمقراطيين أمامي، وأدرك أنه لا يوجد شيء على الإطلاق يمكنني قوله لإسعادهم، أو جعلهم يقفون، أو يبتسمون، أو يصفقون" على حد تعبيره.

كما غادر بعض النواب الديمقراطيين قاعة الجلسة أثناء كلمة ترامب، في خطوة احتجاجية على مضمون خطابه، تعبيرًا عن رفضهم لسياساته.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة