خطة إسرائيلية لإبقاء السيطرة العسكرية على القطاع وإفشال خطة إعمار غزة عربيًا
1 يمشي 2025
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قدّم للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية خطةً لإدارة غزة، تقتضي فرض سيطرةٍ إسرائيلية قوية على القطاع، مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتثير الخطة الإسرائيلية، التي استعرضت الغارديان تفاصيلها، شكوكًا قوية حول ما إذا كانت لدى حكومة اليمين المتطرف، برئاسة نتنياهو، أي نية لتنفيذ الانسحاب العسكري من غزة، الذي يقتضيه اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في كانون الثاني/يناير الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن الكشف عن هذه الخطة يتزامن مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى، وحديث تقارير إسرائيلية عن سعي نتنياهو لإجهاض الاتفاق وربما العودة إلى الحرب.
وتندرج خطة السيطرة الأمنية أو العسكرية على غزة ضمن مساعي الالتفاف على الاتفاق الحالي، الذي تقتضي مرحلته الأولى انسحاب جيش الاحتلال من المناطق المأهولة، في حين تُلزم مرحلته الثانية بالانسحاب من كامل قطاع غزة.
لا نية لإسرائيل في الانسحاب العسكري من غزة
كما تجدر الإشارة إلى أنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أرسلت، اليوم السبت، رسالةً إلى القمة العربية التي تستضيفها القاهرة، الثلاثاء المقبل، أكّدت فيها حرصها على "استكمال باقي مراحل اتفاق وقف إطلاق النار". وفي المقابل، شدّدت الحركة على "رفض محاولة فرض أي مشاريع أو أي شكل من الأشكال الإدارية غير الفلسطينية أو تواجد أي قوات أجنبية على أراضي قطاع غزة".
الخطة الإسرائيلية.. استعادة لمخطط الفقاعات الإنسانية
استعرضت الوحدة المكلّفة بتسليم المساعدات في جيش الاحتلال، أمام ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية، طيلة يومين (الأربعاء والخميس)، مخططًا لتوزيع الإمدادات على المستفيدين الفلسطينيين الذين تمّ فحصهم، عبر مراكز لوجستية تُدار بإحكام أمني وعسكري.
يبدو أنّ المخطط المذكور، حسب "الغارديان"، هو نسخة من مخطط جُرّب قبل أكثر من عام في شمال غزة تحت اسم "الفقاعات الإنسانية"، قبل أن يتم التخلي عنه بسبب عدم التعاطي معه فلسطينيًا، وتصدي المقاومة لمحاولات توريط العشائر وشيوخها فيه. وتضمّن المخطط حينها توزيع المساعدات من مناطق صغيرة خاضعة لسيطرة مشددة من قبل جيش الاحتلال، وكان مبرمجًا أن تتوسع تلك المناطق تدريجيًا، بالتعاون مع "شخصيات وفاعلين محليين يختارهم الاحتلال".
ويبدو أنّ تل أبيب، التي تراوغ في تنفيذ استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار، تعمل على إحياء هذه الخطة، على أمل تشديد قبضتها الأمنية على الحياة اليومية في غزة.
مراكز إنسانية تتولى تأمينها شركات أمنية خاصة في مناطق تخضع لسيطرة جيش الاحتلال
نقلت الغارديان عن مصادر مطلعة على الخطة قولها إنّ "المراكز الإنسانية"، التي ستؤمّن الإمدادات والمساعدات، سيكون بالإمكان تأمينها "من قبل شركات أمنية خاصة، لكنها ستكون حصرًا في مناطق تخضع للسيطرة الكاملة لجيش الاحتلال".
ويعني ذلك أنّ معبر كرم أبو سالم، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، سيكون المدخل الوحيد الذي تعبر منه المساعدات، في حين تقتضي الخطة إغلاق معبر رفح بين مصر وغزة بشكل دائم.
كما سيتعين على المنظمات غير الحكومية، المسموح لها بالعمل في غزة، أن تكون مسجلة لدى السلطات الإسرائيلية، وأن يتم فحص جميع موظفيها، سواء كانوا يعملون لصالحها أو لصالح وكالات الأمم المتحدة. وهذا يعني أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لن يكون بمقدورها العمل في غزة، نظرًا للحظر الإسرائيلي المفروض على أنشطتها.
دعم أميركي للخطة
قدّمت إسرائيل الخطة للمسؤولين في مجال المساعدات الإنسانية بوصفها "حقيقة ثابتة" نالت الموافقة الأميركية الكاملة، الأمر الذي يجعل من الصعب على الأمم المتحدة مقاومتها، حسب مصادر "الغارديان".
وعلى الرغم من أن الخطة لم تشر صراحةً إلى "الدعوات التي أطلقها ترامب" بشأن امتلاك الولايات المتحدة لغزة وتحويلها إلى مشروع تطوير عقاري بإدارة أميركية بعد تهجير سكانها الفلسطينيين، إلا أنّ أحد الذين اطلعوا على تفاصيلها قال إنها محاولة إسرائيلية لقطع الطريق أمام الخطة العربية التي يجري تطويرها بالتشاور بين عدة دول في المنطقة. إذ تسعى إسرائيل، وفقًا لمصدر "الغارديان"، إلى أن تكون خطتها بديلًا عن الخطة العربية، بحيث تركز على إعمار غزة دون تهجير سكانها.
خطة عربية لإعادة إعمار غزة
يشار إلى أنه في 21 شباط/فبراير الجاري، استضافت العاصمة السعودية الرياض اجتماعًا عربيًا، بحضور ممثلين عن مصر، الأردن، ودول الخليج، جرى خلاله التوافق على خطة إعادة إعمار بقيمة 53 مليار دولار.
وتبدأ الخطة، التي صمّمتها مصر، بإنشاء مناطق آمنة تؤوي الغزيين خلال فترة إعادة الإعمار، والتي يُفترض أن تستغرق من 3 إلى 5 سنوات. ومن المقرر أن تُعرض تفاصيل الخطة المصرية على القمة الطارئة لجامعة الدول العربية، يوم الثلاثاء المقبل.
مات 6 أطفال في غزة هذا الأسبوع بسبب البرد في ظل استمرار إسرائيل في التضييق على إدخال المساعدات لا سيما الخيام والمنازل المتنقلة
امتداد لنظام المساعدات التقييدي:
أكّد مدير شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، أمجد الشوا، في تصريحٍ لصحيفة "الغارديان"، أنّ "الخطة الإسرائيلية ستكون امتدادًا لنظام المساعدات التقييدي الذي تشرف عليه القوات الإسرائيلية حاليًا"، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تحترم البروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث لم تسمح بدخول العدد المتفق عليه من الخيام، في الوقت الذي كان فيه الأطفال يتجمدون حتى الموت بسبب البرد.
يشار إلى أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" كشفت أن ستة أطفال في قطاع غزة لقوا حتفهم من شدة البرد يومي الاثنين والثلاثاء.
وأضاف الشوا أن جيش الاحتلال "يمنع أيضًا دخول صهاريج المياه، فضلًا عن الدفاتر والأقلام المخصصة للفصول الدراسية التي استؤنفت تحت الخيام، بحجة أن مثل هذه المواد ذات استخدام مزدوج". وأوضح أنّ الإسرائيليين "يريدون السيطرة على أبجديات حياة الفلسطينيين".