خطة تجنيد الحريديم.. إجراء عسكري أم ورقة سياسية؟
19 ديسمبر 2024
أعلنت وزارة الأمن في إسرائيل عن خطة جديدة للتجنيد تستهدف توفير 10 آلاف جندي لجيش الاحتلال. وتشمل الخطة تجنيد حوالي 6 آلاف من شباب اليهود الحريديم خلال عامين. وكان هذا الهدف، من بين أمور أخرى، سببًا في إقالة وزير الأمن السابق يوآف غالانت.
يُشار في هذا الصدد إلى أنّ الأحزاب الدينية المتشددة تعمل على عرقلة أي قانون يهدف إلى تجنيد شباب الحريديم، وذلك عبر سنّ قوانين تقلل من إدماجهم في جيش الاحتلال الذي يعاني، خاصة في صفوف الاحتياط، من استنزاف بسبب الحرب على غزة ولبنان، وفقًا لشهادات قادته، والتي جاءت بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير مع حزب الله اللبناني.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن خطة وزارة الأمن في إسرائيل لتجنيد آلاف الشباب المتدينين خلال العامين المقبلين "تأتي في وقت حساس، في ظل استمرار الحرب وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية" على جيش الاحتلال.
وأشار وزير الأمن، يسرائيل كاتس، إلى أهمية الخطة خلال اجتماع عُقد ليل الخميس مع كبار المسؤولين في إدارة الموارد البشرية العسكرية، وعلى رأسهم رئيس الأركان الجنرال دادو باركليفا. وناقش الاجتماع "احتياجات جيش الاحتلال وقدرته على تعويض الجنود القتلى والمصابين وذوي الإعاقات الناتجة عن الحرب، لا سيما من بين الشباب الحريديم"، وفقًا لما ذكرته "يديعوت أحرونوت".
جهود جيش الاحتلال لتوسيع قاعدة الاحتياط من خلال إنشاء وحدة جديدة تضم نحو 15 ألف جندي احتياطي من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 38 و58 عامًا باءت بالفشل
ووفقًا لتقديرات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال في حاجة ماسّة إلى نحو "10 آلاف جندي، بما في ذلك 6 آلاف جندي مقاتل".
وكشفت مصادر إسرائيلية أنّ الجيش "يسعى إلى تعديل قانون الخدمة العسكرية لتمديد مدة الخدمة الإلزامية إلى ثلاث سنوات بدلًا من 32 شهرًا كما هو معمول به حاليًا، لتلبية احتياجات الحرب الحالية. إذ أن عدم تعديل القانون سيؤدي إلى تفاقم نقص الجنود بشكل كبير".
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن جيش الاحتلال يواجه مشكلة حقيقية تتمثل في تسجيل "نقص كبير في أعداد الجنود الاحتياطيين الذين يتم استدعاؤهم للمشاركة في العمليات العسكرية".
كما أوضحت البيانات المصرّح بها أن "معدلات الاستجابة لدعوات الاحتياط انخفضت إلى ما بين 60 % و70 % فقط في الأشهر الأخيرة"، وهو مؤشر مثير للقلق، بحسب مراقبين إسرائيليين.
ويرى المحلل العسكري يوآف زينون أن جهود جيش الاحتلال لتوسيع قاعدة الاحتياط من خلال إنشاء وحدة جديدة تضم نحو 15 ألف جندي احتياطي من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 38 و58 عامًا باءت بالفشل. ووفقًا له، "لم يتمكن الجيش من تعبئة هذا العدد، حيث لم يتم تجنيد سوى 3 آلاف جندي فقط".
🎥 جيش الاحتلال الإسرائيلي يبدأ باستدعاء الحريديم للخدمة العسكرية. pic.twitter.com/aAKmMe83eX
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) July 18, 2024
وتشير توقعات هذا المحلل العسكري الإسرائيلي، الذي يُعد من أبرز المحللين في إسرائيل، إلى أنّه في العامين المقبلين "لن يلتحق معظم الشباب الحريديم المؤهلين للتجنيد بالجيش". وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الأمن إلى أن ثلث الشباب المتشددين فقط يستوفون شروط التجنيد، حيث لا يدرسون في مدارس دينية توراتية ولا يعملون في الوقت ذاته.
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصادرها أن خطة جيش الاحتلال للتجنيد خلال العامين المقبلين "تتمثل في تجنيد 4800 شاب حريدي في الجيش بحلول عام 2025، مع إضافة 1700 شاب في عام 2026، ليصل العدد الإجمالي إلى 6200 جندي حريدي خلال عامين. هذه الخطة تهدف إلى تخفيف العبء عن جنود الاحتياط وتوفير إمدادات بشرية إضافية للوحدات القتالية".
كما سلّطت الصحيفة الضوء على ما وصفته بـ"مجموعة من الإجراءات" التي يقوم بها الجيش لتشجيع الحريديم على الالتحاق بالجيش. وتشمل هذه الإجراءات تخصيص معسكرات تدريب خاصة لهم، تم تطويرها بالتعاون مع علماء دين لضمان التزامها بالمعايير الدينية الصارمة. بالإضافة إلى ذلك، أنشأ الجيش قاعدة تدريب في وادي الأردن خصيصًا للشباب الحريديم، فضلاً عن مواقع منفصلة في قواعد أخرى مثل قاعدة جوليس القريبة من عسقلان.
يُشار إلى أنّ سلاح الجو الإسرائيلي افتتح قاعدة خاصة باليهود الحريديم، والتي استقبلت بالفعل أول دفعة من الجنود هذا العام. ويخطط الجيش لتوظيف الحريديم في قطاعات مختلفة إلى جانب المهام القتالية، تشمل مجالات التكنولوجيا العسكرية وصيانة الطائرات القتالية.
ويرى المنتقدون أن مثل هذه الإجراءات تعزز سياسة التمييز التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية في التعامل مع هذه الطائفة، التي تحصل على امتيازات لا تتوفر لغيرها من "مواطني دولة الاحتلال".
يُذكر أنّ زعماء الأحزاب الحريدية في الكنيست يعارضون فرض العقوبات على "الذين يرفضون التجنيد"، ويطالبون بإلغاء الأوامر الصادرة بحق الشباب الذين لم يستجيبوا لدعوات الجيش في السابق. كما يطالبون بإلغاء القوانين التي فرضت عليهم بالفعل، مثل أوامر الاعتقال أو منع السفر. وهذا يُعد نقطة خلافية رئيسية في المفاوضات الجارية بشأن مشروع قانون التجنيد.
على هذا الأساس، توقعت "يديعوت أحرونوت" أن "تستمر المناقشات السياسية حول قانون التجنيد لفترة طويلة، خاصة في ظل الخلافات بين الأحزاب السياسية حول العقوبات المتعلقة بالتجنيد. فالأحزاب الحريدية تتمسك بموقفها الرافض لأي إجراءات قانونية تُفرض على المتخلفين عن الخدمة، وتطالب بإلغاء جميع الأوامر السابقة الصادرة بحقهم".
في المقابل، ترفض أحزاب المعارضة هذا التمييز، وتدعو إلى تطبيق القوانين بشكل متساوٍ على الجميع.