خمسة سيناريوهات لتعامل ترامب مع العالم
17 ديسمبر 2024
يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد 37 يومًا والأوضاع العالمية في تقلّب شديد، حيث يجد أمامه حروبًا ساخنة مندلعة وأخرى باردة توشك أن تشتعل وأخرى محتملة الاندلاع، وأمام هذه الوضعية ترى وكالة بلومبيرغ أنه ليس من المبالغة القول إن "ترامب سيكون إزاء أوضاع أخطر وأشنع مما واجهه أي رئيس أميركي آخر منذ عقود".
وعلى الرغم من وعود ترامب الحاسمة بأنه سيوقف حرب أوكرانيا، إلّا أن بلومبيرغ تشكك في أنّ الرئيس الأميركي المنتخب "يدري بالضبط كيف سيتعامل مع هذه الأزمات".
في هذا الصدد تحدث هال براندز، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأميركية عن خمس سيناريوهات لتعامل ترامب مع العالم، موجزًا تلك السيناريوهات في خمس مفاهيم هي: الارتباك، الانكفاء، إعادة التقويم، التجديد أو النهضة، والرفض.
لا يجد ترامب مشكلةً في التناقض
يعد ترامب بنهضة تاريخية للولايات المتحدة الأميركية، معوّلًا في تحقيق تلك النهضة على ما يسميه "الذكاء والصرامة"، ويعكس شعار حملته "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" تلك الرغبة، إلّا أنّ منتقديه يرجحون أن يجنح ترامب، بسبب التقييم الخاطئ للوضع العالمي، إلى ما يسمونه الرفض أو الانكفاء، قاصدين بذلك تخلي أميركا عن قيادة العالم أو تحالف ترامب مع من يصفونهم بالزعماء الديكتاتوريين المناهضين للقيادة الأميركية للعالم، في إشارة إلى روسيا والصين وربما بيونغ يانغ، إذ لا يخفي ترامب إعجابه بهؤلاء، وكما يقال "إن الطيور على أشكالها تقع".
وبعيدًا عن السيناريوهات المفرطة في الإيجابية وتلك المفرطة في السلبية لدى المنتقدين، يشير براندز إلى سيناريوهين آخرين، أولهما أن يقوم ترامب بإدارة عملية تقويم فوضوي لكنها مثمرة للإستراتيجية الأميركية، وثانيهما أن يؤدي الارتباك السائد إلى مزيدٍ من الضعف في الموقف الأميركي، وبالتالي خلق فوضى كبيرة في العالم.
لا يشاطر براندز جلّ المحللين في قولهم إن ترامب شخصٌ لا يمكن توقّعه، معتبرًا أن لدى ترامب آراء سياسية واقتصادية تعود إلى عقود مضت لا يزال يجترّها بنفس الطريقة ويعمل جاهدًا على تحقيقها، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، موقفه الإيجابي من "قيادة المعاملات القائمة على العلاقة التبادلية"، وفي المقابل موقفه السلبي من "اتفاقيات أميركا التجارية وتحالفاتها التي يعتبرها منذ عقود صفقات رديئة"، ولذلك لا غرابة من تعهده بفرض رسوم جمركية عالية على واردات جميع الدول بما فيها تلك الحليفة وتشكيكه في جدوى حماية أوروبا دون دفع المقابل المجزي لتلك الحماية، أو مواقفه السلبية أيصًا من "القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان" حيث يعتبرها أمرًا مبالغًا فيه، ولذلك يُبدي تفهّمًا واضحًا للأنظمة الدكتاتورية ولا يجد غضاضة في التعامل معها، ما دامت تحقق المصالح الأميركية.
كما يعدّ التناقض من مميزات آراء ترامب، فعلى الرغم من أنه أمضى سنوات وهو يهاجم الصين، لكنه في الآن نفسه كان يكيل الهجوم تلو الآخر لحلفاء واشنطن الذين تحتاجهم في التصدي للتنين الصيني، ولعلّ لذلك مبرره، فطبيعة ترامب القائمة على المعاملات تعني أنّ تحوله نحو عقد الصفقات هو أمر وارد دائمًا حتى مع المنافسين والخصوم. وتضيف بلومبيرغ على ذلك أنه "إذا كان لدى ترامب مقدرات فطرية قوية، فإن لديه، في المقابل، نفورا أقوى من الخطط المنهجية".
في سيناريو التخلي عن قيادة العالم، قد يجازف بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وإجلاء القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، والتخلص من الصفقات التجارية القائمة، أو أن يفرض عليها رسوما جمركية باهظة ليجعلها حبرا على ورق"، وتعدّ هذه الإجراءات وصفةً لفوضى عالمية. لكنّ بلومبيرغ، ترى أنّ اتخاذ مثل هذه القرارات شبه مستحيل، لأن ترامب سيكون مضطرًا لخوض صراع غير مضمون النتائج مع الحزب الجمهوري، أو مع معظم أعضاء الحزب الذين ما يزالون "يؤيدون قيادة الولايات المتحدة للعالم".
وفي السيناريو الخامس المتعلق بالارتباك، ومن بين المؤشرات المعززة لهذا السيناريو أنّ مستشاري ترامب ودائرته المقربة "منقسمون حول قضايا رئيسة، مثل التعامل مع إيران، فضلًا عن كون معظم من عينهم في المناصب العليا لديهم خبرة قليلة أو يفتقرون إليها، في إدارة المصالح الحكومية".
وفي حال طغى هذا السيناريو، فمن المرجح أن يتبع ترامب، في الشرق الأوسط على سبيل المثال سياسةً تتسم بالفوضى والتنافر نظرا لانقسام الإدارة وعدم اتفاقها على الأهداف أو حجم التدخلات التي تريدها.