1. عشوائيات
  2. مجتمع

رغم ارتفاع أسعار السلع الجنوني.. المصريون يتمسكون بفرحة رمضان

1 يمشي 2025
بائع خضار مصري في سوق القاهرة، 7 مارس 2024 (رويترز)
عماد عنانعماد عنان

ينتظر المصريون قدوم شهر رمضان بفارغ الصبر، فهو بالنسبة لهم ليس مجرد شهر صوم وعبادة فقط، بل مناسبة مقدسة لها طقوسها الخاصة وتقاليدها الضاربة بجذورها في عمق التاريخ المصري، ومناسبة يتبادل فيها المصريون نسائم الفرح والاحتفال طيلة 30 يومًا.

ورغم أن رمضان شهر الصيام، فإنه لدى كثير من المصريين شهر الخير والبركة والإطعام والتكافل، حيث تتعاظم فيه ميزانيات الأسر وتُضاعف معدلات الإنفاق، ففيه تكثر المناسبات الاجتماعية ذات الكلفة الباهظة، من ولائم أسرية وموائد الإفطار وتبرعات عينية ومادية، وإكثار استهلاك أنواع محددة من الطعام والشراب.

ومنذ مئات السنين، يحرص المصريون على تخصيص مبالغ مادية، ليست كبيرة،  استعدادًا لرمضان، حين كانت العلاقة بين الأجور وأسعار السلع علاقة متوازنة، تتقارب وتتباعد في مستويات ضيقة،  قبل أن تصل إلى هذا المستوى الجنوني من التنافر غير المسبوق، حيث الفجوة الهائلة بين دخول المواطنين والأسعار على أرفف المتاجر والأسواق.

رغم أن رمضان شهر الصيام، فإنه لدى كثير من المصريين شهر الخير والبركة والإطعام والتكافل، حيث تتعاظم فيه ميزانيات الأسر وتُضاعف معدلات الإنفاق، ففيه تكثر المناسبات الاجتماعية ذات الكلفة الباهظة

وأجبر هذا الارتفاع الكبير في الأسعار الكثير من الأسر المصرية على التقشف، والاكتفاء بالقليل من السلع مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنوات، فيما تخلى آخرون عن بعض الطقوس المعتادة، الأمر الذي ألقى بظلاله على استقبال المصريين لهذا الشهر الفضيل وعلى فرحة قدومه.

ارتفاع كبير في أسعار السلع الرمضانية

شهدت أسعار السلع الأساسية التي لا يمكن للبيوت المصرية الاستغناء عنها في رمضان ارتفاعًا كبيرًا خلال الأشهر الماضية، في ظل القفزة الأخيرة للدولار أمام الجنيه المصري، حيث بلغت نسبة الزيادات في بعض السلع أكثر من 100% فيما تأرجحت لدى الغالبية العظمى بين 25 و70% تقريبًا.

وفي جولة لـ "الترا صوت" داخل أحد المتاجر الرئيسية وسط القاهرة، جاءت أسعار السلع الأساسية كالتالي: سعر كيلو الأرز المعبأ 35.03 جنيهًا مصريًا، الدولار يساوي 50.5 جنيهًا، وكيلو الفول 57.14 جنيهًا، أما كيلو الطحين فوصل إلى 25.92 جنيهًا، فيما بلغ سعر لتر زيت عباد الشمس 88.48 جنيهًا. أما لتر زيت الذرة فبلغ 106.19 جنيهًا، وكيلو السكر 35.13 جنيهًا، بالإضافة إلى كيلو المعكرونة 27.66 جنيهًا، وكيلو العدس 59.77 جنيهًا.

وقد وصل سعر كيلو الأرز غير المعبأ إلى 28.48 جنيهًا، مقارنة بـ51.5 جنيهًا لكيلو الفول، فيما بلغ سعر كيلو الجبن الأبيض 127.1 جنيهًا، وكيلو الجبن الرومي 269.69 جنيهًا، وكيلو اللبن السائب 35.00 جنيهًا، وكيلو السمن الصناعي 94.16 جنيهًا، بينما تجاوزت أسعار كيلو اللحم 450 جنيهًا.

أما أسعار الخضروات، فقد ارتفعت بشكل جنوني قبل ساعات قليلة من بداية الشهر، حيث ارتفعت بنسب تتجاوز 130% كما هو الحال مع الكوسا التي قفز سعرها من 18 جنيهًا للكيلو قبل يومين إلى 45 جنيهًا في اليوم الأخير من شهر شعبان. والوضع ذاته مع الباذنجان والخيار، فيما حافظت بعض المحاصيل الأخرى على زيادات طفيفة نسبيًا مثل الطماطم والفلفل والبطاطس.

وعن أسباب تلك الزيادات قبل قدوم رمضان يقول تاجر الخضار، محمد مصيلحي، لموقع "الترا صوت" إن الأسعار ترتفع من مصدرها، من المزارع أو تاجر الجملة الأساسي، وليس لتجار التجزئة أي مسؤولية في تلك الزيادات التي باتت عُرفًا سنويًا مع بداية رمضان كل عام.

وأضاف في حديثه أن الكثير من الناس تضطر إلى تقليل الكميات التي يشترونها، وقد لوحظ هذا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تحديدًا، فلم يعد مستوى الشراء والاستعداد لرمضان كما كان في السنوات السابقة قبل الارتفاع الجنوني في الدولار، والذي أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع كل شيء.

أما أحمد جملة، مالك أحد المتاجر، يوضح لـ"الترا صوت" أن نسبة كبيرة من السلع الرمضانية، خاصة السكر والزيت واللحوم والأرز، تُستورد من الخارج، رغم اعتقاد الناس أنها مصرية خالصة، وبالتالي تزداد أسعارها مع ارتفاع كلفة استيرادها بسبب تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية. وتابع مضيفًا أن الإقبال المتزايد على السلع قبل رمضان يرفع أسعارها بشكل أكبر، وذلك بحكم نظرية "العرض والطلب" الاقتصادية، محملًا السلوكيات الاستهلاكية للمصريين جزءًا من مسؤولية تلك الزيادات بسبب كثافة الإقبال قبل أيام قليلة من قدوم رمضان.

تقشف وإعادة نظر في السلوكيات الاستهلاكية

دفعت الأسعار المرتفعة للسلع الرمضانية الكثير من المصريين إلى تغيير ثقافتهم وسلوكياتهم الاستهلاكية، فكان التقشف هو العنوان الأبرز الذي يضم تحته شرائح كبيرة من المصريين، والحاضنة التي تتوسع رقعتها عامًا تلو الآخر خلال السنوات الأخيرة.

يعمل علاء حسام ( 50 عامًا) محاسبًا، حيثُ يتقاضى راتبًا قدره ثمانية آلاف جنيه، ما يعادل 185 دولارًا، يقول إنه اعتاد منذ سنوات على تخصيص مبلغ قرابة أربعة ألاف جنيه لشراء احتياجات رمضان، وكانت تُلبي إلى حد ما الجانب الأكبر من تلك الاحتياجات، غير أن الوضع هذا العام يختلف بشكل كبير.

ويضيف المحاسب الخمسيني في حديثه لـ"الترا صوت" أن هذا المبلغ ما عاد يكفي ثلث احتياجاته على أقصى تقدير، لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه زيادة ميزانية رمضان نظرًا لارتباطه بالتزامات أخرى، ما بين دروس أبنائه الخصوصية وأقساط المدارس والمصاريف اليومية المتزايدة، وبالتالي فهو مضطر للتقشف وإعادة النظر في خارطة استهلاكه بما يتناسب مع الكميات المشتراة من السلع.

وفي السياق ذاته، يعبر تاجر السيارات صبري عبود عن حزنه الشديد لاضطراره إلى تقليص عدد المستهدفين في المائدة الرمضانية التي يتكفل بها هذا العام، لافتا في حديثه لـ"الترا صوت" إلى أنه اعتاد كل عام على إطعام ما بين 100 – 130 فردًا في مائدة رمضان، بكلفة إجمالية تقدر بنحو 350 ألف جنيه، أي ما يعادل 6900 دولار تقريبًا.

وأعرب عبود في حديثه عن أسفه للمبلغ المخصص للمائدة هذا العام، لأنه لا يكفي لإطعام سوى 70 شخصًا تقريبًا، في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار، وأضاف "ليس لدي مصادر دخل إضافية لزيادة الميزانية المخصصة للمائدة، فكان الاختيار بين منعها هذا العام أو تقليل عددها، وبعد مشاورة الأهل اتفقنا على الاستمرار في إقامتها حتى وإن قللنا العدد للنصف تقريبًا".

الجدير بالذكر أن التضخم في مصر وصل مع نهاية كانون الثاني/يناير الماضي إلى حوالي 24%، وسط توقعات بزيادة تلك النسبة بسبب ارتفاع الدولار أمام الجنيه، في ظل استيراد مصر للنسبة الأكبر من احتياجاتها السلعية من الخارج، وهو ما يشكل عبئًا على الدولة وقدراتها الدولارية.

وتشير التقديرات إلى استيراد الحكومة المصرية سلعًا تموينية استراتيجية، من بينها القمح، بالإضافة إلى الأرز، الفول، السكر، الشاي، الذرة، فول الصويا، الزيوت النباتية، العدس، الألبان ومنتجاتها، بقيمة 11.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، فيما استوردت لحومًا ودواجن وأسماكًا وقشريات بقيمة 1.2 مليار دولار خلال الفترة نفسها.

احتفاء رغم الأجواء المُحبطة

يتمسك المصريون بفرحة قدوم رمضان حتى وإن كانت الأجواء لا تساعد على ذلك، فرغم جنون الأسعار، الذي يكفي لسحب بساط بهجة هذا الشهر من تحت أقدام محدودي ومتوسطي الدخل، الذين يشكلون السواد الأعظم من المصريين، إلا أن ذلك لم يمنع التعبير عن الابتهاج بهذه الأيام المباركة التي تحتل مكانة استثنائية في قلوب المصريين وعقولهم على حد سواء.

يقول ممدوح أكرم ( 68 عامًا)، وهو موظف بأحد البنوك، إنه حريص على إدخال البهجة على أبنائه بقدوم رمضان، بصرف النظر عن تراجع الحالة المعيشية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مضيفًا في حديثه لـ"الترا صوت" أن الاحتفاء بالشهر الفضيل لا علاقة له مطلقًا بحجم الاستعداد له، مُبررًا ذلك بأن إدخال البهجة في رمضان "سنة نبوية وضرورة اجتماعية"، وختم حديثه متسائلًا "ما ذنب الأبناء في عدم الاحتفال الذي اعتادوا عليه منذ صغرهم؟".

واتفقت معه في الرأي ذاته أم محمد، وهي مربية في إحدى دور الحضانة، حيث تقول إنها حريصة على شراء الفانوس المعتاد لابنها الوحيد كل عام، وإدخال البهجة من خلال تعليق زينة رمضان وإضفاء الفرحة بإذاعة أغاني الشهر التراثية على مدار اليوم، مؤكدةً لـ"الترا صوت" أن الظروف، مهما كانت صعبة، من المستحيل أن تسلب منها بهجة هذا الشهر.

كلمات مفتاحية

الفاتيكان عند مفترق طرق.. هل يشهد التاريخ أول بابا إفريقي في العصر الحديث؟

تبدو إفريقيا مرشحة لأن تكون في قلب التغيير الكنسي، وسط توقعات تاريخية بإمكانية انتخاب أول بابا إفريقي في العصر الحديث، في خضم صراع بين التيارين التقدمي والمحافظ

الإسكان الاجتماعي المصري.. حلم الشباب في شقة يتبخر

تحول السكن اليوم إلى حلم بعيد المنال للملايين من الشباب من أبناء الطبقة المتوسطة

مخيمات مكتظة وأطفال جياع.. لاجئو السودان يواجهون مصيرًا مجهولًا في تشاد

تشير تقارير مفوضية اللاجئين إلى أن مقاطعات شرق تشاد، التي تأوي أصلًا 400 ألف لاجئ سوداني لجأوا إليها عقب اندلاع حرب دارفور عام 2003، تُعد من بين أكثر المقاطعات حرمانًا في البلاد

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة