سجن "سوبا"... لماذا وُصف بـ"صيدنايا السودان"؟
23 ديسمبر 2024
مع استمرار الحرب في السودان، يبرز اسم "سجن سوبا"، جنوب شرق العاصمة الخرطوم، كرمز للمعاناة الإنسانية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. السجن، الذي شُيد في العام 2021، يتسع لنحو ثلاثة آلاف نزيل، ولا يزال يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، حيث تم تشبيهه بسجن "صيدنايا" في سوريا، سيء السمعة، والذي اشتهر بوصفه "مسلخًا بشريًا" استخدمه النظام السوري المخلوع.
موقع "الترا سودان" سلط الضوء على "سجن سوبا" جنوب الخرطوم، حيث شهدت الأيام الماضية اشتباكات عنيفة بين فصيلين من قوات الدعم السريع ينتميان لمجموعات عرقية مختلفة، ما أدى إلى تضارب الأنباء بشأن مصير السجناء. وأكدت مصادر حقوقية للموقع فرار بعض السجناء المدنيين مستغلين الفوضى الناجمة عن هذه الاشتباكات.
ويروي المفرج عنهم والفارون من السجن قصصًا مروعة عن الانتهاكات التي تعرضوا لها داخل سجن سوبا، تشمل الحرمان من الطعام والعلاج لفترات طويلة، إلى جانب منعهم من استخدام المرافق الأساسية مثل دورات المياه.
المئات من المدنيين والعسكريين لا يزالون يعيشون في ظروف قاهرة داخل السجن الذي يصفه حقوقيون بـ"صيدنايا السودان"
وبحسب ما ذكر المحامي عثمان البصري، عضو المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري، فإن عمليات الإفراج عن بعض السجناء تمت بطرق مختلفة، من ضمنها تدخلات من أعيان الإدارات الأهلية أو دفع رشاوى لضباط كبار في قوات الدعم السريع. لكن المئات من المدنيين والعسكريين لا يزالون يعيشون في ظروف قاهرة داخل السجن الذي يصفه حقوقيون بـ"صيدنايا السودان".
وأشار عثمان البصري إلى أن اشتباكات بين فصيلين من قوات الدعم السريع ساهمت في تمكين بعض السجناء من الفرار، في حين تمكن آخرون من مغادرة السجن عبر تدخلات مجتمعية أو دفع أموال. وأضاف: "اعتقال المدنيين في هذا السجن وغيره من المرافق غير القانونية يُعدّ جريمة إخفاء قسري بموجب القوانين الدولية".
وأكدت عاملة في مجموعة الاختفاء القسري أن تسليط الضوء على الانتهاكات داخل سجن سوبا يجب أن يكون مستمرًا، مشيرة إلى أن السجناء يتعرضون لظروف غير إنسانية. وأوضحت أن قوات الدعم السريع، بوصفها ميليشيا غير نظامية، لا تملك مؤسسات عدالة تضمن للسجناء حقوقهم القانونية.
وقالت العاملة: "إيداع أي شخص داخل هذا السجن يعني إما الموت، أو الإفراج بعد شهور طويلة، أو الاستمرار في العيش وسط ظروف قاسية كما يحدث حاليًا لآلاف السجناء".
الباحث في حقوق الإنسان، أحمد عثمان، أكد أن قوات الدعم السريع استغلت أوضاع السجناء كوسيلة للضغط وإدارة سجل حقوق الإنسان كأداة في الحرب، دون اكتراث للانتقادات الدولية. وأضاف أن هذه القوات كانت تستجيب للضغوط قبل الحرب، لكنها الآن تعمل دون أي ضوابط، مدعومة من دول كبرى داخل مجلس الأمن.
فيما تحدث أحد المفرج عنهم من سجن سوبا عن معاناته قائلاً: "تيبست قدماي عندما أُفرج عني.. كنت على وشك الموت داخل المعتقل لولا تدخل معارف وسطاء لدى قائد ميداني". شهادات كهذه تسلط الضوء على الظروف غير الإنسانية التي يواجهها السجناء داخل هذا المعتقل الذي أصبح رمزًا للقمع وانعدام العدالة.
ومع تصاعد الانتهاكات واستمرار الأزمات الإنسانية داخل السجون السودانية، يدعو نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني إلى تدخل دولي عاجل لوضع حد لهذه التجاوزات. ومع ذلك، يبقى مصير الآلاف من المعتقلين في سجن سوبا وغيره من مراكز الاعتقال السودانية مجهولاً، وسط غياب أي حلول سياسية أو قانونية تلوح في الأفق.