سجن صيدنايا.. إرث الأسد الإجرامي
10 ديسمبر 2024
كانت أنظار السوريين موجهة نحو السجون التي شيدها نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. ومع دخول عناصر إدارة العمليات التابعة لفصائل المعارضة العسكرية إلى المدن السورية، توجهوا إلى السجون بحثًا عن معتقلين غُيِّبوا داخلها منذ سنوات طويلة.
ويُعد سجن صيدنايا، الواقع بالقرب من العاصمة السورية دمشق، من أشهر سجون الأسد، ومعروف عنه سمعته السيئة نظرًا للتقارير العديدة التي تشير إلى وقوع انتهاكات خطيرة داخله، من تعذيب وحشي وعمليات إعدام جماعية طالت سجناء معارضين، مدنيين وعسكريين.
احتشد آلاف السوريين أمام السجن بانتظار معرفة مصير أقاربهم المعتقلين، مع ورود أنباء عن وجود زنازين وسراديب سرية تحت الأرض لم تُكتشف ولم تُفتح بعد
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، توجه مقاتلو إدارة العمليات التابعة لفصائل المعارضة العسكرية نحو سجن صيدنايا لتحرير المعتقلين. وأظهرت الصور الأولى المسربة من داخله مسلحين يقومون بكسر أقفال زنزانات السجن ويطلبون من النساء والأطفال الخروج، فيما ارتسمت الدهشة على وجوه النساء، وهن غير مصدقات بسقوط النظام.
وأمام باب إحدى الزنزانات، كان طفل ضائع ينتظر، في حين كانت النسوة تصرخن، لكن عناصر الفصائل حاولوا طمأنتهن قائلين: "لقد سقط، أخرجن".
وفي قسم الرجال، خاطب أحد المقاتلين السجناء قائلًا: "أنتم أحرار، اخرجوا! كل شيء انتهى". وخرج عشرات السجناء بوجوه هزيلة وأجساد ضعيفة، وكانوا يتساءلون: "ماذا حصل؟".
مع خروج آلاف المعتقلين من سجون النظام السوري البائد، ينتظر أهالي المغيّبين قسريًا أي دليل يرشدهم إلى أبنائهم.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 10, 2024
نستعيد لكم تجربة "رعب الصور" التي يعيشها ذوو المفقودين في #سوريا، ضمن سلسلة شهادات "ذاكرة الغائبين" من ألترا صوت.
يوتيوب: https://t.co/jZ6WS6iHan
ساوندكلاود:… pic.twitter.com/vQ0TLGc3fz
وأظهرت المقاطع المصورة الزنزانات، حيث كانت الجدران مغطاة بالرطوبة والأوساخ، ولم يكن بداخلها سوى بطانيات رقيقة ملقاة على الأرض.
وقد احتشد آلاف السوريين أمام السجن بانتظار معرفة مصير أقاربهم المعتقلين، مع ورود أنباء عن وجود زنازين وسراديب سرية تحت الأرض لم تُكتشف ولم تُفتح بعد.
ونشر رئيس منظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، رائد صالح، منشورًا في حسابه على منصة "إكس"، جاء فيه أن "فرق المنظمة لم تعثر خلال بحثها في سجن صيدنايا على أي أبواب سرية يتم الحديث عنها".
وفي وقت لاحق، صرّحت المنظمة بأن "الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية، وبوجود فرق (K9) تضم كلابًا مدربة، يرافقها في البحث أشخاص يعرفون تفاصيل السجن، إضافة إلى اعتمادنا على إرشادات من أناس تم التواصل معهم من قبل الأهالي، يؤكدون معرفتهم بمداخل السجن والأقبية السرية".
وأعلنت المنظمة تخصيص مكافأة مالية قدرها ثلاثة آلاف دولار أميركي لكل من يدلي بمعلومات مباشرة تؤدي إلى تحديد أماكن سجون سرية في سوريا يوجد فيها معتقل. لترفعها لاحقًا لتصبح خمسة آلاف دولار.
كما دعت "الأهالي وذوي الضحايا إلى عدم الحفر في السجون أو المساس بها، لأن ذلك قد يؤدي إلى تدمير أدلة فيزيائية قد تكون أساسية للكشف عن الحقائق ودعم جهود العدالة والمحاسبة".
🎥 هل من أقبية سريّة في سجن #صيدنايا؟ pic.twitter.com/yW6JThf1Pj
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 10, 2024
وفي وقت لاحق، أعلن الدفاع المدني السوري في بيان عن الانتهاء من أعمال البحث عن معتقلين محتملين متبقين في أقبية وسراديب سرية في سجن صيدنايا.
بدوره، أشار تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط إلى أن "هناك المئات، وربما الآلاف، من السجناء المحتجزين في طابقين أو ثلاثة تحت الأرض، خلف أقفال إلكترونية وأبواب محكمة".
في شوارع العاصمة السورية، يمكن التعرف إلى المساجين من وجوههم الهزيلة أو آثار التعذيب الذي تعرضوا له، كما تشير وكالة "فرانس برس". وفي ظل هذه الفوضى، لم يكن السجناء يعرفون أين يذهبون أو من ينتظرهم.
وما زال السوريون يبحثون عن أقاربهم. ومن بين هؤلاء عايدة طاهر، البالغة من العمر 65 عامًا، التي تبحث عن شقيقها الذي اعتُقل عام 2012. وقالت لـ"فرانس برس: "ركضت في الشوارع كالمجنونة في طريقي إلى صيدنايا". وتضيف: "لكنني اكتشفت أن بعض السجناء ما زالوا في الأقبية، وهناك ثلاثة أو أربعة أقبية، وقالوا إن الأبواب لا تفتح لأنهم لا يملكون الرموز الصحيحة".
وفي طابور طويل، تقف عائلات حاملة صورًا باللونين الأسود والأبيض لشبان مفعمين بالحياة، أو لمتظاهرين رفعوا أعلام الثورة عام 2011. ويسأل أفرادها عمّا إذا كان أحد قد رآهم، أو إن كانوا في سجن صيدنايا، أو إن كانوا قد استشهدوا. مع بعض الأمل برؤيتهم مجددًا أحياءً.