سوق السيارات المستعملة في شمال سوريا.. انتعاش مدعوم بالاستيراد وارتفاع الأسعار

يشهد سوق السيارات المستعملة في ريف إدلب، شمالي سوريا، نشاطًا ملحوظًا منذ اليوم الأول لإعلان سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وعصابته التي كانت تتحكم في كل مفاصل الحياة. فقد كان اقتناء سيارة عائلية بمواصفات محدودة أبعد من الأحلام الوردية لدى معظم شرائح المجتمع السوري.

وقد بلغ سعر أصغر وأرخص سيارة في مناطق نفوذ النظام السابق نحو 100 مليون ليرة سورية، لسيارة من طراز "سيدان" موديل عام 2000، وهي من السيارات العائلية الصغيرة، رغم أن متوسط الدخل الشهري لم يكن يتجاوز حاجز 500 ألف ليرة عند الغالبية العظمى من المواطنين العاملين أو الموظفين الحكوميين.

من الطموح إلى تحقيق الأمنيات

منذ اليوم التالي لإعلان سقوط النظام السابق بكافة أركانه، اتجهت أنظار الطامحين لاقتناء السيارات بمختلف فئاتها، بما في ذلك العائلية والنقل والشحن، نحو "سوق السيارات الأوروبية المستعملة" في سرمدا - باب الهوى، شمالي إدلب، بهدف العثور على السيارة المطلوبة. وقد أدى ذلك إلى انفجار في مستوى الطلب وارتفاع قياسي في الأسعار تراوح بين 100% بشكل عام و150% لبعض الفئات. ويعزى هذا الارتفاع إلى عاملين رئيسيين:

• الأول: كثرة الطلب رغم قلة المعروض في السوق.
• الثاني: رفع الأسعار من قبل المصدرين عمومًا، ولا سيما في كوريا الجنوبية التي تحتل النسبة العظمى في تصدير السيارات إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

يشهد سوق السيارات المستعملة في ريف إدلب، شمالي سوريا، نشاطًا ملحوظًا منذ اليوم الأول لإعلان سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد

واقع السوق: بين المتوفر والمطلوب

اعتمد مستوردو السيارات خلال السنوات العشر الماضية على الواردات القادمة من كوريا الجنوبية بنسبة 95%، نظرًا لتوافر النوعية التي تخدم السوق من حيث المواصفات والسعر المناسب وقطع الغيار. في المقابل، كان الوارد من أسواق الخليج العربي وأوروبا محدودًا بسبب فارق النوعية والسعر بين الدول المصنعة واختلاف المواصفات المخصصة لبعض الأسواق.

الأكثر طلبًا في السوق

شهد سوق السيارات العاملة على البنزين تحسنًا كبيرًا خلال هذه الفترة، بعد ركوده في السنوات السابقة لتحرير سوريا بالكامل، وذلك نتيجة قلة توفر مادة البنزين الممتاز وارتفاع سعره مقارنة بمادة المازوت. وأصبحت الفئة الأكثر طلبًا حاليًا هي السيارات العائلية الصغيرة والمتوسطة، تليها السيارات الأكثر ارتفاعًا عن الأرض، المعروفة باسم "Cross Over" أو سيارات 4×4.

وفيما يخص الصناعة والنوع، فإن السيارات الكورية من طراز "هيونداي" و"كيا" هي الأكثر توافرًا واستهدافًا. كما زاد الطلب على السيارات اليابانية مثل "تويوتا"، "هوندا"، "ميتسوبيشي"، "مازدا"، و"نيسان"، تليها السيارات الألمانية من طراز "أودي" و"BMW" للفئة نفسها.

أما بالنسبة للسيارات من فئة 4×4، فكان الطلب على أنواع "رانج روفر"، "BMW"، "لكزس"، و"تويوتا" رغم ندرتها في السوق. كذلك نشط سوق السيارات الفاخرة مثل "مرسيدس"، مع إقبال المشترين الجدد الوافدين من المدن الكبرى على السيارات العاملة بالبنزين منها.

سوق الاستيراد

خلال جولة أجراها "الترا صوت – سوريا" في منطقة السوق الحرة الواقعة قرب باب الهوى، أكد كبار المستوردين، بما في ذلك شركات "الآغا"، "الرسلان"، "صبحي الخطيب"، "عباد الرحمن"، و"المعرّاوي"، استمرار الاستيراد مع اقتراب وصول دفعات جديدة أكثر تنوعًا وعددًا. وأشاروا إلى أن السوق لم يعد يقتصر على تغذية شمالي حلب وإدلب وريفها فقط، بل أصبح يغطي المدن السورية الكبرى بعد سقوط نظام الأسد.

وفي السياق ذاته، لا يوجد احتكار في عمليات الاستيراد والتوريد للسوق، مع دخول أسماء جديدة إلى هذا المجال من مختلف المحافظات السورية وافتتاح أسواق ومعارض جديدة ضمن المدن الكبرى. وأكد المستوردون عدم وجود زيادة على الرسوم الجمركية في معبر باب الهوى الحدودي، لكنهم أضافوا أن سبب الارتفاع يعود إلى زيادة الطلب في سوق التصدير الخارجي، بالإضافة إلى زيادة طفيفة في رسوم مرفأ مرسين جنوب تركيا، الناتجة عن انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار. ويعد مرفأ مرسين النقطة الوحيدة التي تصل إليها هذه السيارات عبر البحر قبل نقلها إلى الداخل السوري.

🎥 دير الزور.. انفراج في أزمة رغيف الخبز مع عودة الفرن الآلي الثاني في حي هرابش للعمل. pic.twitter.com/ccGcmusnLP

— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 17, 2024

يجدر الذكر هنا أنه لا توجد أنباء رسمية حتى اليوم من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير، بشأن فتح باب الاستيراد عبر مرفأي طرطوس واللاذقية اللذين تعرّضا لغارات كثيفة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بُعَيد سقوط نظام الأسد مباشرةً.

مستقبل السيارات المستعملة المستوردة

حتى الآن، لا توجد أي أنباء رسمية من رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير، بشأن فتح باب الاستيراد عبر مرفأي طرطوس واللاذقية اللذين تعرضا لغارات كثيفة من جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب سقوط نظام الأسد.

في حديثه لـ"الترا صوت – سوريا"، أشار مدير المؤسسة العامة للنقل في ريف حلب، محمود عرابي، إلى استمرار تسجيل جميع المركبات رسميًا لكافة الفئات، مؤكدًا عدم وجود زيادة في رسوم التسجيل عن سابق عهدها قبل 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري. وأوضح أن كلفة رسوم التسجيل تتفاوت بحسب سنة الصنع وحجم المحرك بالنسبة للسيارات العائلية، بينما تُجبى رسوم سيارات النقل والشحن بناءً على الوزن وسنة الصنع.