سوق قطع صيانة السيارات في سوريا يصطدم بتوجهات السوق الحر
2 يناير 2025
تتردّد في الشارع السوري الأنباء عن فارقٍ كبير بأسعار قطع صيانة السيارات بين دمشق وحلب، كبرى المدن السوريّة، وتفرض ضرورات عمل أغلب السيارات ضمن قطّاع المواصلات العامّة استمرارية العمل، ويهمّ أي وسيلة نقل أن لا تبقى أيّامًا دون عمل، وبالتالي لا يزال سوق الصيانة في دمشق الفاعل الوحيد، بالذات منطقة "حوش بلاس" الصناعية، على أوتستراد درعا - دمشق. واللافت أيضًا الحضور الجديد للسيارات الأوروبية في سوق السيارات المستعملة، وهو ما أدّى لتهاوي سعر المركبات التي سيطرت على المشهد في مناطق سيطرة النظام سابقًا، بالذات السيارات الكوريّة من نوع "هيونداي" و"كيّا".
خلال زيارة ميدانية للمنطقة الصناعيّة يتضح أن معظم ما يُشاع يفتقد إلى السياق، فقطع السيّارات التي يُتداول أسعارها المنخفضة هي الواصلة حديثًا دون تكاليف جمركية؛ إن وجدت، وهي بغالبها لا تتوافق مع السيارات التي تشغل الحيّز الأكبر من سيارات دمشق، الفارق الأساسي بكونها قطعًا تعمل على سيّارات المازوت وليس البنزين، مثل موديل "سانتافيه" ذائع الصيت في شمالي سوريا، قبل توافدها إلى دمشق بعد سقوط النظام.
وبحسب أحد التجّار الذين تحدثوا لشبكة "الترا صوت"، فقد خفضت الوكالات أسعار القطع بنسبة 10 بالمئة استجابةً لأول قرارات إلغاء الرسوم، مثل إعادة الإعمار وما يُلحق بها من طوابع، علمًا أن هذه البضاعة التي في المستودعات قد تم جلبها خلال فترة نظام الأسد البائد.
رئيس غرفة تجارة وصناعة القنيطرة، عامر منصور، قال لـ"الترا صوت": "التوجه الحكومي صناعي، لذلك مدخلات الإنتاج الصناعية والزراعية هي أكثر من سيتعرّض لتنزيل الرسوم، قد تصل للصفرية"
الوضع القائم حاليًّا لا يزال مرتكزًا على قطع الصيانة التي تم استيرادها خلال حكم النظام البائد، وهي محمّلة بأرقامٍ كبيرة نتيجة التكاليف الجمركية العاليّة التي كانت علامة مميزة للاقتصاد السوري في زمن النظام السابق. وفي حديثه لشبكة "الترا صوت" يوضّح رئيس غرفة تجارة وصناعة القنيطرة، عامر منصور، أسباب الاختلاف السابق ومنحى السوق المتوقّع مع بداية العام.
يقول منصور: "التوجه الحكومي صناعي، لذلك مدخلات الإنتاج الصناعية والزراعية هي أكثر من سيتعرّض لتنزيل الرسوم، قد تصل للصفرية"، ويتابع حديثه مضيفًا "باقي المواد لن يكون هناك منع من الاستيراد، وذلك حسب التوجّه الحكومي نحو السوق الحرّ، لكن سيتم حماية الصناعة المحلّية برفع رسوم المنتجات المستوردة، ولا نزال ننتظر بداية العام".

ويستكمل منصور حديثه بالقول إنه "سيكون هناك تعميم على توحيد التعرفة الجمركية على كل المعابر الحدود، رسوم مشتركة، دليل تطبيقي جديد، قوائم سلبية وإيجابية جديدة، كما يجب أن يكون في أي بلدٍ متحد"، مرجحًا أن "أسعار قطع الصيانة الموجودة حاليًا ستنخفض تدريجيًا، نتيجة للعرض والطلب في السوق، وستدخل بضائع جديدة، فلا بدّ للمستودعات أن تخرج بضاعتها".
أما بالنسية لحركة بيع السيارات الجديدة وتوافر قطع صيانتها في السوق، يؤكّد منصور في حديثه أنها "بدأت تدخل السوق، وبالفعل هي أرخص من أسعار القطع الموجودة سابقًا". ومرَد ذلك هو جمركيّ بدرجة أولى، فاتسمت الرسوم في عهد الأسد بارتفاعها الشديد، والإجراءات التي تستهدف رأس مال التجّار مثل منصّة التمويل التي تجمّد أموال المستورد لـ120 يومًا.
السيارات الواصلة حديثًا
تحت المحلّق الجنوبي، عند زاوية الزاهرة الجديدة، تشغل الأرصفةَ عدّةُ سياراتٍ بغرض البيع، لا يتضح اسم المكتب، لكن أحد وسطاء بيع السيارات يقول لشبكة "الترا صوت" إن "هذه السيارات برائحة الحرّية"، مؤكدًا أن "هناك تحدّيات بسبب المخاوف التي يبثّها أصحاب مكاتب السيارات، لا يريد المتاجرون بالسيّارات ضمن العاصمة ومحيطها أن يخسروا أموالهم المجمّدة على هيئة مركباتٍ، وقد نزل سعرها اليوم أقل بكثير ممّا كان قبل سقوط النظام، بحكم قلّة السيارات التي كانت متاحةً في مناطقه".

وينهي الوسيط حديثه بالقول إن "العقد يتم بفراغٍ كامل ويحتاج إتمامه رحلةً إلى إدلب"، مؤكدًا "أنه لا جمارك على هذه السيارات بكونها دخلت البلاد، بانتظار ما سيتحدّد قريبًا من تعرفةٍ جمركية". ويجدر القول إنه خلال هذه الجولة كانت كلّ الأحاديث تقدّر الأسعار بالدولار، دون ذكرٍ لليرة السوريّة.
وكانت شبكة "الترا صوت" قد أشارت في تقرير سابق إلى أن سوق السيارات المستعملة في ريف إدلب، شمالي سوريا، يشهد نشاطًا ملحوظًا منذ اليوم الأول لإعلان سقوط نظام الأسد، حيثُ اتجهت أنظار الطامحين لاقتناء السيارات بمختلف فئاتها، بما في ذلك العائلية والنقل والشحن، نحو "سوق السيارات الأوروبية المستعملة" في سرمدا - باب الهوى، شمالي إدلب، بهدف العثور على السيارة المطلوبة.
وبحسب التقرير ذاته، فقد اعتمد مستوردو السيارات خلال السنوات العشر الماضية على الواردات القادمة من كوريا الجنوبية بنسبة 95%، نظرًا لتوافر النوعية التي تخدم السوق من حيث المواصفات والسعر المناسب وقطع الغيار. في المقابل، كان الوارد من أسواق الخليج العربي وأوروبا محدودًا بسبب فارق النوعية والسعر بين الدول المصنعة واختلاف المواصفات المخصصة لبعض الأسواق.