صفقة طائرات رافال الفرنسية لصربيا.. هل يتنفّس ماكرون الصعداء؟
31 أغسطس 2024
يبحث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن إنجاز يزيد من مقبوليته لدى الفرنسيين في خضم أزمة تشكيل الحكومة التي يحمله قطاع كبير من الفرنسيين المسؤولية عنها.
ويبدو أنّ ساكن الإليزيه وجد ضالته في صفقة الأسلحة المليارية مع صربيا، على الرغم مما تثيره الصفقة من هواجس تتعلق بالتقارب بين صربيا وروسيا وموقف صربيا الغامض من حرب أوكرانيا.
لكن ماكرون حريص على إتمام الصفقة، خاصةً أنّ بلاده تعرضت لخيبة كبيرة مع صفقة الغواصات مع أستراليا، التي رست في الأخير على شراكة أميركية بريطانية رأت فيها باريس ضربةً غادرة لها. ومن جهة ثانية، سيمثل إنجاز الصفقة دفعةً جديدة للصناعة العسكرية الفرنسية.
ينظر المحللون إلى صفقة الأسلحة بين باريس وبلغراد بوصفها محاولةً من صربيا لكسب الصوت الفرنسي لصالح ملف انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي
ولأجل حسم صفقة السلاح الجديدة سافر ماكرون إلى صربيا، وتصدّرت صفقة الطائرات المقاتلة من طراز "رافال" الفرنسية التي تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات يورو.
ووفقًا لبيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، فإن هدف زيارة ماكرون إلى صربيا هو "تعميق العلاقات والتعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والصحة والطاقة والثقافة".
لكنّ ما هو أهم، وتفادى بيان الإليزيه ذكره، هو استكمال صفقة شراء بلغراد 12 طائرةً مقاتلة من طراز "رافال"، من أجل تجديد "سلاحها الجوي" الذي يعتمد بشكلٍ أساسي على مقاتلات من طراز "ميغ" تعود إلى فترة الاتحاد السوفياتي.
تمّت الصفقة وأعلن الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أنه "ممتن" "لانضمامه إلى نادي رافال المرموق"، في حين أعلن ماكرون أن شراء صربيا 12 مقاتلة فرنسية من طراز "رافال" هو "تغيير استراتيجي"، وأضاف الرئيس الفرنسي قائلًا: "إنه انفتاح على تغيير استراتيجي بالرغم من ضغوط كثيرة ينبغي الإشارة إليها. إنها شجاعة استراتيجية فعلية وفرصة بالنسبة إلى أوروبا".
وكان الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش قد قال إن حكومته "تعمل منذ فترة على الانتهاء من العقد، في سبيل تجديد الطائرات الاعتراضية والمقاتلة وإعداد الجيش".
يشار إلى أنّ صربيا وقعت مجموعةً من الاتفاقيات مؤخرًا للحصول على الأسلحة من الصين وروسيا ودول أوروبية، وذلك مع إقرار بلغراد زيادةً كبيرة في موازنتها العسكرية، بهدف "تجديد أسطولها العسكري المتقادم".
وبالنسبة للصفقة الفرنسية، سبق للرئيس الصربي العام الماضي أن أشار إلى أن بلاده مستعدة "لدفع 3 مليارات يورو مقابل شراء الطائرات المقاتلة". وقبيل زيارة ماكرون الأخيرة لبلغراد التي بدأت الخميس الماضي، وصف فوتشيتش، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الصفقة بأنها "عقدٌ ضخم لبلدنا وليس عقدًا صغيرا حتى بالنسبة لفرنسا".
جدل داخل فرنسا بشأن الصفقة
أثارت صفقة حصول صربيا على 12 مقاتلةً فرنسية من طراز "رافال" جدلًا كبيرا في الصحافة الفرنسية، لناحية تداعياتها الجيوسياسية في المنطقة الأوروبية.
وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة "لوباريسيان" الصفقة "مثيرةً ولكنها حساسة"، وذلك لأنّ "النظام الصربي قريبٌ من روسيا ويحافظ على موقفٍ غامض بشأن الحرب في أوكرانيا"، متسائلةً: أليس ثمة خطر في نقل التكنولوجيا العسكرية الفرنسية إلى روسيا، أو رؤية طائرات "رافال" تستعمل لتخويف كوسوفو المجاورة، التي لم تعترف بلغراد باستقلالها بعد؟.
وبحسب مسؤولٍ فرنسي كبير تحدث لصحيفة "لوباريسيان"، فإن ثمة شروطًا في بنود الصفقة تحكم استعمال الطائرات، ومع ذلك يعتبر المسؤول الفرنسي في الإليزيه أنّ "روح الشراكة الإستراتيجية مع صربيا تتمثل في ربطها بأقوى ما يمكن بالاتحاد الأوروبي".
وقال ماكرون ردًا على سؤال عن العلاقات الودية بين صربيا وروسيا، وخصوصًا أن بلغراد لم تبادر إلى فرض عقوبات على موسكو منذ الحرب في أوكرانيا، "إنه تغيير فعلي".
وكانت بلغراد قد قدّمت تطميناتٍ للاتحاد الأوروبي بالتزامها "الحياد العسكري"، مع إصرارها على رفض "قطع العلاقات مع روسيا والانضمام إلى العقوبات الغربية ضدّها".
يشار إلى أن انضمام صربيا للاتحاد الأوروبي لا يزال يواجه صعوبات تحول دون الحصول على العضوية الكاملة، وإن كانت حظيت عام 2012، أي بعد 3 سنوات من تقديم ملف الترشح للعضوية، بصفة الدولة المرشحة.
وينظر المحللون إلى صفقة الأسلحة بين باريس وبلغراد بوصفها محاولةً من صربيا، من أجل كسب الصوت الفرنسي لصالح ملف انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي
ويبدو أنّ جهود بلغراد أثمرت ـ خاصةً بعد اللقاء الذي جمع الرئيسين الفرنسي والصربي في باريس نيسان/إبريل الماضي حيث أكّد ماكرون على هامش اللقاء أنّ "مستقبل صربيا هو داخل الاتحاد الأوروبي وليس في أي مكان آخر".
وتعدّ زيارة ماكرون الحالية لصربيا بمثابة دعمٍ لتحركاتها الرامية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.