صيف المغاربة.. سياحة داخلية ومهن موسمية
11 يوليو 2016
خلال الأعوام الأخيرة، وعند نهاية شهر رمضان، تحل العطلة الصيفية عند فئات واسعة من المغاربة، فبمجرد الاحتفال بعيد الفطر بمختلف طقوسه وعاداته الاجتماعية، يتوجه البعض إلى المدن الساحلية السياحية بالمغرب، خاصة بعد ارتفاع درجة الحرارة. ويبلغ الموسم الصيفي في المغرب ذروته خلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، قبل استئناف التحصيل الدراسي الذي يجبر المسافرين على العودة إلى منازلهم.
السياحة البحرية أو الجبلية لا تغيب عن صيف المغاربة ولو اضطروا إلى التداين
صارت الإجازة الصيفية بالمغرب، خلال السنوات الأخيرة، إجبارية عند الكثير من الأسر المغربية، لاسيما الأسر التي تضم أطفالًا، فهم يجبرون آباءهم على السفر لقضاء العطلة خارج المنزل، وهذ الأمر يثقل كاهلهم أحيانًا، فالاصطياف خارج البيت لم يعد يقتصر على الطبقات الميسورة بل صار موعدًا سنويًا إجباريًا حتى لمن لا تسمح إمكانياته المادية بالتنقل والسفر.
اقرأ/ي أيضًا: إجازة الجزائريين الصيفية.. بين تونس والجزائر
تقول مريم، في الأربعينيات من عمرها، وهي معلمة، تدرس تلاميذ الابتدائي في إحدى المدارس بالدار البيضاء، إن "العطلة الصيفية بالنسبة لأسرتها موعد ثابت، تتوجه العائلة إلى شمال غرب المغرب، خاصة ضواحي مدينة تطوان، يحب الأطفال قضاء الإجازة هناك حيث البحر مغرٍ للسباحة". وتضيف لـ"الترا صوت" أن "راتبها وراتب زوجها قد لا يكفيان لجميع مصاريف الرحلة، إلا أنها تعرف كيف تدبر أمورها، وقد تلجأ أحيانًا إلى قرض بنكي تسدده بعد شهور من عودتها من الإجازة".
وعن الالتجاء للتداين، توضح مريم: "لا أستطيع ادخار مبالغ إضافية لتغطية مصاريف الرحلة، لهذا لا أملك خيارًا آخر غير قرض الاستهلاك، حيث تقدم البنوك والمؤسسات المالية تسهيلات مهمة في هذا الموضوع، بالرغم من أنني غير مقتنعة بهذا الحل إلا أنني لا أملك سواه أمام إلحاح أطفالي".
فاطمة، وهي في الخمسينيات من العمر، تؤكد بدورها أن "العطلة الصيفية أصبحت ضرورية وقضاؤها خارج البيت لا نقاش فيه". وفاطمة، ربة بيت، تدخر مصاريف العطلة بفضل دخولها "القرعة" أو "درات"، وهي عبارة عن اتفاق عدد معين من الأشخاص على تقديم مبلغ شهري ويحددون مع نهاية كل شهر من منهم سيأخذ مبلغًا محددًا.
في عطلة الصيف، يلجأ الشباب العاطل عن العمل أو بعض الطلبة إلى العمل كباعة متجولين أو في الحراسة لكسب بعض المال
اقرأ/ي أيضًا: "البوقالة" تؤنس سهرات الجزائريات في رمضان
ويعد الشمال الغربي أو الشرقي المغربي وجهة مفضلة عند الكثير من المصطافين، خاصة ضواحي مدينتي تطوان أو طنجة، بينما يفضل آخرون التوجه إلى الشمال الشرقي حيث الحسيمة أو السعيدية، فهذه الأماكن معروفة بشواطئها الخلابة وبحرها المتوسطي الجميل، وفي كل سنة تعرف هذه المناطق ازدحامًا وإقبالًا ملحوظًا خلال أشهر الصيف. وينجر عن ذلك ارتفاع أسعار الفنادق والإقامات السياحية فضلاً عن البيوت المعدة للإيجار اليومي، والتي تكترى بأثمان باهظة أحيانًا.
لكن يختار البعض الآخر التوجه إلى المدن الجبلية حيث شلالات وانتعاش الطبيعة، كمناطق "ّشلالات أسود" أو "بين الويدان"، إذ في السنوات الأخيرة عرفت السياحة الجبلية ازدهارًا بالمغرب، حيث يتوافد آلاف المغاربة على مناطق جبال الأطلس حيث المناخ المعتدل مع المناظر الطبيعية الخلابة، دون أن ننسى فئة أخرى من المصطافين المغاربة وهم الذين يفضلون التوجه إلى جنوب المغرب مثل مدينة "أكادير". هكذا تنتعش السياحة الداخلية في المغرب بشكل ملحوظ في الصيف كما يُلاحظ انتشار بعض المهن الموسمية.
في عطلة الصيف، يلجأ الشباب العاطل عن العمل أو بعض الطلبة إلى العمل كباعة متجولين، وتتنوع السلع المقدمة ومنها الأكلات السريعة أو المثلجات الرخيصة، البعض يختار أن يعمل في حراسة بعض المرائب، وتفضل بعض الأسر كراء منازلها للسياح، وكلها موارد رزق تخفف من معاناة الشباب العاطل عن العمل وتزيد من دخل العائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل.
اقرأ/ي أيضًا: