طالبوا بالعودة إلى مسار الاتحاد الأوروبي.. عشرات الآلاف يتظاهرون في جورجيا
1 ديسمبر 2024
شهدت دولة جورجيا المطلة على البحر الأسود، ليل السبت – الأحد، لليوم الثالث على التوالي احتجاجات شارك فيها عشرات الآلاف ردًا على تعليق "الحزب الحالم" الحاكم محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد يوم واحد من إعلان فوزه بالانتخابات التشريعية، وتقول المعارضة التي تقودها رئيسة البلاد، سالومي زورابيشفيلي، إنها "مزورة".
وكان رئيس الوزراء الجورجي، إيراكلي كوباخيدزه، قد قال في تصريحات صحفية، الخميس الماضي، إن تبليسي علّقت طلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، مضيفًا أن جورجيا سترفض جميع المنح المخصصة لها من الاتحاد الأوروبي، والتي تُقدر بأكثر من 500 مليون دولار، وهو ما ترى المعارضة أنه توجه يبعد جورجيا عن الدول الغربية، ويجعلها أكثر قربًا من روسيا والصين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتحظى هذه الدولة الصغيرة في جنوب القوقاز التي تبلغ مساحتها نحو 69,7 كم2 بعدد سكان يقارب 3,7 مليون نسمة باهتمام الدول الغربية، نظرًا لتشاركها الحدود الشمالية مع روسيا. وتعرضت جورجيا لغزو روسي في عام 2008، والذي انتهى باستيلاء موسكو على منطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، ما يشكل 20 بالمئة من مساحتها المعترف بها دوليًا.
تحظى هذه الدولة الصغيرة المطلة على البحر الأسود في جنوب القوقاز باهتمام الدول الغربية، نظرًا لتشاركها الحدود الشمالية مع روسيا
وأظهرت مقاطع مصوّرة إطلاق عناصر الشرطة أعيرة مطاطية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه تجاه المحتجين الذين قارب عددهم 100 ألف شاب وشابة، الذين ردوا على عنف الشرطة بإطلاق المفرقعات النارية، فيما ذكر مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية أنه "شوهدت ألسنة لهب تتصاعد من إحدى نوافذ مبنى البرلمان".
وجاءت هذه الاحتجاجات بعد إعلان "الحزب الحالم" فوزه بالانتخابات التشريعية التي نُظمت، الأربعاء الماضي، وبحسب وكالة "إنترفاكس" الروسية، فإن نتائج الانتخابات أظهرت فوز هذا الحزب المتهم بموالاته لروسيا بـ89 مقعدًا من أصل 150 مقعدًا برلمانيا، ما يعادل نسبة 53.93 بالمئة، في مقابل حصول المعارضة المكونة من ائتلاف مؤيد للغرب يضم أربع أحزاب على 61 مقعدًا، ما يعادل نسبة 37.79 بالمئة. ويقول المحتجون إنهم صوتوا من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والدفاع عن حقوق الإنسان,
وقالت وزارة الداخلية "تصرفات بعض الأفراد الذين شاركوا في التظاهرة أصبحت عنيفة بُعيد انطلاقها"، مضيفة أن ردها سيكون "وفق القانون"، بحسب ما تنقل الوكالة الفرنسية، ومعلنة أنها اعتقلت 150 شخصًا "لعصيانهم أوامر الشرطة القانونية والتخريب"، فيما أصيب 42 شرطيًا على الأقل.
I’ve been reporting from the ground for 10 years, and I’ve never seen anything even close to what I witnessed today and yesterday.
— Anna Gvarishvili (@AnnaGvarishvili) November 29, 2024
This feels like a turning point in #GeorgiaProtests. I have never seen the Georgian people so unyielding. Just last week, I wrote that the smaller… pic.twitter.com/TDH9LSyBRc
وتشير الوكالة الفرنسية إلى أن المئات من الموظفين،وخاصة العاملين في وزارات الخارجية والدفاع والتعليم، فضلًا عن عدد من القضاة، قد أصدروا بيانات مشتركة احتجاجًا على القرار، وتعليق أكثر من 100 مدرسة وجامعة أنشطتها، فيما انتقد نحو 160 دبلوماسيًا جورجيًا قرار تعليق الانضمام للتكتل الأوروبي، مؤكدين أنه يتعارض مع الدستور، وتوقعوًا بأن "يؤدي إلى عزلة دولية" للبلاد.
وقالت رئيسة جورجيا، سالومي زورابيشفيلي، إنها لن تغادر منصبها في في 14 كانون الأول/ديسمبر الجاري، مضيفة في خطاب متلفز أن "حركة المقاومة بدأت.. أنا متضامنة معها"، وتابعت "سنبقى متحدين حتى تحقق جورجيا أهدافها: العودة إلى مسارها الأوروبي، وتنظيم انتخابات جديدة"، وفقًا للوكالة الفرنسية.
وفي لاحق، قال كوباخيدزه إن تصريحاته قد تم تحريفها، مشددًا على أن نيل العضوية الكاملة في التكتل الأوروبي "بحلول عام 2030" يبقى "أولوية" بالنسبة إليه. وسارع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الإشادة بخطوة تعليق طلب العضوية، مثنيًا على "شجاعة" الحزب الحاكم لـ"الدفاع عن وجهة نظرهم"، بحسب "نيويورك تايمز".
وفي أول رد غربي على إجراءات تبليسي تجاه بروكسل، قالت المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن: "قرار حركة الحلم الجورجي بتعليق انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي يشكل خيانة للدستور الجورجي. ونحن ندين استخدام القوة المفرطة ضد الجورجيين الذين يمارسون حريتهم في الاحتجاج"، مشيرًا إلى تعليق واشنطن شراكتها الاستراتيجية مع جورجيا.
Tbilisi Now! 🇬🇪🇪🇺 30.11.2024
— Mariam Kasrashvili 🇬🇪🇺🇦🇪🇺 (@KasrashviliM) November 30, 2024
This is an insane amount of people!
I love u my brave and beautiful Georgia! #TbilisiProtests #GeorgiaProtests
📸 Levan Kakulia @MtavariChannel pic.twitter.com/7elyQfbt3d
وفي قراءتها للاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها تبليسي، تقول الباحثة في وحدة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في مركز دراسات السياسة الأوروبية، تيناتين أخفليدياني، لموقع "بوليتيكو" إن "هذه المقاومة قد تجاوزت بالفعل التظاهرات العامة السابقة"، مشيرة إلى أن "حزب الحلم الجورجي في ورطة، لأن من الصعب رؤية كيف يمكنهم تبرير إعلانهم هذا في ظل الدعم الواسع للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، مضيفة "يبدو أنهم سيستخدمون جميع قوتهم لقمع المحتجين".
من جانبها، حثت عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي ونائبة رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد الأوروبي وجورجيا، ناتالي لويزو، القيادة الجديدة للتكتل الأوروبي على الذهاب إلى تبليسي لدعم المعارضة و"المطالبة بإجراء انتخابات جديدة". وكان التكتل الأوروبي قد جمّد طلب عضوية جورجيا في تموز/يوليو الماضي، مرجعًا ذلك قرار "الحزب الحالم" التي تصف المنظمات غير الحكومية المدعومة من الغرب بـ"العملاء الأجانب، فضلًا عن قمع الحريات الجنسية، وهو ما ترى المعارضة أنها قرارت شبيهة بالقرارات التي تصدر في روسيا، وفقًا لـ"بوليتيكو".
وكان 444 نائبًا في التكتل الأوروبي قد صوتوا على اقتراح يقضي بعدم قبول نتائج الانتخابات البرلمانية الجورجية بحجة أنها "لا تمثل إرادة الشعب الجورجي"، داعيًا إلى إعادة تنظيمها بإشراف دولي، وهو الأمر الذي نفاه الحزب الحاكم. وقال وزير الخارجية المعين حديثًا في البلاد، ماكا بوكوريشفيلي، إن قرار التكتل الأوروبي يستند إلى "معلومات غير دقيقة"، بحسب تقرير آخر لـ"بوليتيكو".