عزيز أخنوش.. من هو الرجل الذي سيقود المغرب في المرحلة القادمة؟
11 سبتمبر 2021
الترا صوت – فريق التحرير
فاز حزب التجمع الوطني للأحرار بالمركز الأول في انتخابات المغرب التشريعية، ليصبح رئيسه عزيز أخنوش المكلف بتشكيل الحكومة للمرة الأولى منذ 10 سنوات من سيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
فاز حزب التجمع الوطني للأحرار بالمركز الأول في انتخابات المغرب التشريعية، ليصبح رئيسه عزيز أخنوش المكلف بتشكيل الحكومة للمرة الأولى منذ 10 سنوات من سيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي
وتنص المادة 47 من الدستور المغربي على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي حصل على أكبر نسبة وتصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، ومنذ تعديل الدستور سنة 2011 جرى العرف أن يعين الملك زعيم الحزب الفائز في منصب رئيس الحكومة.
اقرأ/ي أيضًا: انتخابات المغرب.. فوز "الوطني للأحرار" وتراجع مدوّ لحزب "العدالة والتنمية"
حزب التجمع الوطني للأحرار الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت الأربعاء الماضي، تأسس على يد أحمد عصمان الوزير الأول السابق وصهر الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1978، ويصنف الحزب على أنه يميني التوجه، لكنه يعتبر نفسه ينتمى إلى الديمقراطية الاجتماعية باعتبارها مرجعية سياسية ويرفع شعار العدالة الاجتماعية والتمكين للمواطن، بالمقابل يميل المختصون بالشأن السياسي المغربي لوضع الحزب في خانة الموالاة للقصر.
استقطب حزب التجمع الوطني للأحرار الطبقة البرجوازية ورجال الأعمال والأعيان وكبار الموظفين للانضمام إلى صفوفه، وحصل في أول انتخابات نيابية شارك فيها عام 1977 على 144 مقعدًا من أصل 267، وشهد الحزب على مدار تاريخه الذي يمتد لنحو 4 عقود حركتي انشقاق، الأولى عام 1981 عندما خرج محمد أرسلان الجديدي ليؤسس الحزب الوطني الديمقراطي، والثانية عندما انشق عبد الرحمن الكوهن، وهو أحد القيادات المؤسسة للحزب ليؤسس حزب الإصلاح والتنمية عام 2001 احتجاجًا على أسلوب أحمد عصمان في إدارة الحزب.
في أعقاب احتجاجات حركة 20 شباط/فبراير عام 2011 والتي واكبت أحداث الربيع العربي والمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، تزعم الحزب تيار "مجموعة الثمانية" وهو تحالف ضم 8 أحزاب سياسية تجمعت لمواجهة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية المبكرة التي دعا إليها الملك محمد السادس بعد تعديلات دستورية.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، انتخب عزيز أخنوش على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي اعتبر إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة في إرساء دينامية جديدة في حياة الحزب. وكان الأخير قبل توليه رئاسة الحزب قد فاوض باسم تكتل تيار "مجموعة الثمانية" عبد الإله بنكيران من أجل دخولها إلى الحكومة وإقصاء حزب الاستقلال من المشاركة فيها، لكن شروط أخنوش تسببت في تعليق مفاوضات تشكيلها وهو ما أطلق عليه وقتها في المغرب "بلوكاج سياسي"، استمر نحو 5 أشهر، وأفضى إلى عزل رئيس الحكومة المعين وتكليف سعد الدين العثماني الرجل الثاني في الحزب بتشكيل الحكومة، وهو ما حدث وفق شروط أخنوش والتجمع الوطني للأحرار.
ما يعرف عن عزيز أخنوش أنه من مواليد عام 1961 بدوار أكَرض اوضاض تَفراوت وهي مدينة تابعة إداريًا لإقليم تيزنيت بجهة سوس ماسة في جنوب المغرب، وأكمل دراسته في الخارج وحصل على شهادة في الأعمال من جامعة شيربروك الكندية عام 1986. بعد عودته للمغرب أصبح رئيس مجموعة "أكوا"، وهي شركة قابضة تسيطر على عشرات الشركات المتخصصة في توزيع البنزين والاتصالات والخدمات، وهو متزوج من سيدة الأعمال سلوى إدريسي التي تملك شركة للمراكز التجارية وحائزة على حق الامتياز لشركات عالمية متخصصة في الملابس بالمغرب.
وفق تقديرات جهات لها علاقة بعالم المال في المغرب تبلغ ثروة أخنوش الملقب بإمبراطور المحروقات، ملياري دولار، بعد أن كانت 1,7 مليار دولار في العام الماضي، وهو المغربي الوحيد الذي ظهر اسمه في قائمة أثرياء العالم، بحسب تقرير لمجلة "فوربس" الأمريكية. وتولى أخنوش وزارة الفلاحة في المغرب منذ عام 2017 ضمن حكومة العثماني، وتتحدث العديد من المصادر عن علاقة وثيقة تربطه بالقصر وبالعاهل المغربي محمد السادس.
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد نشرت تقريرًا قبل موعد الانتخابات التشريعية أعده الصحفي إسامبارد ويلكنسون بعنوان "عزيز أخنوش.. رجل الملك الذي يهدف إلى طرد الإسلاميين في المغرب"، رصد فيه توظيف أخنوش لثروته الطائلة بهدف الوصول لرئاسة الحكومة، وهى التخوفات التي طرحتها العديد من الأحزاب السياسية بشأن توظيف المال السياسي في الانتخابات.
يقول الصحفي في تقريره بأن "عزيز أخنوش، صديق الملك المغربي محمد السادس، يتحدث بأن لحظة توليه رئاسة الوزراء قد حانت، وحزبه سيفوز في الانتخابات العامة يوم الأربعاء، وبعد ذلك يأمل الناس أن ينثر سخاءه على معقله السياسي وهو الساحل الجنوبي للمغرب، ويمنح أهلها المدارس والمستشفيات والوظائف".
ويرى أخنوش، بحسب الصحفي، أن هناك "صخبًا للتغيير في المغرب وأن الناخبين سيصوتون له، لإنهاء عقد من تولي حزب العدالة والتنمية السلطة، ويقول أنصاره إن الإسلاميين لم يحققوا الرخاء الذي وعدوا به وفشلوا".
ويلفت كاتب التقرير إلى أن "أداء المغرب كان جيدًا نسبيًا من الناحية الاقتصادية، لكن النمو بحاجة إلى أن يمتد إلى ما وراء المدن الكبيرة. ويقول الخبراء إن المنافسة غير موجودة في العديد من القطاعات التي يسيطر عليها رجال الأعمال المقربون من النظام الملكي، لذا يجب زيادة الإنتاجية في القطاع الزراعي، ويجب خلق المزيد من الوظائف للعمال غير المؤهلين، وهم شريحة كبيرة من السكان".
ويوضح الكاتب أن منتقدي أخنوش يرون أن "تغيير الحزب الحاكم لن يكون تغييرًا على الإطلاق، ويشيرون إلى حقيقة أنه مهما كانت النتيجة، فإن الملك سيظل أعلى سلطة في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والدينية"، ويضيف "يذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليشير إلى أن هزيمة حزب العدالة والتنمية ستكون إلى حد ما أحد أعراض تراجع الإصلاحات التي أجراها الملك بعد الربيع العربي، والتي أعطت مزيدًا من الصلاحيات للبرلمان المنتخب والحكومة".
ويلفت ويلكنسون أن "أخنوش، الذي يُعتقد على نطاق واسع أن حزبه التجمع الوطني للأحرار، هو الذي يفضله الملك وأنه بنى سمعته السياسية كوزير للفلاحة لمدة 15 عامًا، يصر على أن قيادته ستكون تحسنًا ملحوظًا عن حكم الإسلاميين"، ويؤكد أنه "أمضى 5 سنوات في إعادة بناء الحزب بشكل جذري، ونشر نفوذه في جميع أنحاء البلاد، وكان هذا وراء التوتر بينه والإسلاميين والأحزاب الأخرى التي اتهمته بإدارة وتمويل حملته الانتخابية بطريقة غير قانونية. وقال حزب الأصالة والمعاصرة، إن حزب التجمع الوطني للأحرار أغرق المشهد السياسي بالأموال".
وينقل إسامبارد ويلكنسون عن ريكاردو فابياني، خبير شؤون شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات في بروكسل، قوله إن "السؤال الرئيسي هو ما إذا كان بإمكان الإسلاميين النجاة من ترويضهم من قبل النظام الملكي، أم أنه سيتم التخلي عنهم من قبل الناخبين المحبطين من عدم قدرتهم على إصلاح النظام". وأضاف فابياني إلى أن "حزب العدالة والتنمية دليل على مقاومة النظام للتغيير، في حين أن البلد رسميًا هو نظام ملكي دستوري، فإن الدولة في الواقع يديرها الملك من خلال شبكة معقدة من المحسوبية التي يسيطر عليها وجهاء الريف وأصدقاؤه".
لا يخفي أخنوش ولاءه للملك حيث يقول: "الفرصة الوحيدة للبلد تأتي لو كان لجلالته رؤية طويلة الأمد تحدد الأولويات الاقتصادية والتنمية، وكونه موجودًا للتأكيد على استمرارية هذه الاستراتيجيات في كل البلاد"
ولا يخفي أخنوش ولاءه للملك حيث يقول: "الفرصة الوحيدة للبلد تأتي لو كان لجلالته رؤية طويلة الأمد تحدد الأولويات الاقتصادية والتنمية، وكونه موجودًا للتأكيد على استمرارية هذه الاستراتيجيات في كل البلاد، وأؤكد لكم أن الملك هو استراتيجي عظيم، وما يحتاجه فقط هو رجال ونساء لديهم الكفاءة لتطبيق هذه الرؤية العظيمة للمستقبل".