1. عشوائيات
  2. مجتمع

عيد الفطر.. فرحة واحدة وطقوس شتى

30 يمشي 2025
في العيد، تعمّ الفرحة الأجواء (EPA)
عماد عنانعماد عنان

تبقى للأعياد الدينية عند العرب والمسلمين نكهة خاصة، وقداسة استثنائية، لا يثنيها عن الاحتفاء بها أي عارض مهما كانت خطورته، فهي أمر رباني وسنة نبوية مطهرة، ويمثل عيد الفطر أحد أبرز تلك الأعياد، فهو التتويج الإلهي لشهر رمضان، والمكافأة الاستثنائية التي ينتظرها الصغار والكبار بعد صيام وقيام ثلاثين ليلة، وعليه كان الاحتفال به مٌباحًا بل وفرضًا على الجميع.

وتمثل الأعياد عمومًا متنفسًا للمسلمين لتبادل التهاني والتبريكات، وإحياء السنن والعادات، وفرصة للتلاحم والتكاتف والتعاضد الذي غاب عن المجتمع بفعل العصرنة والحداثة وسمت الحياة السريع الذي سرق الكثير من القيم والأخلاقيات التي يحاول المسلمون إحياء ولو بعض منها في مثل هذه المناسبات السنوية.

ويحرص المسلمون في شتى بقاع العالم على إظهار الفرحة في هذا اليوم، أيًا كانت الوسيلة، ألعاب ومتنزهات ولقاءات عائلية وتبادل زيارات،  نعم هي فرحة واحدة تعم أجواء الجميع لكن بطقوس مختلفة، تتباين من دولة لأخرى ومن مكان لأخر، حسب عادات وتقاليد وظروف وخصوصية كل بلد، ونستعرض في تلك الإطالة لـ "الترا صوت" على إلقاء الضوء على أبرز تلك الطقوس عبر رحلة عامة نجوب فيها بلدان العالم للوقوف على كيفية التعبير عن فرحة عيد الفطر.

يحرص المسلمون في شتى بقاع العالم على إظهار الفرحة في هذا اليوم، أيًا كانت الوسيلة، ألعاب ومتنزهات ولقاءات عائلية وتبادل زيارات

فلسطين: احتفاء على أنغام الألم

يأت العيد هذا العام في ظروف استثنائية، حيث حرب الإبادة التي يتعرض لها سكان غزة، أسفرت عن ارتقاء أكثر من 50 ألف شهيد، بخلاف تدمير ما يزيد عن 90% من مقومات الحياة في القطاع، وتشريد قرابة مليوني فلسطيني يواجهون مخطط التهجير العنصري، وسط خذلان عربي وإقليمي ودولي فاضح.

ورغم هذا الوضع المأساوي إلا أن الشعب الفلسطيني العاشق للحياة رغم روائح الموت التي تفوح من كل جانب، المتمسك بالبقاء وإن حوّل العدو القطاع إلى أرض محروقة، يحرص دوما على التشبث بالأمل من رحم المعاناة، حيث الإبقاء على طقوس الاحتفاء بالعيد أيًا كانت الظروف.

وكما كان رمضان حاضرًا وبقوة في غزة والضفة رغم آلة التدمير التي لم تترك مترًا واحدًا إلا وطالته أياديها المجرمة، فالعيد لا يختلف كثيرًا، حيث يحرص الفلسطينيون على أداة صلاته في المسجد الأقصى تحت الحصار، فيما تحرص البيوت على إحياء معظم الطقوس المعتادة والمتوارثة مهما كان حجم الوجع والألم، خاصة وأنه لا بيت في القطاع تحديدًا إلا وبه إما شهيد أو مٌصاب أو معتقل.

العيد في غزة

ومع صبيحة اليوم الأول للعيد تستعد الفلسطينيات بعمل الحلويات الشعبية مثل المعمول، وحلي سنونك، واليحميك، وسحلب كينور( نبات يغلى ويحلى، ويضاف إليه الزنجبيل) الذي يقدم ساخنًا للضيوف، بجانب البرازق والنقوع، وهي بذور لها رائحتها الزكية، والقضاعة (الحمص المطحون والممزوج بالملح)، ويقدمون أيضًا المدلوقة وتصنع بطريقة عمل الكنافة نفسها.

كما يحرص الفلسطينيون على التزاور وتبادل الأطعمة خاصة في مثل تلك الظروف الاستثنائية، وإحياء سنة الاحتفال بالعيد وبث روح البهجة والفرحة في نفوس الصغار، فهذا ديدنهم منذ سنوات طويلة، وهذا قدرهم أن يتعايشوا مع كل المتناقضات في نفس الوقت، يتنسمون الحياة من بين أروقة الموت، ويتشبثون بالبقاء أسفل ركام المنازل المهدمة، ويٌدخلون البهجة والفرحة على نفوس الكبار والصغار ولو على أصوات الرصاص وأزيز الطائرات.

سوريا.. العيد الأول بدون الأسد

تنتقل استثنائية هذا العيد من الأراضي الفلسطينية إلى سوريا، فلأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود يحتفل السوريون بعيدهم بدون حكم الأسد، كما أنها المرة الأولى منذ 14 عامًا التي يحتفي فيها الشعب السوري بالعيد بلا خوف ولا قيود ولا مراقبات ولا اعتقالات ولا استهداف ولا قتل ولا ملاحقات.

وتحولت شوارع سوريا إلى ساحات تنبض بالحياة بعد سنوات من الصمت والجمود، حيث عادت الأسواق تعمل بكامل طاقاتها، وعاود الازدحام التقليدي استعدادًا للعيد حضوره مرة أخرى، وملآت العائلات السورية، رجال ونساء وأطفال، الشوارع والطرقات، الأطفال يختارون ملابس العيد، والنساء يتبضعون مستلزمات العيد من مأكل ومشرب.

لأول مرة يتنسم السوريون أجواء العيد بأريحية واطمئنان دون خوف من شبيحة ولا انفجارات مجهولة الهوية، وعادت البيوت السورية تفتح أبوابها لاستقبال زوارها من الأهل والأقارب والجيران، لتنتقل التهاني والتبريكات من منصات التواصل الاجتماعي ورسائل الهاتف كما كانت خلال الـ 14 الماضية إلى الزيارات الحية واللقاءات المباشرة التي حُرمت على أبناء الوطن لسنوات طويلة.

العيد في سوريا

 وفي العادة يبدأ السوريون عيدهم بصلاة الفجر ثم زيارة القبور، تلك العادة المتأصلة في وجدان وعقل الشعب، إحياء لذكريات من رحلوا، حيث يضعون نبات "الآس" على شواهد قبور موتاهم، ويقرأون على أرواحهم الفاتحة وما تيسر من القرآن، وكانوا على مدار سنوات الثورة محرومون من هذا الطقس الوجداني بفعل الحرب والتهجير والأوضاع المتدنية.

وتنطلق استثنائية الفرحة هذا العيد بعودة المهجرين واللاجئين ممن أجبرتهم الحرب على الرحيل، إلى الوطن الأم مرة أخرى، ليلتئم الشمل بعد أعوام من الفرقة والشتات، فللمرة الأولى منذ أكثر من عقد كامل ستجتمع العائلة بأكملها في بيت واحد وعلى مائدة واحدة، يتنسمون عبير الوطن ويستظلون بسماءه.

وقبيل العيد بأيام قليلة تحول سوق الميدان في العاصمة السورية دمشق، إلى قبلة للمئات بل للألاف من السوريين، حيث صناعة وبيع الحلويات الشامية الشهيرة، تلك المرتبطة بالتراث السوري المعروف، إذ حرص السوريون بعد سنوات من الغربة على إحياء تلك الطقوس مرة أخرى، وأن تُزين الحلويات المميزة مثل البرازق والمعمول مائدتهم في أول أيام العيد.

ومن الطقوس التي غابت عن المشهد لسنوات وآن لها أن تعود اليوم،  صلاة العيد، التي حُرم منها الكثير من السوريين داخل وطنهم، إذ يصدحون أخيرًا بتكبيرات العيد بأصوات مُزلزلة دون خوف أو قلق من قصف أو اعتقال، ويتبادلون الزيارات العائلية بمعزل عن الملاحقات والمراقبة، لتتسلل الفرحة إلى الشوارع السورية بعد أعوام من البؤس والصمت، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدمار والبارود، ورغم ضيق الحال إلا أن ذلك لن يحول دون بهجة العيد وفرحته.

مصر: صلاة وزيارات وعيدية

أما العيد في مصر، فحدث ولا حرج، فالمصريون من أكثر شعوب الكون احتفاء بالأعياد، إذ يعتبرونها فرصة نادرة للهروب – ولو مؤقتًا-  من معاناة العام كله، حيث الأوضاع المعيشية الصعبة والمستوى الاقتصادي المتراجع والذي أثقل كاهل الملايين من أبناء المحروسة.

وفي العشرة الأخيرة من رمضان تبدأ طقوس تلك الاحتفالات حيث الشوارع المتكدسة بالمواطنين لشراء مستلزمات العيد من ملابس ومأكل ومشرب، فالبكاد يستطيع المار أن يجد موضع قدم له في الشوارع والميادين الرئيسية، كوسط البلد والعتبة والموسكي والحسين وغيرها من الأماكن التي تٌصاب بالشلل التام خلال الأيام القليلة التي تسبق العيد.

وفي أواخر رمضان يحرص المصريون على عمل "الكعك والبسكويت" كأحد أبرز طقوس عيد الفطر، وأحد السمات المميزة للمصريين في تلك المناسبة، إذ تتفنن النساء في عمله، مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات، التي تقدم للضيوف، هذا بخلاف الرنجة (نوع من الأسماك المدخنة) والتي تُعتبر الوجبة الأبرز لبعض المصريين فيما يميل أخرون إلى أنواع أخرى مثل المحاشي والبط واللحوم الحمراء التقليدية.

العيد في مصر

ويستهل المصريون يوم العيد بصلاة الفجر ثم الجلوس في المساجد والساحات الكبرى لترديد التكبيرات والتواشيح الدينية حتى إقامة الصلاة التي تُخصص لها الالاف من الساحات في مختلف المحافظات، وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني والتبريكات، فيما تتزين الشوارع بالأطفال وهم في أبهى حلة، ملابس جديدة وزينة في أعلى مستوياتها.

وتعد "العيدية" وهي عبارة عن مبلغ من النقود يُمنح للأطفال والصغار، إحدى السمات الرئيسية لعيد المصريين، حيث يحرص الآباء والكبار على منح صغارهم العيدية، لينطلقوا بعدها إلى المتنزهات ودور السينما وشراء الألعاب، فيما تشهد الحدائق المصرية في العيد تكدسًا هائلا، فهي المتنفس الأبرز لهم، خاصة لمتوسطي ومحدودي الدخل ممن لا يقدرون على كلفة قضاء العيد في الأماكن الفارهة ذات الكلفة الباهظة.

الخليج: فرصة لتجمع العائلة

أما في الخليج فيعتبر العيد فرصة مواتية لتجمع العائلة والتقاء أفرادها على موائد مشتركة، وهي ظاهرة لا تتكرر كثيرًا على مدار العام، نظرًا لانشغال معظم الخليجيين في إدارة شؤون أعمالهم، وإن كان ذلك لا يُنكر وجود العديد من الطقوس التقليدية مثل التسوق قبيل العيد بأيام قليلة وشراء ملابس العيد خاصة للأطفال.

كما يحرص الخليجيون على تواجد بعض الأطعمة على مائدة إفطار العيد، خاصة الحلوى التراثية الشهيرة لديهم مثل  “الكليجة” والمعمول، ومع الساعات الأولى من صبيحة العيد، يتجمع الناس لأداء الصلاة في أحيائهم الخاصة، ثم تبدأ مظاهر تهنئة بعضهم البعض في المسجد أو الساحات وتقديم التهاني الخاصة مثل (كل عام وأنتم بخير) و(عساكم من عواده) و(تقبل الله طاعتكم) وغيرها، ثم يذهب الناس إلى منازلهم، استعدادًا للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب.

العيد في الخليج

وبعد الصلاة وتبادل التهاني في الساحات والشوارع، تبدأ الأسر بعد عصر يوم العيد وحتى المساء في فتح الاستراحات، التي تقع في المدينة أو في أطرافها، سواء كانت خاصة مٌدرجة ضمن البيت أو تلك التي يتم استئجارها،  ليتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، والتي تضم الجد والأولاد والأحفاد، حيث تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.

المغرب العربي.. التمسك بالهوية والسمت التراثي

تتميز بلدان المغرب العربي في العيد بإحياء طقوسهم التراثية المعروفة، من حيث المأكل والملبس والسلوكيات العامة، فللعيد هناك فرحة خاصة ونكهة تميزه عن غيره من البلدان، ففي الجزائر حيث يُسمى عيد الفطر بـ "العيد الصغير" تستقبل العائلات العيد بتزيين البيت وإضفاء البهجة على كافة أركانه، حيث تعليق الزينة وتجهيز "الصالون" في أبهى حلة ليكون جاهزًا لاستقبال الضيوف.

كما تحرص الجزائريات، ربات البيوت، على إعداد حلوى العيد في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، منها ما يُصنع بالمكسرات والعسل وأخرى بالمربى، والشكولاتة وغيرها، ومن أشهر الحلوى التي يتميز بها الجزائريون وتكون حاضرة على موائد العيد حلوى الصابلي، وحلوى الطابع والمعمول، ومقروط الزيت والكوشة وغيرها كثير.

هذا بخلاف حرص الجميع، الأغنياء والفقراء، على شراء ملابس جديدة للعيد، فاليوم هو يوم الأناقة بالنسبة هم، ويلتقط فيه الصور التذكارية، إذ تشهد محلات التصوير اكتظاظا في أيام العيد مقارنة ببقية أيام العام، وتعتبر "الحناء" من الأمور التي تميز التراث الجزائري منذ مئات السنين، حيث تتمسك بها الفتيات هناك وتحرص عليها كنوع من التعبير عن الهوية.

وفي صباح العيد وبعد الانتهاء من الصلاة، يتم تبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء، حيث الاجتماع في منزل كبير العائلة أو كما يعرف بـ"الدار الكبيرة" للتهنئة، والذي في الغالب يكون بيت الجد والجدة لقضاء أجمل الأوقات، ثم بعد ذلك يكون الاجتماع على مائدة الغداء التي تزخر بالعديد من المأكولات الشهيرة مثل "الرشتة العاصمية" (مكونة من الدجاج والبيض والخضار)، و"الشخشوخة" الحارة وطبق "الكسكسي" في منطقة القبائل، فيما تشتهر المناطق الصحراوية بشواء اللحم.

وفي المساء ينطلق الشباب والصغار للاحتفال في الغابات والمتنزهات، حيث المفرقعات، ونفخ البالونات والمزامير، والتي تعد من أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد في البلاد، فيما تفضل العائلات الذهاب إلى الغابات والمتنزهات للاستمتاع بأجواء العيد الهادئة، وعلى كل حال تبقى البهجة والسرور والتسامح والغفران هي الشيء الثابت وإن تعددت طرق استقبال العيد من منطقة لأخرى.

العيد في الجزائر

الوضع لا يختلف كثيرًا في المغرب، حيث ارتداء الملابس التراثية التي تعبر عن هويتهم، إضافة إلى تحضير الحلويات الشهيرة مثل "الغريْبة" و"الفقاص" و"كعب الغزال"، وشراء المكسرات بمختلف أنواعها وغيرها من المستلزمات الضرورية لهذه المناسبة الدينية، لتزيين موائدهم بما لذ وطاب.

ومنذ الساعات الأولى من صباح العيد، يحرص المغاربة على التوجه إلى المصليات والمساجد المخصصة لأداء صلاة العيد مصحوبين بأبنائهم وزوجاتهم، في أجواء طبعها الحبور والسكينة، مرتدين جلابيبهم الشهيرة وزيهم التقليدي، ومع انتهاء الصلاة يتم تبادل التهاني والتبريكات مع الأصدقاء ثم الزيارات العائلية والحرص على صلة الأرحام وإحياء طقوس الاحتفال المتعددة.

وفي تونس، يستقبلون العيد مبكرًا، حيث الأيام الأخيرة من رمضان، إذ تتكدس الأسواق والميادين العامة بالأسر التي خرجت لشراء ملابس العيد ومستلزمات الحلوى والأطعمة، كما يحرص التونسيون على أداء صلاة العيد في الساحات والتي تتحول إلى كرنفالات من البهجة والفرحة والتكبيرات والتواشيح الدينية.

ويتمسك التونسيون، خاصة الكبار منهم، على ارتداء اللباس التقليدي من الجبة والشاشية والبلغة والبرنص، وهم في طريقهم للمساجد، لتبدأ بعد الصلاة تبادل التهاني بين المصلين، ثم يجتمع أفراد كل عائلة لتناول وجبات فطور الصباح التي لا تخلو من جميع الحلويات التقليدية التونسية كالمقروض والغريبة والصمصة، التي يتم إعدادها خصوصا في البيت، ويستمر احتفال التونسيين بالعيد لمدة ثلاثة أيام، تتواصل فيها المعايدات وتبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء.

السودان: اللحمة الاجتماعية

يبدأ الاستعداد للعيد في السودان منذ منتصف رمضان تقريبًا، حيث تُعلن البيوت حالة الطوارئ القصوى، تهيئة للأجواء لهذا الضيف الغالي، البداية مع تزيين المنازل بشتى أنواع الزينة، وشراء ملابس العيد وكافة احتياجات الأسر من مأكل ومشرب، مع التركيز على  أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول.

ورغم الأوضاع الأمنية الصعبة في السودان جراء حرب الجنرالات المندلعة قبل نحو عامين تقريبًا، إلا أن من ارتضى البقاء في الوطن من السودانيين حرص على إحياء طقوس العيد التقليدية، حيث الصلاة في المساجد والساحات وتبادل التهاني والاجتماع في منازل كبار البلدة أو أي مكان يتم الاتفاق عليه.

ومن العادات التي يتميز بها السودانيون في العيد زيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفال، ثم زيارات الأهل والأقارب، وفي المساء تنظم الرحلات العائلية والشبابية، ويقضي الجميع أوقات جميلة مع بعضهم البعض، على ضفاف نهر النيل وفي أماكن الترفيه والمتنزهات التي لم تطلها آلة الحرب المدمرة.

العيد في السودان

الطقوس ذاتها تحييها الجاليات السودانية في الخارج، والتي تتمسك بشكل كبير بتراثها وهويتها في كافة ممارساتها خلال الأعياد، من نوعيات محددة من المأكولات والملبوسات، واللقاءات العائلية عقب الصلاة،  إذ تتعامل مع تلك المناسبات كفرصة لتجديد العهد للحفاظ على الهوية الوطنية والتعبير عن الثقافة الوطنية.

اليمن: “السَّلتة”، وحرق الحطب

أما اليمن ورغم الحرب التي لم تترك الحجر والشجر على مدار أكثر من عقد كامل، وكثرة الأجندات التي تعبث بها،  إلا أن أبناء الوطن السعيد حريصون بشكل كبير على إحياء طقوس الاحتفال بالأعياد، إيمانا منهم بأن مثل تلك المناسبات شرعها الله لإضفاء البهجة والسرور على الصغار والكبار.

فقبيل العيد بأيام قليلة يحرص اليمنيون، كبار وصغار، نساء ورجال، على جمع الحطب وتخزينه في صورة أكوام عالية، ليتم حرقها ليلة العيد، كنوع من التعبير عن الفرحة بقدوم عيد الفطر، فيما يبدأ الأهالي في نحر الذبائح وتوزيع لحومها على الجيران والأصدقاء، والجلوس في مجالس طيلة أيام العيد، لتبادل الحكايات المختلفة، ثم توالي الطقوس المبهجة مثل إقامة الرقصات الشعبية والدبكات.

وكما الحال في معظم البلدان العربية، تنتشر "العيدية" في المجتمع اليمني، حيث يحرص الكبار على منح أطفالهم النقود التي ينفقونها في الألعاب والتنزه والترفيه، وبعد صلاة العيد حيث اكتظاظ الساحات المفتوحة بعشرات الالاف من المصلين، تجلس الأسر اليمنية على موائد الإفطار الزاخرة بالأكلات اليمينة الشهيرة التي لا يكاد يخلو بيت منها في العيد، مثل “السَّلتة” ( تتألف من الحلبة المدقوقة وقطع البطاطا المطبوخة مع قليل من اللحم والأرز والبيض)،  و“بنت الصّحن أو السّباية” (عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها البعض، ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي).

العيد في اليمن

المسلمون في الخارج.. احتفالات رغم التباين

لم يكن المسلمون في البلدان الإسلامية والعربية وحدهم الذين يحيون طقوس الاحتفال بالعيد، فالمسلمون المقيمون في البلدان غير المسلمة في أوروبا وأسيا يحاولون هم الأخرين قدر الإمكان إحياء مراسم وعادات الاحتفاء بمثل تلك المناسبات التي ينتظرونها على أحر من الجمر ليجتمعوا سويا على موائد مشتركة في ظل التفسخ الأسرى والمجتمعي الذي تعاني منه تلك المجتمعات.

يبدأ مسلمو أوروبا الاحتفال بعيد الفطر، عن طريق الذهاب لأداء صلاة العيد، في المساجد والمراكز الإسلامية، التي يحرص عليها الكبار والصغار رجالًا ونساءً، وبعد الانتهاء منها يقومون عادةً بتهنئة بعضهم البعض بالعيد، ثم يتبادلون الزيارات والعزومات والولائم التي لا تخلو من أنواع الأطعمة الشهيرة في كل بلد على حده.

وفي أسيا، خاصة في الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا، يحرص المسلمون هناك على طقوس الاحتفاء بالعيد، إذ يحرص الإندونيسيون والماليزيون على حد سواء، في العيد، على العودة إلى مسقط الرأس في القرى والمدن، حيث يقومون بإعادة الروابط مع أسرهم، ومع أنه من الصعب الاتفاق على أصل هذه العادة التي تحولت إلى سمة رئيسية للشعبين.

وتمثل صلاة العيد التي تزخر بها مدن أسيا فرصة لدعوة غير المسلمين للإسلام، فأمام هذه الأعداد الغفيرة والطقوس الخيالية يعبر الكثير من غير المسلمين عن رغبتهم في الانضمام لهذا الدين الذي يحث على التكافل والترابط ويشجع على مثل تلك اللقاءات التي تعزز اللحمة والإخاء بين البشر.

العيد في أوروبا

حتى في البلدان ذات الأقلية المسلمة فهناك حرص على الاحتفال بالعيد، كما هو الحال في الصين مثلا حيث تتمسك الجالية المسلمة هناك بأثبات هويتها من خلال إحياء تلك الطقوس من أجل التصدي لمحاولات محو تلك الهوية والتي تقوم بها السلطات الصينية بصورة منظمة ضد الأقليات الدينية والعرقية وبخاصة الأقلية المسلمة، وفي اليابان تعد صلاة العيد هي السمت الأبرز للاحتفال بالعيد، حيث سمحت الحكومة اليابانية للمصلين مؤخرًا بأداء الصلاة في الملاعب الرياضية والحدائق والمتنزهات، وهو ما زاد من فرحتهم بالعيد الذي تحول إلى واحد من أهم وسائل الدعوة للإسلام في هذا البلد.

وهكذا يبقى العيد المناسبة السنوية الأهم التي يغتسل فيها المسلمون، ولو مؤقتًا،  مما علق بهم على مدار العام كله، من أحزان ومعاناة نتيجة الضغوط التي يتعرضوا لها ليل نهار، وهو باعث الفرحة والبهجة الأكثر حضورًا أيا كانت الظروف والأوضاع، تلك الفرحة التي يتفق الجميع عليها، وإن تباينت الطقوس والعادات.

كلمات مفتاحية

الفاتيكان عند مفترق طرق.. هل يشهد التاريخ أول بابا إفريقي في العصر الحديث؟

تبدو إفريقيا مرشحة لأن تكون في قلب التغيير الكنسي، وسط توقعات تاريخية بإمكانية انتخاب أول بابا إفريقي في العصر الحديث، في خضم صراع بين التيارين التقدمي والمحافظ

الإسكان الاجتماعي المصري.. حلم الشباب في شقة يتبخر

تحول السكن اليوم إلى حلم بعيد المنال للملايين من الشباب من أبناء الطبقة المتوسطة

مخيمات مكتظة وأطفال جياع.. لاجئو السودان يواجهون مصيرًا مجهولًا في تشاد

تشير تقارير مفوضية اللاجئين إلى أن مقاطعات شرق تشاد، التي تأوي أصلًا 400 ألف لاجئ سوداني لجأوا إليها عقب اندلاع حرب دارفور عام 2003، تُعد من بين أكثر المقاطعات حرمانًا في البلاد

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة