غزة تحت الحصار.. مئات الآلاف من الفلسطينيين يواجهون وضعًا كارثيًا مؤلمًا
16 نوفمبر 2024
يعاني سكان شمال غزة من ظروف إنسانية كارثية مؤلمة، وذلك نتيجة الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من شهر، مما أدى تدهور الوضع الصحي، وانهيار القطاع الطبي، الذي أجبر المستشفيات الأساسية على إعلان توقفها عن العمل.
هذا الحصار يقابله حصار آخر في جنوب القطاع، على خلفية تحذير بلدية خانيونس من أن توقف إمدادات الوقود التي تشغل آبار المياه سيؤدي إلى تفاقم الأمراض والأوبئة بين السكان.
وكان جيش الاحتلال قد فرض حصارًا مطبق على شمال غزة منذ الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث يمنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المنطقة، ويطالب السكان المدنيين بالإخلاء القسري لمنازلهم، وذلك عبر استهدافهم بشتى أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة التي تستهدف المدنيين، بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية للقطاع الصحي.
يقول مدير مستشفى "كمال عدوان"، حسام أبو صفية، في حديث لوكالة "الأناضول" إن: "كل يوم يمر منذ بدء الإبادة في محافظة الشمال يزداد فيه الوضع سوءًا"، مؤكدًا أنه "ما زالت المنظومة الصحية منكوبة، نقدم الخدمة بالحد الأقل من الأدنى"، بما في ذلك نقص حاد بالأدوية والمتسلزمات الطبية، معيدًا ذلك إلى رفض الاحتلال الإسرائيلي دخول الوفود الطبية ذات التخصصات الجراحية إلى شمال القطاع.
الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على شمال غزة أثر على القطاع الطبي، وأجبر المستشفيات الأساسية على إعلان توقفها عن العمل
ويشير أبو صفية إلى أن هذا الرفض يشمل أيضًا "وصول مركبات الإسعاف إلى المحافظة التي تشهد قصفًا جويًا ومدفعيًا متواصلًا ما يتسبب بإحداث مجازر يذهب ضحيتها عشرات الفلسطينيين في الكثير من الأحيان"، واصفًا ما حدث للشمال خلال الأسابيع الماضية بأنه "يدمي القلوب".
ويعكس حديث أبو صفية لـ"الأناضول" تردي الأوضاع الإنسانية نتيجة الحصار المتواصل على مناطق الشمال، والذي قالت منظمات حقوقية إنه "يرقى لجرائم التطهير العرقي". يوضح "أبو صفية" أنه تصلهم الكثير من نداءات استغاثة النساء والأطفال من تحت أنقاض المنازل التي استهدفها جيش الاحتلال، دون أن يكون لديهم القدرة على المساعدة، ويضيف "في اليوم التالي، تختفي أصوات الاستغاثة من تحت الركام، ونعلم أن من كان حيًا استشهد، فتحولت منازلهم إلى قبور لهم".
ويؤكد أبو صفية في حديثه على أن الحياة في الشمال أصبحت "مؤلمة وكارثية"، لافتًا إلى أنه "لا يوجد مجيب أي من مدعيي الإنسانية غير قادر على خرق الحصار المطبق على الشمال"، خاتمًا حديثه بالتشديد على "ضرورة كسر الحصار عن المحافظة وإدخال الوفود والمساعدات والمستلزمات الطبية ومركبات الإسعاف، حتى لو كانت واحدة من أجل نقل المصابين وإنقاذ حياتهم".
تعكس تصريحات المرضى الذين تحدثوا لـ"الأناضول" الظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهونها في ظل حرب الإبادة الطبية التي يشنها الاحتلال، حيثُ توقفت جميع الخدمات التي تقدمها مستشفيات "كمال عدوان" و"الإندونيسي" و"العودة" في شمال غزة، حيثُ تعمل بطبيب واحد أو طبيبين، فيما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحصل عليه المرضى أو المصابين هو "المحلول الغذائي" فقط، مهما كانت طبيعة إصابتهم أو جراحهم.
وفي سياق الحصار الإسرائيلي المتواصل على مختلف أنحاء القطاع منذ أكثر من عام، مما منع المساعدات الإنسانية والإغاثية من الوصول إلى السكان المدنيين، حذرت بلدية خانيونس جنوب قطاع غزة، اليوم السبت، من أن توقف وصول إمدادات الوقود منذ أسبوع "سيؤدي إلى تعطيل خدماتها الأساسية، بما في ذلك تشغيل آبار المياه ومحطات التحلية، مما يحرم أكثر من 1.2 مليون مواطن ونازح في خانيونس من الحصول على مياه صالحة للشرب والاستخدام".
جيش الاحتلال يعمل على إنشاء بنية تحتية جديدة في قطاع غزة بما في ذلك بناء مواقع متطورة في المناطق التي دمرها سابقًا.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 14, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/j0X6ifBkTt pic.twitter.com/hLv5CtjHdR
وأكدت البلدية في بيانها أن توقف محطات الصرف الصحي سيؤدي إلى تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع، الأمر الذي ينذر بانتشار الكوارث البيئية والصحية وتفاقم الأوبئة والأمراض بين السكان، ووجهت مناشدة للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان تطلب "التدخل العاجل لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي دمرت كافة قطاعات الحياة".
وكان تقرير أعدته لجنة أممية خاصة قد خلص إلى أن العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكثر من عام "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية"، مؤكدًا أن "الظروف التي تهدد حياة الفلسطينيين فُرضت عمدًا"، وأضاف أنه "من خلال حصارها لغزة، وعرقلة المساعدات الإنسانية، إلى جانب الهجمات المستهدفة وقتل المدنيين وعمال الإغاثة، تتسبّب إسرائيل عمدًا في الموت والتجويع والإصابات الخطيرة".
كما خلص تقرير منفصل لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، صدر بالتزامن مع التقرير الأممي، إلى أن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تسبّبت بنزوح أكثر من 90 بالمئة من سكان غزة، فضلًا عن تدمير واسع النطاق لأجزاء كبيرة من غزة، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال نفذ "عمليات هدم متعمدة ومنظمة للمنازل والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك في المناطق حيث يُفترض أنها تهدف إلى إنشاء مناطق عازلة وممرات أمنية"، وهو ما يتناقض مع مزاعم المسؤولين الإسرائيليين.