1. قول

في محكمة قتلة جمال خاشقجي.. إعدام حذاء الجلاد

20 نوفمبر 2018
كل تطورات الأزمة في الداخل السعودي تنسجم مع تصور حماية الآمر بقتل خاشجقي (أ.ف.ب)
عزمي عبد الرازقعزمي عبد الرازق

ما الذي قد يجعلنا مأخذوين بفكرة إنفاذ العدالة السعودية في قتلة الصحفي جمال خاشقي، الغائب الحاضر بكثافة، دون حتى أن نتدبر تفاصيل القضية الأكثر تعقيدًا، والتي يرتدي فيها المُتهم الأول جلباب القاضي وحِذاء الجلاد؟

مطالب النيابة العامة السعودية بإعدام المتهمين في قتل خاشقجي هي غالبًا بسبب إخفاقهم في الحفاظ على سرية المهمة!

حماية القاتل

حتى الآن كل تطورات الأزمة في الداخل السعودي تنسجم مع تصور حماية الآمر بالقتل، والناهي عن كل ما يمكن أن يجر قدمه في مستنقع الدم، أو يلوث سمعته السياسية.

اقرأ/ي أيضًا: من قتل خاشقجي؟.. #النيابة_العامة السعودية تؤكد تورط ابن سلمان بتضارب روايتها! 

بالتالي فإن مطالب الإعدام التي أوصت بها النيابة السعودية في حق خمسة من المتهمين، ليست بسبب الجريمة المروعة، وإنما، على الأرجح، بسبب إخفاقهم في طمس الشبهات والحفاظ على سرية المهمة، والتنكيل بمكانة الديوان الملكي لا أكثر.

مهرجان جذ الرؤوس

ليس ثمة شك في أن مراحل التقاضي في جريمة قتل وإخفاء جثة خاشقجي، تمضي إلى سيناريو غامض، يريد أن يخلق جدارًا عازلًا حول المتهم الأول، المتخفي حتى الآن وراء زجاجِ مُعشَق، فتقوم الشواهد بالإشارة إليه بوضوح، قبل أن يَعدِم -بطريقة ما- كل من له علاقة بالجريمة، حماية لمن أمر بها، ولربما عقوبة لمن وضع العراقيل في طريق التنصيب الملكي. 

وسواءً كان القاتل المباشر هو، أم بالإيحاء، فلقد تورطت أجهزته ورجاله بغباء أفسد بهجة حفل التنصيب الذي يقترب شيئًا فشيئًا، وبالتالي فإن عقاب ذلك الغباء الفاضح سيكون مهرجانًا من جذ الرؤوس على يد السياف السعودي، مُنفِذ أحكام القصاص.

الإعدام نتيجة طبيعية لمثل هذه الجرائم، والأفضل أن يحقق أكثر من هدف لمحمد بن سلمان، يخفي جانبًا من الحقيقة ويظهر جانبًا مع العدالة، وفي الوقت نفسه يتخلص من الشبهات، أو كل ما يمكن أن يورط المتهم الأول بالاعتراف المباشر.

القضاء ظهيرًا للحاكم العربي

وهي حيلة لن تفلح حتى لو توفر قاضٍ شجاع مثل جميل بن كريب فلن تُفلح، في حين أنه لا يمكن أن يتوفر قاضٍ مثل ابن كريب في زماننا هذا، ولا حاكم مثل عبدالرحمن بن حبيب الفهري في عالمنا العربي المقهور، السُلطة فيها مُستبِدة، بالأحرى تُسيطر عليها الأوليغارشية، أو ما يعرف بحكم الأقلية، حيث فئة قليلة تستأثر بالحكم والمال والعسس ورجال الدين، وكل شيء، بينما القضاء يكون ظهيرًا لهم، لا عليهم.

ومن المرويات الأثرية أن الأميرعبد الرحمن بن حبيب، سأل جميل بن كريب تولية القضاء، فامتنع وتمارض وشرب ماء التبن حتى اصفر لونه، فبعث إليه عبد الرحمن، فقال له‏:‏ "إنما أردت أن تكون عونًا على الأمر وأقلدك أمر المسلمين فتحكم علي وعلى من دوني بما تراه من الحق، فاتق الله في الناس‏".‏ فقال له جميل بن كريب‏:‏" آلله إنك لتفعل؟"، فقال‏:‏ "آلله"، فقبل، وبعدها جاءه رجل شاكيًا من الحاكم نفسه فنصره جميل، وخضع الفهري لما يُسمى بُسلطة القضاء.

إهدار فرصة سماع الشهود

 وأيًا كان شكل الجدل التاريخي حول تلك المرويات، فإنه لم يحدث قط أن انتصرت العدالة ضد حاكم عربي في أوان سطوته، بل هم مجرد أدوات باطشة في يد القصور الملكية والرئاسية، يقومون بأدوار سياسية أكثر منها قضائية، ولذلك فإن إعدام المتهمين في جريمة قتل خاشقجي، سوف يُهدر فرصة وجود شهود في المستقبل، حال تولت القضية لجنة تحقيق دولية، أما العدالة التي نريدها، فلم نرها منذ نزلت على ستاد باليرمو الدولي، وفقًا للعبارة الشهيرة للمعلق الرياضي محمود بكر.

عامل إلهام الكذب

وبالمرة لم تعد الأكاذيب تنطلي على أحد، مهما تأنقت لتبدو جميلة، أو ليبدو ذلك العامل الفعال (عامل إلهام الكذب) جديرًا بالتشريف الإعلامي، يضمن، على الأقل، أن أولياء الشيطان في طمأنينة مريحة جدًا، والجمهور على المسرح مستمتع بالعرض الهازئ بالحقيقية، وبالتصور البعيد أن المؤلف، ليكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو صهره كوشنير، أو فليكن الشيطان نفسه، أيًا كان المؤلف؛ يريد أن ينتصر لبطله بخداع الجمهور، إلا أن مثل ذلك لا يمكن أن يصمد طويلًا، لأن النيات السيئة تسقط تحت الأسئلة الواعية بالقدر المناسب.

ليس ثمة شك أن مراحل التقاضي في جريمة قتل خاشقجي تمضي إلى سيناريو غامض يريد أن يخلق جدارًا عازلًا حول المتهم الأول

الحقيقة ولو بعد حين

من نافل القول إن رجلًا استباح ميثاق دول التعاون الخليجي، وقاد حصار قطر الجائر بعد أن أشعل حرب اليمن بكل ما فجرته من مآسٍ وضحايا، كما أنه أيضًا فرض إقامة جبرية على رئيس وزراء لبنان، وأملى عليه خطاب الاستقالة.. رجل بكل هذا الجبروت القابض، كيف تعبر من تحته جريمة قتل صحفي على وزن خاشقجي، مؤثر ويشكل وجوده بالخارج تهديدًا لسُلطة ولي العهد، وهاجس يقض مضجعه بالمرة؟ إنها الأسئلة التي تفضي إلى أسئلة أخرى قلِقة، لكنها حتمًا سوف ترشدنا إلى مكان الحقيقة المشهودة ولو بعد حين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

CIA: أوامر ابن سلمان قتلت خاشقجي

كيف تساعد إسرائيل ولوبياتها ابن سلمان في الالتفاف على دم خاشقجي؟

كلمات مفتاحية

بين مرايا الدم وأقلام الحياد.. خيانة المثقف العربي لقضاياه

لم تعد غزة مجرد جغرافيا محاصرة، بل غدت اختبارًا أخلاقيًا للإنسانية، ومرآة تعكس نفاق المجتمع الدولي وعجزه عن وقف المجازر المرتكبة على مرأى ومسمع من العالم.

رغم الخسائر والضغوط.. لماذا تتجنب مصر استهداف اليمن عسكريًا؟

تمثل العلاقات المصرية اليمنية حالة استثنائية شديدة التمايز والخصوصية، إذ يربط البلدين قائمة مطولة من القواسم المشتركة، المتنوعة بين الثقافي والسياسي والجغرافي

بعد نصف قرن... هل غادر لبنان "بوسطة الموت"؟

عشية الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، كان متحف "نابو"، في شمال لبنان، يجهّز مساحة في حديقته تتعدّى الزمان والمكان، خصّصها لحفظ بوسطة عين الرمانة، أو "بوسطة الموت"، كي "تكون الحرب عبرة وتحفيزًا لكتابة تاريخ حرب لبنان"

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة