قبل تنصيب ترامب.. قوافل المهاجرين تتجه صوب الحدود الأميركية سيرًا على الأقدام
22 نوفمبر 2024
في حركة رمزية معاكسة، تحرّك مئات المهاجرين من المكسيك سيرًا على الأقدام صوب الحدود الأميركية لدخول البلاد قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي توعّد بترحيل ملايين اللاجئين الذين دخلوا الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس جو بايدن.
وبحسب وكالة رويترز، توجهت قافلة تضم نحو 1500 مهاجر يوم أمس الأربعاء من مدينة تاباتشولا في جنوب المكسيك، القريبة من غواتيمالا، سيرًا على الأقدام، على أمل أن يتمكّنوا من الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية قبل تنصيب ترامب رئيسًا في 20 كانون الثاني/يناير المقبل.
وينتمي المشاركون في القافلة إلى بلدان مختلفة، من بينهم فنزويليون وكوبيون ومكسيكيون، إضافة إلى مهاجرين من جنسيات إفريقية.
يجازف ترامب بتعريض الاقتصاد الأميركي لهزة قوية بقراره ترحيل المهاجرين غير النظاميين
وتحدثت وكالة "فرانس برس "مع عدد من المشاركين في القافلة حول الفكرة الكامنة وراء هذه الخطوة. وفي هذا السياق، قال ياميل إنريكز، وهو كولومبي من المشاركين: "إن فكرتي هي الوصول والحصول على موعد من سلطات الهجرة قبل أن يتولى ترامب السلطة"، مضيفًا: "إذا لم أحصل على الموعد قبل تنصيب ترامب، سأترك الأمر لمشيئة الله".
ونقلت فرانس برس عن زوليكا كارينيو، وهي مواطنة من فنزويلا، قولها: "أخشى البقاء على هذا الجانب من الحدود، وبالتالي فإن عدم القيام بهذه الرحلة يعني أن رحلاتي الشاقة التي قمت بها حتى الآن لدخول الولايات المتحدة ستذهب سدى".
وكان ترامب قد تعهّد أثناء حملته الانتخابية بوضع حدٍّ لتدفق المهاجرين نحو البلاد، وذلك عبر "إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واللجوء إلى الجيش الأميركي للقيام بعمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير النظاميين"، الذين تقدّر أعدادهم بنحو 11 مليون شخص يعيشون في أميركا بشكل غير قانوني.
وترى وكالة رويترز أن قضية المهاجرين كانت إحدى الأوراق الرابحة التي ضمنت النصر لترامب ضد منافسته هاريس، حيث نجح في إثارة مخاوف الأميركيين بتصريحات وصف فيها تدفق المهاجرين إلى أميركا بـ"الغزو"، قائلًا إن المهاجرين يهددون أمن الشعب الأميركي، ونافيًا عنهم في بعض تصريحاته صفة الإنسانية.
ويجازف ترامب، من خلال ترحيل المهاجرين، بتكبيد الولايات المتحدة كلفة اقتصادية باهظة، حسب المراقبين.
التداعيات الاقتصادية لترحيل المهاجرين
يبدو أن دونالد ترامب وفريقه غير مبالين بالتكلفة الاقتصادية الباهظة التي ستترتب على عملية ترحيل ما بين 12 و20 مليون مهاجر موجودين في الولايات المتحدة حاليًا بشكل غير شرعي، وفقًا لإحصائيات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية.
وبحسب تقديرات مجلس الهجرة الأميركي، سيكلف ترحيل 11 مليون مهاجر مقيم في البلاد بشكل غير قانوني الاقتصاد الأميركي 315 مليار دولار على الأقل. وإذا أضيفت هذه التكلفة إلى الخسائر الناتجة عن الحرب التجارية التي أعلنها ترامب على الحلفاء والخصوم معًا، من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات؛ فستتضاعف خسائر الاقتصاد الأميركي أضعافًا مضاعفة. لكن يبدو أن ترامب لا يكترث بذلك.
ومن المؤكد، وفقًا لمصادر متعددة، أن إدارة ترامب ستعمل منذ اليوم الأول لتوليها مهامها رسميًا من إدارة جو بايدن، على نشر الجيش الأميركي بهدف "اعتقال وترحيل المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني".
وستُسند هذه المهمة غير المسبوقة، بحسب صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، إلى توم هومان، الرئيس السابق لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى.
ويُقدّر عدد المقيمين غير النظاميين في مختلف أرجاء الولايات المتحدة بنحو 20 مليون شخص، جميعهم معرضون للترحيل ضمن برنامج إدارة ترامب الجديدة.
وكان توم هومان قد قال في تصريحات لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية: "خلاصة القول إنك إذا دخلت هذه البلاد بشكل غير قانوني، فأنت لست خارج نطاق البرنامج، وعليك أن تحدد أولوياتك. لكن أكرر، أن دخولك إلى هذا البلد بطريقة غير نظامية يُعدّ جريمة".
وشدد على أنه سيتخذ قرارًا بـ"إغلاق الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بالكامل، وبناء جدار، وإعادة تفعيل برنامج ترامب المسمى البقاء في المكسيك، الذي كان قد أُعلن عنه في وقت سابق، وبموجبه ينتظر المهاجرون عبر الحدود لحين معالجة طلبات لجوئهم".
يخطط ترامب لتهجير 11 مليون لاجئ غير نظامي
سيناريو رواندا
وفي ردّ هومان على سؤال حول الجهات التي تخطط إدارة ترامب لنقل اللاجئين إليها، قال الرئيس السابق لمكتب الهجرة والجمارك: "سنبرم اتفاقيات تقضي بنقل طالبي اللجوء إلى دول أخرى إلى أن يبتّ في طلباتهم، على غرار خطة رواندا التي تنص على ترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى تلك الدولة الواقعة شرق القارة الإفريقية، إلى حين مراجعة طلبات لجوئهم"، مؤكدًا أن الإدارة الأميركية الجديدة "ستتواصل مع دول أخرى بالإضافة إلى رواندا التي سبق ووافقت على استقبال اللاجئين".
وعلى الرغم من نفي هومان ما يتم تداوله حول نية إدارة ترامب إقامة "معسكرات اعتقال لاحتجاز ملايين الأشخاص الذين يتم القبض عليهم في عمليات تمشيط واسعة النطاق للأحياء السكنية"، أقرّ بأنّ الإدارة الجديدة "قررت احتجاز من سيتم ترحيلهم في منشآت تشمل مراكز توقيف حديثة البناء"، حسب وصفه.
تداعيات غير مسبوقة
ستكون هناك تداعيات اقتصادية وخيمة على الاقتصاد الأميركي في حال هجّرت إدارة ترامب، كما تتوعد، 20 مليون مهاجر غير نظامي. فمن المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، كما سيتعرض القطاع الزراعي لأضرار فادحة، بالنظر إلى أنّ 50% من العمال في هذا القطاع لا يحملون وثائق رسمية.
وأظهرت دراسة أجراها مجلس الهجرة الأميركي غير الحكومي أنّ "ترحيل 11 مليون شخص مقيمين في البلاد بشكل غير قانوني، و2.3 مليون شخص عبروا الحدود العام الماضي، سيكلف الاقتصاد الأميركي 315 مليار دولار على الأقل".
لكن عناصر إدارة ترامب، بمن فيهم هومان، يقللون من شأن هذه المخاوف، ويدّعون أن "عمليات الترحيل ستوفر على الشعب الأميركي مليارات الدولارات"، التي تُنفق، حسب هومان، "على رعاية الأجانب غير النظاميين، بما في ذلك الرعاية الطبية والتعليم والإقامة".