1. سياسة
  2. سياق متصل

كيف تضر تعريفات ترامب الجمركية بالدول الفقيرة وعلاقات الولايات المتحدة مع حلفائها؟

4 ابريل 2025
قدم ترامب نظامًا جديدًا للتعريفة الجمركية (AFP)
الترا صوتالترا صوت

في خطوة مثيرة للجدل، قدمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظامًا للتعريفة الجمركية تسبب في حيرة الخبراء والشركاء التجاريين العالميين. هذا النظام يهدف إلى موازنة العجز التجاري بين الولايات المتحدة والدول الأخرى من خلال فرض تعريفات جمركية "متبادلة" على المنتجات المستوردة.

لكن، وبالرغم من "بساطة" الصيغة، فإن تطبيقها كشف عن عيوب واضحة، خاصة بالنسبة للدول الفقيرة التي تجد نفسها تدفع ثمن السياسات الاقتصادية الأميركية، بينما أثرت أيضًا على الدول الغنية التي فوجئت بهذه الإجراءات.

ظريًا، كان من المفترض أن تهدف هذه الطريقة إلى موازنة العلاقات التجارية. ومع ذلك، كشف تطبيقها في الواقع عن عيوب كبيرة، حيث أثرت بشكل غير متناسب على الدول الفقيرة ذات حجم التجارة الصغير

الصيغة بسيطة ولكن مضللة

كانت صيغة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بسيطة بشكل خادع، تتمثل في قسمة العجز التجاري للسلع الأميركية مع بلد ما على صادرات ذلك البلد للولايات المتحدة وتحويله إلى نسبة مئوية، ثم قسمة هذا الرقم (النسبة) إلى النصف للحصول على قيمة الرسوم الجمركية الأمريكية "المتبادلة" بحد أدنى 10 %.

نظريًا، كان من المفترض أن تهدف هذه الطريقة إلى موازنة العلاقات التجارية. ومع ذلك، كشف تطبيقها في الواقع عن عيوب كبيرة، حيث أثرت بشكل غير متناسب على الدول الفقيرة ذات حجم التجارة الصغير.

على سبيل المثال، واجهت مدغشقر، إحدى أفقر الدول في العالم، رسومًا جمركية مذهلة بنسبة 47% رغم أنها صدّرت فقط 733 مليون دولار من السلع إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الفانيليا والمعادن والملابس.

أشار رئيس غرفة التجارة الدولية (ICC)، جون دنتون، بشكل ساخر في حديثه لوكالة "رويترز" إلى أنه "على الأرجح لا أحد سيشتري سيارات تسلا هناك"، في إشارة إلى استحالة إرضاء مدغشقر لترامب من خلال شراء المنتجات الأميركية الفاخرة.

وبالمثل، تعرضت دول مثل ليسوتو في جنوب القارة السمراء وكمبوديا في جنوب شرق آسيا لرسوم جمركية تصل إلى 50%. هذه الدول، التي لا تستطيع استيراد الكثير من السلع من الولايات المتحدة، وجدت نفسها خاضعة لرسوم جمركية قاسية أثرت سلبًا على اقتصاداتها الهشة بالفعل.

وأوضح دينتون، أن أكبر الخاسرين هم دول إفريقيا وجنوب شرق آسيا، مضيفا أن هذه الخطوة "تخاطر بمزيد من الضرر بآفاق التنمية للبلدان التي تواجه بالفعل تدهورًا في شروط التجارة".

التداعيات الاقتصادية على الدول الفقيرة

كان لهذه الصيغة تأثيرًا مدمرًا بشكل خاص على الاقتصادات النامية. كما أوضح المؤرخ الاقتصادي البارز في جامعة كولومبيا، آدم توز، فإن الدول مثل كمبوديا ولاوس وفيتنام التي تعتمد على سلاسل الإمداد العالمية للسلع مثل الملابس والمنتجات التقنية، تعرضت لضغوط كبيرة. هذه الدول التي لا تميز بشكل كبير ضد الصادرات الأميركية، تعرضت للعقوبات ببساطة لأنها لا تملك القدرة على شراء السلع الأميركية المكلفة. وبالتالي، ساهمت الرسوم الجمركية في تفاقم الصعوبات الاقتصادية لهذه الدول.

علاوة على ذلك، أثارت هذه الرسوم الجمركية القلق بشأن الآفاق المستقبلية للتنمية في هذه الدول، حيث أشار النقاد إلى أن هذه الإجراءات قد تدفع اقتصاداتهم إلى مزيد من الركود.

الدول الغنية أيضًا تأثرت

في حين أن الرسوم الجمركية أثرت بشكل كبير على الدول الفقيرة، فإن الدول الغنية مثل دول الاتحاد الأوروبي تأثرت أيضًا. على سبيل المثال، وجدت شركات صناعة الجبن الإيطالية مثل ماركة "جرانا بادانو" الفاخرة نفسها خاضعة لرسوم جمركية بنسبة 20%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بمعدل الرسوم الجمركية البالغ 5% في الاتحاد الأوروبي، وهو ما حسبته منظمة التجارة العالمية كمتوسط لمعدل الرسوم الجمركية في الاتحاد الأوروبي.

وقال المدير العام للاتحاد الذي يمثل صانعي جبن "جرانا بادانو" الفاخر في إيطاليا ستيفانو بيرني: "بالنسبة لنا على الأقل، إنه خطأ فادح". وأضاف: "يكلفنا اليوم دخول منتجاتنا للولايات المتحدة ثلاث أضعاف مقارنة بما يكلفه دخول الأجبان الأميركية إلى سوقنا".

صيغة غامضة

هذه الفجوة أثارت اتهامات بوجود "عدم دقة" في الصيغة وخلل في العلاقات التجارية. عبر الاتحاد الأوروبي وغيره من الاقتصادات الكبرى عن إحباطهم من غموض المنطق وراء هذه الرسوم الجمركية، التي بدت وكأنها تتجاهل الاتفاقات التجارية والعادات الطويلة الأمد.

في هذا السياق، عند سؤاله عن المنهجية التي اعتمدها البيت الأبيض، قال كوش ديساي من الفريق للصحفي للبيت البيضاوي، "لقد قمنا بحساب الحواجز الجمركية وغير الجمركية بشكل دقيق"، وأرفق لقطة شاشة من ورقة بحثية للبيت الأبيض توضح الأساس الحسابي لهذه المعادلة.

بدوره، عندما سُئل وزير التجارة الأميركي، هاورد لوتنيك، على قناة "سي.إن.بي.سي" عن كيفية وصول إدارة ترامب إلى هذه الصيغة، لم يقدم تفسيرًا مباشرًا، لكنه أشار إلى أن خبراء الاقتصاد في مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة قد عملوا لسنوات على تطوير مقياس يعكس جميع الحواجز التجارية التي تفرضها دولة معينة.

الانتقادات من الاقتصاديين

انتقد العديد من الاقتصاديين هذه المنهجية وراء خطة فرض الرسوم الجمركية من قبل إدارة ترامب. أشارت الزميلة في معهد بيترسون، ماري لافي، إلى أنه "لا توجد منهجية حقيقية هنا. الأمر يشبه اكتشافك أنك مصاب بالسرطان ثم العثور على علاج يعتمد على وزنك مقسومًا على عمرك. كلمة "متبادلة" مضللة للغاية".

كما انتقد الخبراء هذه المنهجية التي اعتمدتها إدارة ترامب في فرض الرسوم الجمركية، حيث اعتُبرت "ميكانيكية" ولم تأخذ في الاعتبار السياق الاقتصادي الأوسع للعلاقات التجارية، مثل تقلبات العملات أو الحواجز غير الجمركية كالتشريعات المحلية والضرائب.

واتفق روبرت كاهن من مجموعة يوراسيا للاستشارات مع هذا الرأي، حيث أشار إلى أن الصيغة أدت إلى إنتاج "أرقام غير منطقية" ليست ذات أهمية. وأضاف أن هذه الصيغة أرسلت إشارة إلى العالم بأن الولايات المتحدة تبتعد عن علاقاتها وتحالفاتها مع حلفائها التقليديين.

تأثيرها على التحالفات الأميركية

علاوة على تأثيرها الاقتصادي، كان للصيغة تداعيات دبلوماسية. من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، كانت سياسة 'أميركا أولًا' التي انتهجها ترامب لها تأثير سلبي على العلاقات التي تم بناؤها على مدار عقود. بدا أن منهجية الرسوم الجمركية 'المتبادلة' تشير إلى تحول أوسع في السياسة الخارجية الأميركية، مما يهدد بعزل الولايات المتحدة عن شركائها التجاريين الرئيسيين.

استراتيجية معيبة

أثبتت خطة ترامب في فرض التعريفات الجمركية الجديدة، على الرغم من بساطتها الظاهرة، أنها كانت خطأً تسبب في فوضى في التجارة العالمية وأضرّت بالدول النامية أكثر من غيرها. بدلًا من موازنة العجز التجاري كما كان يُفترض، خلقت هذه التعريفات اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية وسببت توترات دبلوماسية مع الدول الغنية والفقيرة على حد سواء. كما أشار النقاد، فإن هذه الطريقة افتقرت إلى العمق وفهم تعقيدات الاقتصاد العالمي، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول ما إذا كانت هذه استراتيجية قابلة للاستمرار في التجارة الدولية. في النهاية، تمثل هذه الرسوم الجمركية سياسة اقتصادية معيبة تعتمد على مكاسب قصيرة المدى بدلًا من التخطيط الاستراتيجي المدروس، تاركة وراءها ضررًا اقتصاديًا وتوترًا دبلوماسيًا.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة