1. سياسة
  2. سياق متصل

كيف عمّق ترامب أزمة الثقة مع حلفاء الولايات المتحدة؟

31 يمشي 2025
تصريحات ترامب وسلوكياته أضرت بصورة الولايات المتحدة كحليف موثوق (منصة إكس)
الترا صوتالترا صوت

لطالما كانت الولايات المتحدة حجر الزاوية في التحالفات الدولية، حيث اعتمدت دول كثيرة حول العالم على واشنطن لضمان الأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي. إلا أن هذه الديناميكية تعرضت لهزات متتالية بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الابيض، الذي انتهج سياسات أثارت جدلًا واسعًا وأحدثت تحولًا جذريًا في علاقات الولايات المتحدة مع شركائها التقليديين.

في تحليل موسع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، سلطت الضوء على تصاعد أزمة الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها، كنتيجة مباشرة للنهج الذي اتبعه ترامب في التعامل مع الشؤون الدولية.

هذه التحولات لم تمر دون رد فعل؛ بل دفعت العديد من الدول إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية والتجارية، بل وحتى النظر في بدائل تقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة

فقد تجلت هذه الأزمة في قرارات صادمة، مثل فرض رسوم جمركية على أقرب الشركاء التجاريين، والتشكيك في التزامات الولايات المتحدة الدفاعية تجاه حلف "الناتو"، والتعامل مع العلاقات الدبلوماسية من منظور الصفقات التجارية قصيرة المدى، بدلًا من التحالفات طويلة الأمد.

إعادة تقييم

هذه التحولات لم تمر دون رد فعل؛ بل دفعت العديد من الدول إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية والتجارية، بل وحتى النظر في بدائل تقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة. من أوروبا إلى كندا، ومن اليابان إلى أميركا اللاتينية، أصبح حلفاء الولايات المتحدة أكثر حذرًا، وبعضهم بدأ بالفعل في اتخاذ خطوات عملية لفك الارتباط التدريجي بواشنطن.

يحاول تحليل "نيويورك تايمز"، إلى استكشاف جذور هذه الأزمة، وأبرز تداعياتها على مستقبل التحالفات الدولية، وما إذا كان العالم يتجه نحو نظام متعدد الأقطاب قد يغير موازين القوى الدولية إلى الأبد.

تحولات في علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها

مثّلت طائرة "إف-35" رمزًا للتعاون العسكري الدولي، حيث جرى تطويرها بمشاركة ثماني دول، مما عزّز الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة وحلفائها. غير أن الرئيس ترامب، عند إعلانه عن الطراز الجديد "إف-47"، لم يكتفِ بالإشادة بمزاياه، بل صرّح بأن النسخة المخصّصة للحلفاء ستكون أقل تطورًا عمدًا. وبرّر ذلك بقوله: "لأنه في يوم من الأيام، قد لا يكونون حلفاءنا بعد الآن."

أثار هذا التصريح قلقًا واسعًا بين الدول التي تعتمد على الولايات المتحدة كشريك استراتيجي، حيث عزز المخاوف بشأن التزام واشنطن تجاه حلفائها على المدى الطويل. ولم يقتصر التأثير على الدول التي تأثرت مباشرةً بهذا القرار، بل امتد ليشمل أطرافًا أخرى باتت ترى في نهج ترامب تهديدًا لاقتصاداتها، لشراكاتها الدفاعية، بل وحتى لسيادتها الوطنية.

في مواجهة هذه التحديات، تسعى العديد من الدول إلى تقليل اعتمادها على واشنطن، سواء من خلال البحث عن تحالفات جديدة أو تعزيز استقلالها الدفاعي والاقتصادي. وبينما تحاول هذه الدول احتواء التداعيات المباشرة للسياسات الأميركية، فإنها تدرك أيضًا أن التعامل مع الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب يعني الاستعداد الدائم لمواجهة الضغوط والمفاجآت السياسية.

إعادة تشكيل التحالفات

أدت هذه التحولات إلى تحركات ملموسة من قبل الدول المتأثرة، التي بدأت تبحث عن استراتيجيات بديلة لمواجهة حالة عدم اليقين المتزايدة. فبعد اعتمادها الطويل على واشنطن كشريك دفاعي رئيسي، أبرمت كندا صفقة بقيمة 4.2 مليار دولار مع أستراليا لتطوير أنظمة رادار متقدمة، كما دخلت في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون الدفاعي، في خطوة تعكس سعيها لتنويع شراكاتها الأمنية.

من جهته، سرّع الاتحاد الأوروبي مفاوضاته مع الهند بشأن اتفاقية التجارة الحرة، بعد أن ظلت عالقة لسنوات، في مؤشر على رغبته في تقليل الاعتماد على السوق الأميركية وتنويع علاقاته التجارية، ما يعكس تحولًا تدريجيًا نحو تقليل الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي.

وفي آسيا، بدأ الحليفان التقليديان للولايات المتحدة، اليابان وكوريا الجنوبية، التفكير في تقليل اعتمادهما العسكري على واشنطن، من خلال تعزيز تعاونهما الدفاعي الثنائي واستكشاف خيارات أمنية جديدة، بما في ذلك تطوير قدراتهما الدفاعية المستقلة.

 أما في شرق أوروبا، فقد بدأت بولندا ودول أخرى كانت تعتمد على المظلة النووية الأميركية في دراسة خيارات امتلاك أسلحة نووية خاصة بها، لضمان أمنها في ظل تزايد الشكوك حول التزام واشنطن بحماية حلفائها.

من "حارس الديمقراطية" إلى "شريك غير موثوق

وفقًا لـ"نيويورك تايمز"، فإن تصريحات ترامب وسلوكياته أضرت بصورة الولايات المتحدة كحليف موثوق، حيث دفعته نظرته الصفرية إلى معاملة الحلفاء بندية، بدلًا من التعاون المشترك. كما أن تهديداته لسيادة بعض الدول، مثل اقتراحه بضم كندا للولايات المتحدة أو إرسال قوات إلى المكسيك لمحاربة تجار المخدرات، زادت من حدة المخاوف بشأن نواياه الحقيقية.

الأمر لا يقتصر على التهديدات الكلامية فقط؛ فقد شهدت فترة رئاسته الأولى انسحابًا أميركيًا من عدة اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية "باريس للمناخ" والاتفاق النووي الإيراني، مما عزز الشكوك بشأن التزام الولايات المتحدة بتعهداتها. كما أن فرض الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ على حلفاء مقربين، والتلويح بإمكانية تقويض علاقات الدفاع المشترك، جعل العديد من الدول تعيد تقييم اعتمادها على واشنطن في المجالات الحيوية.

نحو عالم متعدد الأقطاب؟

مع تصاعد هذه الشكوك، تحاول الدول المتأثرة تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة من خلال تعزيز قدراتها الدفاعية والاقتصادية المستقلة. الاتحاد الأوروبي وضع خطة لزيادة إنفاقه العسكري بمقدار 150 مليار يورو، في خطوة تعكس قناعته بأن المظلة الأمنية الأميركية لم تعد مضمونة، خاصة مع تهديدات ترامب السابقة بتقليص التزامات بلاده تجاه "حلف الناتو". في الوقت نفسه، تبحث دول مثل بولندا خيارات نووية مستقلة، وهو تطور غير مسبوق في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، مما يعكس تصاعد المخاوف من غياب الضمانات الأمنية الأميركية.

في كندا، أدى نهج ترامب إلى تشكيل إجماع غير متوقع حول ضرورة إعادة توجيه البنية التحتية للطاقة في كندا. فبعدما كانت مشاريع خطوط الأنابيب والموانئ تعتمد بشكل أساسي على الربط بين الشمال والجنوب لتسهيل التصدير إلى الولايات المتحدة، برزت رؤية جديدة تدعو إلى بناء ممرات تجارية تمتد من الشرق إلى الغرب، ما يتيح لكندا تنويع أسواقها الخارجية وتعزيز وصول مواردها إلى أوروبا وآسيا. هذا التحول الاستراتيجي يعكس إدراكًا متزايدًا لضرورة تقليل الاعتماد الاقتصادي على واشنطن، في ظل حالة عدم اليقين التي باتت تكتنف السياسات الأميركية.

في آسيا، تتخذ اليابان وكوريا الجنوبية خطوات جدية لتعزيز تعاونهما الدفاعي الثنائي بعيدًا عن الهيمنة الأميركية، بينما تسعى الفلبين إلى تنويع شراكاتها الاستراتيجية لتقليل الاعتماد على واشنطن، خاصة في ظل تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي. التحركات الآسيوية لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، إذ تشهد المنطقة أيضًا تحولات اقتصادية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي، وهو توجه تقوده دول مثل الصين والهند لتعزيز نظام مالي عالمي أكثر تنوعًا.

حتى في أميركا اللاتينية، التي طالما اعتُبرت ساحة نفوذ أميركية تقليدية، تتزايد الأصوات الداعية إلى كسر هذا الاحتكار الاقتصادي. البرازيل، على سبيل المثال، كثفت تعاملاتها التجارية مع الصين، حيث بدأت في استخدام "اليوان" الصيني بدلًا من الدولار الأميركي في بعض معاملاتها، وهي خطوة تضاف إلى التحركات الأوسع نحو الحد من الهيمنة المالية الأميركية في المنطقة.

واقع جديد في ظل الشكوك الأميركية

هذه التطورات تشير إلى واقع جديد يتشكل تدريجيًا، حيث باتت القوى الإقليمية تسعى إلى بناء استقلاليتها الاستراتيجية، سواءً على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، في مواجهة حالة عدم اليقين التي تحيط بالتوجهات الأميركية المستقبلية.

وبينما قد يكون تأثير سياسات ترامب محسوسًا على المدى القريب، فإن السؤال الأهم يتمثل فيما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى تغيير دائم في ميزان القوى العالمي، أم أن الولايات المتحدة ستجد طريقة لاستعادة موقعها التقليدي في قيادة التحالفات الدولية؟ الإجابة ستتحدد في السنوات القادمة، مع استمرار تطور الديناميكيات الجيوسياسية العالمية.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة