لاعبو إنجلترا الأكثر نجاحًا خارج البريميرليغ.. هل تغيرت عقلية الإنجليز؟
3 يمشي 2025
لطالما ارتبطت كرة القدم الإنجليزية بدوريها المحلي، حيث كان البريميرليغ هو الوجهة الطبيعية للاعبين الإنجليز، سواء كانوا نجومًا بارزين أو مواهب صاعدة. ومع هيمنة الدوري الإنجليزي الممتاز كأحد أقوى البطولات في العالم، كان من النادر أن يبحث اللاعبون الإنجليز عن فرص في الخارج، إذ كانت فكرة الاحتراف في الدوريات الأوروبية الكبرى تُعتبر استثناءً أكثر من كونها قاعدة.
لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا واضحًا في هذه العقلية، حيث بدأ العديد من اللاعبين الإنجليز بخوض تجارب خارجية ناجحة في إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، وفرنسا. ومع نجاح هؤلاء اللاعبين وتألقهم، أصبح من الواضح أن النظرة التقليدية للاحتراف خارج إنجلترا تتغير بشكل كبير. فهل أصبح اللاعب الإنجليزي أكثر انفتاحًا على التجارب الخارجية؟ وهل يمكن القول إن الاحتراف في الدوريات الأوروبية بات خيارًا استراتيجيًا لمستقبل المواهب الإنجليزية؟
سانشو، كين، وبيلينغهام.. الأرقام تتحدث عن نفسها
وفقًا لإحصائيات موقع ترانسفير ماركت، فإن اللاعب الإنجليزي الأكثر مساهمة بالأهداف خارج البريميرليغ منذ عام 2000 هو جادون سانشو، الذي سجل وصنع 91 هدفًا خلال 118 مباراة مع بوروسيا دورتموند. ورغم معاناته بعد العودة إلى مانشستر يونايتد، فإن تألقه في ألمانيا أظهر كيف يمكن للاعبين الإنجليز النجاح خارج بلادهم.
في مونديال 2010 كان جميع لاعبي منتخب إنجلترا ينشطون في البريميرليغ، لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا كبيرًا في عقلية اللاعب الإنجليزي
يأتي بعده في القائمة النجم الإنجليزي هاري كين، الذي سجل وصنع 73 هدفًا خلال 53 مباراة فقط مع بايرن ميونيخ، ليصبح أحد أبرز المهاجمين في الدوري الألماني منذ انضمامه في 2023. أما جود بيلينغهام، فقد جمع 66 مساهمة تهديفية خلال 140 مباراة بين بوروسيا دورتموند وريال مدريد، ليصبح واحدًا من أهم لاعبي الوسط في العالم اليوم.
ديفيد بيكهام.. الرائد الذي فتح الأبواب
عندما نتحدث عن اللاعبين الإنجليز الذين نجحوا خارج البريميرليغ، لا يمكن تجاهل اسم ديفيد بيكهام، الذي كان أحد أوائل النجوم الإنجليز الذين خاضوا تجربة احترافية ناجحة في ريال مدريد، ميلان، وباريس سان جيرمان، حيث سجل وصنع 63 هدفًا خلال 155 مباراة في الدوريات الأوروبية الكبرى. تجربة بيكهام كانت مختلفة عن بقية لاعبي جيله، حيث كان يملك عقلية عالمية جعلته يتألق في مختلف الدوريات.

النجاح لا يقتصر على النجوم.. المواهب الصاعدة تدخل القائمة
من اللافت أن العديد من اللاعبين الشباب بدأوا أيضًا في خوض تجارب احترافية خارج إنجلترا، وحققوا نجاحات كبيرة. على سبيل المثال:
ماسون غرينوود: رغم رحيله عن مانشستر يونايتد بطريقة مثيرة للجدل، إلا أنه نجح في تقديم مستويات رائعة مع خيتافي ومارسيليا، حيث سجل وصنع 31 هدفًا.
جيمي غيتينز: جناح بوروسيا دورتموند الشاب الذي سجل وصنع 20 هدفًا في 67 مباراة، ويُنتظر أن يحصل على فرصة تمثيل المنتخب الإنجليزي قريبًا.
أنخيل غوميز: لاعب ليل الفرنسي، الذي أصبح عنصرًا أساسيًا في فريقه وسجل 20 مساهمة تهديفية في الدوري الفرنسي.
هل تغيرت عقلية اللاعب الإنجليزي؟
التغير في عقلية اللاعبين الإنجليز أصبح واضحًا في العقد الأخير، حيث لم يعد الاحتراف خارج البلاد يُنظر إليه على أنه خيار غير ضروري، بل أصبح جزءًا من تطور اللاعب وتحسين مستواه. هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التحول، وأبرزها التطور التكتيكي، فبعض اللاعبين الإنجليز وجدوا أن اللعب في دوريات مختلفة يمنحهم مهارات تكتيكية جديدة، كما حصل مع بيلينغهام في إسبانيا وكين في ألمانيا.

كذلك هناك عامل قلة الفرص في البريميرليغ، فمع تزايد المنافسة في الدوري الإنجليزي وارتفاع عدد اللاعبين الأجانب، أصبح من الصعب على بعض اللاعبين الإنجليز الحصول على دقائق لعب كافية، مما دفعهم للبحث عن فرص في الخارج.
ولا يمكن إغفال عامل جاذبية الدوريات الأوروبية، فالنجاح الذي حققه نجوم مثل بيكهام، سانشو، وبيلينغهام جعل الاحتراف في الخارج يبدو خيارًا مغريًا، خاصة مع الدوريات الكبرى التي توفر تحديات جديدة.
نحو المزيد من الاحتراف الخارجي
مع استمرار هذا التوجه، من المتوقع أن نشهد في السنوات القادمة مزيدًا من اللاعبين الإنجليز الذين يخوضون تجارب خارج البلاد، وهو أمر قد يعود بالفائدة على المنتخب الإنجليزي نفسه، حيث سيحصل اللاعبون على خبرات متنوعة في مدارس كروية مختلفة.
النجاحات التي يحققها اللاعبون الإنجليز في الخارج تؤكد أن الكرة الإنجليزية لم تعد محصورة داخل البريميرليغ، بل أصبحت تمتد إلى مختلف الدوريات الأوروبية الكبرى، مما قد يعزز مكانة إنجلترا في كرة القدم العالمية مستقبلًا.