ماذا تعرف عن السوق السوداء للتحول الجنسي للأطفال في بريطانيا؟!
11 فبراير 2019
"هرمونات تحويل الجنس متاحة للأطفال عبر السوق السوداء"، هكذا عنونت جريدة ديلي ميل تحقيقها حول القضية، لتثير النقاس المتجدد حول معضلة أخرى من المعضلات التي استحدثها العقد الحالي؛ أي مسألة التحول الجنسي، التي لا تزال موضع جدل علمي وأخلاقي لم يستقر، ليست أقل جوانبه مسألة تحديد العمر للسماح بإجراء عمليات التحول.
كشف تحقيق لصحيفة ديلي ميل البريطانية عن حبوب هرمونات تساعد على التحول الجنسي تباع للأطفال في أوروبا عبر السوق السوداء
هرمونات في متناول الأطفال
يبدأ تحقيق ديلي ميل برصد حالة سيدة بريطانية أم لأحد المتحولين جنسيًا، والتي اكتشفت مصادفة علبة هرمونات في خزانة ملابس ابنها. تقول الأم التي هالتها المفاجأة: "لقد لاحظت تغيرات على جسم ابني، الذي صار يُنبت ثديين، هكذا تتبعت الأمر إذا بي أكتشف علبة حبوب. وبعد التقصي علمت أنها هرمونات إستروجين، ابتاعها عبر الإنترنت من صيدلية بالولايات المتحدة". وتستغرب الأم: "كيف أمكنه دفع ثمنها؟!".
اقرأ/ي أيضًا: كيف نتحدث مع أطفالنا في الجنس؟
سيعرف الجواب لاحقًا بعد أن أجرى فريق التحقيق طلبات لعدة عقاقير من تلك الفئة، ستكون الصدمة أن ثمنها لم يكن يتعدى 25 جنيه إسترليني. كما أن هناك صفحات إلكترونية تروج، بدون تحديد عمري، وتُسهّل على المراهقين استهلاك هذا النوع من المستحضرات.
هذا ويحل التعاطي الذاتي لهذه الهرمونات محل الانتظار المطول للموعد في عيادات الأطباء المختصين في تلك العمليات، وأقل تكلفة وكذا أكثر سهولة للمراهقين الراغبين في الأمر.

هذه السهولة في الحصول على هذه المنتجات تعد خرقًا قانونيًا لتوصيات وزارة الصحة البريطانية، والتي تحدد العمر المسموح به لإجراء عمليات التحويل الهرمونية عند 16 سنة.
يوضح هذا الاختيار جيمس باريت الطبيب النفسي البريطاني، قائلًا: "الانتظار قليلًا إلى سن البلوغ سيمنح المراهق تصور أوضح حول جسده، وسيكون اختياره أكثر دقة، إذ ممكن أن لا يحتاج إلى التحول ويكمل حياته كمثلي".
كما يشير باريت إلى ضعف الرقابة الطبية على مسار التحول للأطفال، سواءً بسهولة ترويج الهرمونات عبر الإنترنت، أو حتى الاختلالات المهنية التي تمارس في المصحات التي تقوم بهذه العمليات للأطفال.
من الجانب الآخر
في حين يُنصب المدافعين عن حقوق المتحولين أنفسهم معارضين لهذه التقنينات على اعتبار أن التحديد العمر "حالة اعتباطية"، يرى آخرون ضرورة إعطاء الأحقية للأطباء لتحديد المسألة.
ومن هذا الجانب فإن كثيرًا من الأطباء يقولون بضرورة التقنين العمري لإتاحة التحول الجنسي، مؤكدين على أن الأطفال المتحولين يخوضون صراعًا نفسيًا داخليًا، وخارجيًا مع الوقت ومؤشرات نموهم، إذ إن الهم الأساسي لعمليات التحول في سن الطفولة، هو أن تسبق مرحلة البلوغ، للتفادى الأعراض الجسدية التي تحدد الجنس المنفور منه، أو الذي يُرغب في التحول منه.

ومن الأطباء من يفضل إجراء عمليات التحول الجنسي في سن مبكرة، تأكيدًا على أن تأخذ العملية مجراها قبل بداية التغيرات الجسمانية للجنس الأول، لينمو الشخص متوافقًا مع جسده.
فيما يقترح آخرون ما يعتبرونه "حلًا وسطًا" متمثلًا في منح الطفل هرمونات الأندروجين، والتي توقف تغيرات البلوغ إلى حد تقرير الشخص المعني هويته الجنسية.
هل أصبح الأمر خارج السيطرة؟
سجلت مصلحة تطوير الهوية الجنسية، بمركز تافيستوك البريطاني، توافدًا كبيرًا من طرف المراهقين الراغبين في التحول الجنسي، إذ بلغ، حسب إحصائيات سنة الماضية، 2519 مراهقًا أقل من 18 سنة، ويتراوح عمر أغلبهم من 13 إلى 16 سنة، بمعدل إقبال يناهز 50 حالة كل أسبوع، بارتفاع وصل إلى 24% عن عام 2017. وخلال السنوات العشر الماضية، حقق عدد المقبلين على المركزة زيادة مهولة تقدر بـ2500٪ مقارنة بسنة 2009.

كل هذه الأرقام تجعل الأطباء والقائمين على المركز أمام حيرة موضوعية حول سببها، وعلى هذا الأساس يتساءل غروسمان، وهو طبيب من مركز تافيستوك: "لم نعد نفهم أسباب هذا التزايد المهول! ولا نعلم إن كان هذا حقًا تزايدًا، أم أن الأطفال في الماضي لم يعلموا بوجود هكذا مركز".
وتضيف كارميشيل، الطبيبة في ذات المركز: "نعلم أن هناك تقدمًا ملحوظًا في اتجاه تقبل التعددية الجندرية داخل مجتمعنا، مقرون بمعرفة بالأخصائيين في المجال ووجود مراكز لهذا الغرض"، غير أنها أعربت عن اعتقادها بخطورة إتاحة حبوب هرمونات التحول الجنسي عبر الإنترنت دون تحديد سن المشتري.
2519 مراهق بريطاني أقل من 18 عامًا تقدموا لإجراء عمليات تحول جنسي خلال 2018، بزيادة وصلت إلى 24% عن عام 2017 و2500% عن 2009
وقالت كارميشيل، إنه "من الخطير جدًا أن تشترى هذه العقاقير من الإنترنت. فمع شراء هذه الحبوب، سيبدأ المراهقون في سيرورة علاجية، قد لا يرضون عن نتائجها بعد ذلك، أو يغيرون قناعتهم كليًا". وهكذا يقترح المركز البريطاني تقنية بديلة، هي بتوقيف التحولات الجسدية لسن البلوغ، وبالتالي منح الراغب في التحول وقتًا أطول لتقرير أي جسد سيختار.
اقرأ/ي أيضًا: