محاكمة نتنياهو.. الوقائع والتوترات المحدقة بها
11 ديسمبر 2024
بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإدلاء بأقواله في قضايا الفساد والرشوة وسوء استغلال النفوذ التي تطارده منذ 8 سنوات أمام محكمة تل أبيب. وبالتزامن مع المحاكمة نزل معارضون ومؤيدون لنتنياهو إلى الشوارع في تجلٍ واضح لمدى الانقسام المجتمعي في إسرائيل، ومستوى التحديات التي تواجه القضاء في دولة الاحتلال، حيث تعرّضت المؤسسة القضائية للاستهداف في محاولةٍ لتقليم أظافرها، الأمر الذي جعلها، حسب المعارضين للإصلاحات القضائية، في حاجة ماسّة للإسناد الشعبي حتى تستطيع القيام بدورها بعيدًا عن الضغوط والابتزاز.
حرص نتنياهو خلال الإدلاء بأقواله على تثبيت الصورة التي رسمها لنفسه كضحية، حيث قال إنه "مستهدف من الإعلام بسبب سياساته الأمنية المتشددة"، ورفض الجلوس على مقعد الاتهام إلى جانب محاميه بحضور المصورين الذين لم يتمكّنوا من بث فعاليات المحاكمة على الهواء مباشرة، بسبب رفض القضاة لذلك.
وكان نتنياهو قد حضر إلى المحكمة مصحوبًا بابنه أفنير وعددٍ من وزرائه وأعضاء في الكنيست من الليكود وبقية أحزاب ائتلافه الحكومي، مستعرضًا بذلك قوته السياسية.
حرص نتنياهو خلال الإدلاء بأقواله على تثبيت الصورة التي رسمها لنفسه كضحية، حيث قال إنه "مستهدف من الإعلام بسبب سياساته الأمنية المتشددة"
وكان من بين الوزراء الحاضرين للجلسة، وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير الاتصالات، شلومو كرعي، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، التي قالت في تصريحات صحفية "إنه لأمر مخزٍ أن يُطلَب من رئيس الوزراء الإدلاء بإفادته وهو يخوض واحدة من أكثر الحروب تعقيدًا في دولة إسرائيل"، على حدّ زعمها.
وقبل بداية الاستماع لأقواله، قال رئيس الجلسة لنتنياهو إنه "يتمتع بالامتيازات نفسها التي يتمتع بها الشهود الآخرون، حيث يمكنه الجلوس أو الوقوف كما يشاء".
تجدر الإشارة إلى أنّ التهم الموجهة لرئيس الحكومة الإسرائيلي تتمثل في "الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة"، وبحسب ما أعلنته المحكمة سيكون نتنياهو مضطرًّا للإدلاء بأقواله 3 مرات في الأسبوع لمدة 6 ساعات، وذلك خلافًا لما طلبه نتنياهو باقتصار تقديم إفادته مرتين فقط في الأسبوع، وهذا الإجراء يجعل نتنياهو مجبرًا على "التنقل بين قاعة المحكمة وغرفة إدارة الحرب في وزارة الأمن على بُعد دقائق من مقر المحكمة".
يُذكر أنّ المحاكمة، تُجرى لدواعٍ أمنية، تحت الأرض في تل أبيب، وفي قاعة محصّنة، تُستَخدم عادة لمحاكمة كبار المجرمين الجنائيين، وذلك بناءً على توصية من جهاز الأمن العام المعروف بـ"الشاباك".
وبدأ نتنياهو أقواله بأنه "انتظر 8 سنوات من أجل هذه اللحظة، لأقول الحقيقة"، على حدّ زعمه. وبحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل"، بدأ دفاع نتنياهو باستجوابه أولًا، الأمر الذي مكّن نتنياهو من تقديم شرحٍ مطوّل دافع فيه عن أفعاله.
ومن المتوقع أن يستمر استجواب الدفاع 3 أيام على الأقل، يليه استجواب الادّعاء الذي سيأخذ وقتًا أطول، وعندما يُكمل الادعاء استجوابه لنتنياهو ستكون أمام دفاعه فرصة لاستدعائه مرةً ثانية إلى منصة المحكمة لتوضيح ما أشكل من إفادته.
تهم نتنياهو الثلاث:
تُعرف القضية الأولى التي يُحاكم بسببها نتنياهو بـ"القضية 1000"، وفيها يُتهم نتنياهو وزوجته سارة، بقبول منتجات فاخرة من "سيجار وحلى وشمبانيا تزيد قيمتها عن 260 ألف دولار من جانب أصحاب مليارات، ولا سيما المنتج الهوليوودي من أصل إسرائيلي أرنون ميلشان ورجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر في مقابل خدمات سياسية".
وفي القضية الثانية المسمّاة بـ"القضية 2000"، يُتابَع نتنياهو في محاولته "التفاوض للحصول على تغطية إعلامية أفضل من جانب أرنون موزيس ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت، التي تعدّ كبرى الصحف المدفوعة الأجر في البلاد، في مقابل وعد بتمرير قانون كان من شأنه إعاقة توزيع الصحيفة المجانية "يسرائيل هيوم" الأكثر قراءةً في إسرائيل".
الشرطة الإسرائيلية فتحت تحقيقًا مع 5 موظفين من مكتب وزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير، وذلك بتهمة إصدار 1146 رخصة سلاح بشكل غير قانوني.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 26, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/APMdpyO4bN pic.twitter.com/dYjvb4fY3X
أمّا في القضية الثالثة المسماة باسم "القضية 4000"، فتتم محاكمة نتنياهو بتهمة محاولة "تسهيل عملية اندماج أرادها صديقه شول إيلوفيتش الذي كان مساهمًا كبيرا في بيزك كبرى مجموعات الاتصالات في إسرائيل، وذلك مقابل تغطية منحازة لسياسته في موقع "واللا" الإخباري الذي يملكه إيلوفيتش أيضًا".
احتجاجات:
لم تمرّ محاكمة نتنياهو مرور الكرام فقد كانت فرصةً لمعارضيه ولعائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة للضغط على رئيس الحكومة، حيث هتف هؤلاء ضدّه قائلين "نتنياهو إلى السجن"، كما رددوا شعارات من قبيل: "الجميع على قيد الحياة"، و"لن ننسى ولن نغفر"، و"الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة".
وعلى إثر ذلك نشبت مواجهات بين عائلات الأسرى وأنصار نتنياهو الذين نزلوا هم بدورهم لتأييد رئيس الحكومة. كما كان ملاحظًا مستوى الوجود الأمني في محيط المحكمة، حيث تمركزت قوة من الشرطة قدّرت بنحو 200 ضابط.
ووفقًا لأحد النشطاء الذين قادوا تظاهرة المعارضة، فإنّ نتنياهو الذي "يستغل منصبه لتجنب طاعة القانون ويواجه محاكمةً جنائية لا يمكنه الاستمرار في قيادة البلاد" وفق تعبيره، فيما يرفض نتنياهو على نحوٍ قاطع الاستقالة ويتهم معارضته والإعلام بالتآمر عليه.