مخاوف من انهيار القانون والنظام.. الصراع في الكونغو الديمقراطية يزداد تعقيدًا
29 يناير 2025
يواصل متمردو حركة "إم 23" هجومهم ضد القوات الحكومية شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تعيش، منذ أسابيع، واحدًا من أسوأ الصراعات في تاريخها منذ عام 2012. ويعد هذا التصعيد امتدادًا لصراع مستمر منذ ثلاثة عقود عقب الإبادة الجماعية في رواندا.
وسيطر متمردو الحركة، الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني 2025، على مطار مدينة جوما، أكبر مدن شرق الكونغو، بعد سيطرتهم على المدينة يوم الإثنين الفائت، الأمر الذي قد يؤدي إلى قطع الإمدادات لمئات الآلاف من النازحين الذين فروا من بيوتهم جراء الهجوم.
ويأتي تقدم متمردي حركة "إم 23" بدعم من رواندا التي أفادت عدة تقارير بأن قواتها تقدمت داخل مدينة جوما لدعم الحركة، وهو ما أكدته الكونغو ورئيس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ولم يصدر أي تعليق رسمي من رواندا حول هذه الأنباء، لكنها أكدت أنها تدافع عن نفسها ضد من أسمتهم "الميليشيات الكونغولية".
المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: المتمردون سيطروا على مطار مدينة جوما، الوضع "متوتر ومتغير".. وهناك مخاطر حقيقية لانهيار القانون والنظام في المدينة نظرًا لانتشار الأسلحة"
وفي وقت سابق، أمس الثلاثاء، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن المتمردين سيطروا على مطار مدينة جوما، واصفًا الوضع بأنه "متوتر ومتغير". وحذر دوجاريك من أن هناك: "مخاطر حقيقية لانهيار القانون والنظام في المدينة نظرًا لانتشار الأسلحة".
وأفاد مسؤولون من الأمم المتحدة بوقوع أعمال عنف ونهب في جوما، وانتشار الجثث في الشوارع أيضًا. وقال ينس لارك، المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إن هناك تقارير تفيد بوقوع عنف عرقي واغتصاب ونهب للممتلكات في جوما.
وأوضح لارك أن: "الوضع الإنساني في جوما وحولها لا يزال مقلقًا للغاية"، مؤكدًا وجود العديد من الجثث في الشوارع، وعجز مستشفيات المدينة عن التعامل مع التدفق الهائل للجرحى.
ويرى محللون أن حركة "إم 23" أصبحت أكثر قوة وجرأة مقارنةً بما كانت عليه في عام 2012، عندما سيطرت الحركة على المدينة نفسها قبل أن تنسحب منها بضغوط ووساطات دولية. لكن الحركة عادت إلى الظهور مجددًا في عام 2021 بدعم من رواندا.
قال ينس لارك، المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن هناك تقارير تفيد بوقوع عنف عرقي واغتصاب ونهب للممتلكات في جوما
وقال مانزي نجارامبي، ممثل الحركة في الخارج، في تصريحات لوكالة "أسوشيتد برس"، إن الحركة أحكمت سيطرتها على جوما بالكامل، وتخطط لإنشاء إدارة مدنية لتسيير أمور المدنيين ومساعدة النازحين على العودة إلى بيوتهم. وأضاف: "لن يكون هناك حمام دم، نريد أن نعيش في سلام. الآن، سنخبر شعبنا في جميع أنحاء العالم بأنهم أصبحوا قادرون على العودة".
ونفى نجارامبي أن تكون رواندا تقدم لهم دعمًا من أي نوع، مؤكدًا أن الحركة على استعداد للتفاوض مع المسؤولين الكونغوليين. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه ندوهونجيريه، إنه يتعين على الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، قبول المحادثات مع حركة "إم 23" بهدف: "إنهاء هذا الوضع مرة واحدة وإلى الأبد".
وأشار المتحدث باسم الجيش الرواندي، رونالد رويفانجا، في تصريحات لـ"أسوشيتد برس"، إلى أن هدف رواندا من التدخل في الكونغو هو حماية حدودها. وكان الرئيس الرواندي بول كاغامي قد اتهم الكونغو الديمقراطية بتجنيد المتمردين الهوتو الذين تحملهم مسؤولية الإبادة الجماعية في عام 1994.
يرى محللون أن حركة "إم 23" المتمردة أصبحت أكثر قوة وجرأة مقارنةً بما كانت عليه في عام 2012، عندما سيطرت الحركة على المدينة نفسها قبل أن تنسحب منها بضغوط ووساطات دولية، لكنها عادت إلى الظهور مجددًا في عام 2021 بدعم من رواندا
وأضاف كاغامي، في وقت سابق من الشهر الحالي، أن: "الأشخاص أنفسهم الذين قتلوا الناس هنا في رواندا ما زالوا موجودين، وما زالوا مسلحين، وما زالوا يمارسون أيديولوجية الإبادة الجماعية في جوارنا، في شرق الكونغو، بدعم من الحكومة، وتحت أنظار المجتمع الدولي"، وفقه.
بعيدًا عن جوما، شهدت العاصمة الكونغولية كينشاسا، على بعد 1600 كيلومتر غربي جوما، توترات متزايدة في اليومين الماضيين. وأفادت وسائل إعلام محلية ودولية باندلاع احتجاجات واسعة في المدينة شهدت قيام المحتجين بحرق مجمع تابع للأمم المتحدة، والاعتداء على سفارات عدة دول، من بينها رواندا والولايات المتحدة وفرنسا، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"التدخل الأجنبي في شؤونهم".
وعقد مجلس الأمن الدولي، الأحد الفائت، جلسة بشأن التطورات في الكونغو الديمقراطية أدانت خلالها كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا دعم رواندا للمتمردين، معتبرين أنها السبب وراء تقدمهم الأخير.
شهدت العاصمة الكونغولية كينشاسا، على بعد 1600 كيلومتر غربي جوما، توترات متزايدة في اليومين الماضيين
وطالب مجلس الأمن الدولي حركة "إم 23" بوقف هجومها، ودعا ما أسماه "القوات الخارجية" إلى الانسحاب الفوري من المنطقة. كما أدان في بيانه: "الاستهتار الصارخ المستمر بسيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية وسلامة أراضيها، بما في ذلك الوجود غير المصرح به لقوات خارجية في شرق الكونغو".
ودعا البيان كلًا من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بخصوص القضايا العالقة بينهما، مثل وجود قوات الدفاع الرواندية شرق الكونغو الديمقراطية، ودعم الأخيرة للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR).
في المقابل، رفضت رواندا تصريحات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تتهمها بالوقوف خلف تقدّم المتمردين شرق الكونغو، مؤكدةً أن هذه التصريحات "لم تقدم أي حلول"، متهمةً الحكومة الكونغولية بإفشال المفاوضات مع حركة "إم 23".
وقالت وزارة الخارجية الرواندية، في بيان، إن: "القتال بالقرب من الحدود الرواندية لا يزال يشكل تهديدًا خطيرًا لأمن رواندا وسلامة أراضيها، الأمر الذي يستدعي موقفًا دفاعيًا مستمرًا من جانب رواندا".