مطالبات بمحاكمات عاجلة: هل تتجاهل جنوب إفريقيا تورط مواطنيها في جيش الاحتلال؟
2 ابريل 2025
تواجه الحكومة الجنوب إفريقية انتقادات متزايدة من قبل ناشطين مناهضين للعدوان الإسرائيلي على غزة، بسبب فشلها في محاكمة مواطنين قاتلوا إلى جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وسط أقاويل تشير إلى تعمد السلطات التباطؤ في اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
وقالت حملة التضامن مع فلسطين في جنوب إفريقيا لموقع "ميدل إيست آي"، إنها بصدد اتخاذ خطوات قانونية ضد هيئة الادعاء الوطني، بسبب عدم اتخاذها إجراءات قانونية منذ إعلان إسرائيل الحرب على غزة قبل أكثر من 17 شهرًا. وأوضح مارتن يانسن، رئيس الحملة في كيب تاون، أن المنظمة لجأت إلى هذا الخيار بعد سنوات من الاحتجاجات والمفاوضات التي لم تسفر عن أي نتائج فعلية. وأضاف يانسن: "بعد أكثر من عقد من المحاولات، لم يعد أمامنا خيار سوى التوجه إلى القضاء".
غياب المحاكمات رغم الأدلة الواضحة
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، تورط عدد من المواطنين الجنوب إفريقيين في العمليات العسكرية في غزة، حيث تباهى بعضهم علنًا بمشاركتهم في العدوان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فيما نشر آخرون صورًا لهم أثناء ارتكاب جرائم حرب محتملة.
وفي واحدة من أكثر القضايا إثارةً للجدل، نشر أحد المواطنين الجنوب إفريقيين من مقاطعة كيب الغربية صورًا له وسط أنقاض المباني المدمرة، حاملًا سلاحه الرشاش. ورغم حذف حساباته لاحقًا، فقد صرح لوسائل إعلام محلية بأنه كان متمركزًا على الحدود مع لبنان، دون إنكار خدمته في جيش الاحتلال.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، تورط عدد من المواطنين الجنوب إفريقيين في العمليات العسكرية في غزة، وتباهى بعضهم علنًا بمشاركتهم في العدوان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
لكن هيئة الادعاء الوطني أكدت لوسائل الإعلام أنها "غير مطلعة" على هذه القضية، رغم تسليم حملة التضامن مع فلسطين قائمة بأسماء مواطنين جنوب إفريقيين يُعتقد أنهم يخدمون في الجيش الإسرائيلي خلال اجتماع رسمي مع الهيئة ووكالة التحقيقات الجنائية. وقد أبدت الحملة استغرابها من تجاهل هذه المعلومات، رغم التزام الجهات المعنية بمتابعة الأمر.
اتهامات بالتسويف السياسي والمماطلة
اتهم يانسن السلطات بالتقاعس المتعمد، قائلًا: "لقد تواصلنا مع وكالة التحقيق الجنائية وهيئة الادعاء الوطني مرات عديدة، لكنهم يقدّمون وعودًا لا يتم الوفاء بها. من الواضح أن هذه القضية وصلت إلى أعلى المستويات في المؤسستين".
وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تجاهل الأدلة الواضحة، مشيرًا إلى شكوى قُدمت قبل 10 سنوات ضد مواطن جنوب إفريقي قاتل في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال هجوم 2014 على غزة، ولم تتم ملاحقته قانونيًا رغم توافر أدلة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي السياق ذاته، أكد زياد باتيل، المحامي المتخصص في القضايا الدولية في حديثه لـ"ميدل إيست آي" أن عملية الملاحقة القانونية تمر بتحديات كبيرة، حيث يتم تقديم الشكاوى إلى الشرطة المحلية، التي قد لا تكون مجهزة للتعامل مع هذا النوع من القضايا، قبل إحالتها إلى هيئة الادعاء الوطني التي تطلب بدورها المزيد من الأدلة من وكالة الصقور، ما يؤدي إلى تأخير البت فيها.
المخاوف داخل المجتمع الصهيوني المحلي
وأعربت جو بلون، المتحدثة باسم منظمة "اليهود الجنوب إفريقيون من أجل فلسطين حرة"، عن أن الجهود القانونية تثير قلق المجتمع الصهيوني المحلي، مضيفةً في حديثها مع "ميدل إيست آي" أن القانون يُستخدم بطرق ذات دوافع سياسية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
وقالت بلون: "الردود الدولية على قضية محكمة العدل الدولية، وجهود اللوبيات الصهيونية لتعطيلها، تعكس الخوف الكبير من المساءلة القانونية. في عالمنا الحالي، يمكن تحديد الجناة بسهولة، وهذا يغير طريقة استجابة الأفراد للجرائم، سواء من خلال الخوف من العقوبات القانونية أو من الوصم الاجتماعي".
وأضافت: "نحن نعيش في نظام قانوني تأسس على استغلال السود، وهناك شعور بالإفلات من العقاب لمن يرتكب الجرائم من البيض أو المؤيدين للصهيونية". وأكدت أن الضغط الشعبي بدأ يؤتي ثماره، حيث لم يعد المواطنون يقبلون سياسة "العمل كالمعتاد" عندما يتعلق الأمر بالجرائم الإسرائيلية.
وتُعد جنوب إفريقيا من أبرز الدول التي تعارض العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث رفعت قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، ما أدى إلى إصدار المحكمة إجراءات مؤقتة في 26 كانون الثاني/يناير، طالبت فيها إسرائيل بعدم عرقلة إيصال المساعدات وتحسين الوضع الإنساني في القطاع المحاصر.
