معركة الرسوم الجمركية: هل تنجح بكين في مواجهة ضغوط ترامب؟
31 يمشي 2025
مع اقتراب موعد 2 نيسان/أبريل، الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يوم التحرير" لإعلان رسوم جمركية جديدة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، تترقب بكين تطورات قد تدفع بالحرب التجارية مع واشنطن إلى مرحلة جديدة من التصعيد، مما قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية واسعة النطاق.
سيناريوهات متباينة: فك الارتباط أو التكيف؟
بينما تزداد التكهنات حول مستقبل العلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر عالميًا، تتباين السيناريوهات المحتملة. أحدها يتمثل في فك ارتباط فعلي بين الاقتصادين، ما سيؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية وخسائر كبيرة في كل من الصين والولايات المتحدة.
منذ الحرب التجارية الأولى في 2018، شهدت تكاليف الإنتاج في الصين ارتفاعًا ملحوظًا، حيث زادت الأجور بنسبة 2-5%، وارتفعت أسعار المواد الخام في بعض القطاعات، مما ضاعف من أعباء المصنعين
في المقابل، قد يكون هناك سيناريو آخر يتمثل في إعادة تشكيل العلاقة التجارية بشكل يسمح بالتعايش في إطار جديد أكثر استقرارًا.
يرى الخبراء أن المشهد الحالي يشكّل "منعطفًا حاسمًا"، إذ يقول، المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، سكوت كينيدي، لشبكة "سي أن أن": "قد تؤدي هذه الضغوط والمفاوضات إلى التراجع عن التهديدات واستعادة بعض الاستقرار، ولكن الأمور قد تسوء بشكل كبير أيضًا".
📌 وقع #دونالد_ترامب قرارًا ينص على فرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على #المكسيك و #كندا، بالإضافة إلى فرض رسوم مماثلة بنسبة 10 بالمئة على #الصين.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 3, 2025
📌 تعليقًا على قرار فرض الرسوم الجمركية، كتب ترامب متسائلًا عبر منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "هل سيكون هناك بعض… pic.twitter.com/wrxzy7Tuws
تأثير مباشر على الشركات الصينية
في مدينة دونغقوان الصينية، يواجه ريتشارد تشين، صاحب مصنع للزينة الاحتفالية، تحديات غير مسبوقة. انخفضت طلباته إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، مما جعله في وضع "البقاء على قيد الحياة". وأكد تشين لوكالة "رويترز" للأنباء، أن المصنعين لم يعد لديهم هامش للتخفيض في الأسعار، مما يجعل بعضهم يقبل بخسائر مالية للحفاظ على العملاء.
ومع تصاعد الضغوط، اضطرت المصانع إلى تغيير سياساتها المالية، حيث يطالب الموردون الصينيون الآن بالدفع مقدمًا بدلًا من الانتظار لمدة تصل إلى 90 يومًا بعد إرسال الفواتير، تفاديًا لتكرار أزمة 2018، حينما رفض بعض العملاء الأميركيين دفع تكاليف شحنات واجهت رسومًا جمركية مفاجئة.
هذه الجولة من الرسوم، التي تشمل زيادة بنسبة 10 % على واردات صينية بقيمة 400 مليار دولار، تعكس تصعيدًا جديدًا في الصراع الاقتصادي بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
مع فرض رسوم إضافية أخرى مقررة في نيسان/أبريل، يشعر المصنعون والموردون في الصين بوطأة الأزمة، في حين يجد المستوردون والتجار الأميركيون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، حيث ترتفع التكاليف وتتعقد سلاسل التوريد العالمية.
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن وثيقة سرية صادرة عن البنتاغون تعيد توجيه أولويات الدفاع الأميركي بشكل جذري، مع التركيز على ردع #الصين ومنعها من السيطرة على #تايوان، وتقليص الالتزامات العسكرية الأميركية في مناطق أخرى من العالم.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 30, 2025
تقرؤون المزيد في تقرير: https://t.co/zEEDhFvsBS pic.twitter.com/ass18ofb2d
استراتيجية الضغط المتبادل: بكين ترد بحذر
مع تصاعد التوترات، وجّهت الصين رسالة واضحة تدعو الولايات المتحدة إلى العودة إلى مسار الحوار والتعاون، لكنها في الوقت نفسه أكدت استعدادها "للمواجهة حتى النهاية"، سواء كانت حربًا تجارية أم اقتصادية.
وفيما تبدو مواقف ترامب متأرجحة بين فرض الرسوم والتلميح بتخفيفها في صفقات أخرى، مثل ملف "تيك توك"، فإن بكين لم تتوقف عن تجهيز أدواتها للرد. فبعد فرض الولايات المتحدة رسومًا إضافية بنسبة 10% على المنتجات الصينية، ردّت بكين بزيادة الرسوم على بعض الواردات الأميركية، وتشديد قوانين "مكافحة العقوبات" لمواجهة الضغوط الاقتصادية الخارجية.
يقول المحلل السياسي في شنغهاي، شن دينغلي: "بكين أدركت أن استراتيجيتها السابقة في التعامل مع ترامب لم تكن فعالة بالكامل، وهي الآن تتجه إلى خيارات أكثر استراتيجية في الرد والتفاوض".
التكاليف ترتفع والمنافسة تشتد
منذ الحرب التجارية الأولى في 2018، شهدت تكاليف الإنتاج في الصين ارتفاعًا ملحوظًا، حيث زادت الأجور بنسبة 2-5 %، وارتفعت أسعار المواد الخام في بعض القطاعات، مما ضاعف من أعباء المصنعين. ومع هذه المستجدات، لم يعد بالإمكان تقديم تخفيضات كبيرة في الأسعار للمشترين الأميركيين الذين يطالبون بتخفيضات تصل إلى 10%.
وفقًا لمسؤول تنفيذي في إحدى الشركات الأميركية التي تعتمد على التصنيع الصيني، فإن المفاوضات مع الموردين الصينيين أفضت إلى تخفيضات تتراوح بين 3% و7% في المتوسط، حيث لا تستطيع معظم الشركات تقديم مزيد من التخفيضات دون تعريض نفسها لخسائر مالية.
مصانع أميركية غير قادرة على التعويض
رغم أن الهدف المعلن للحرب التجارية هو إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، إلا أن الشركات الأميركية مثل "Citibin" المتخصصة في إنتاج صناديق القمامة، تجد نفسها عاجزة عن تحمل التكاليف الأميركية المرتفعة، مما يضطرها إلى نقل إنتاجها إلى دول أخرى مثل فيتنام بدلًا من العودة إلى التصنيع المحلي.
سيتخذ #ترامب من سياسة فرض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية نهجًا في التعامل مع #الصين، مما سيدفعها للقلق والرد بقوة الأمر الذي سيؤثر حتمًا في العلاقات بين الجانبين.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 7, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/Qo0jJEQ12l pic.twitter.com/Vr7MX8E4bC
وتؤكد الرئيسة التنفيذية للشركة، ليز بيكارازي، أن الرسوم الجمركية ارتفعت على منتجاتها من 7.5% إلى 52.5%، مما يجعل استمرار التصنيع في الصين غير ممكن. وأشارت إلى أن نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة لم يكن خيارًا مجديًا نظرًا لارتفاع التكاليف وصعوبة تحقيق نفس مستويات الجودة التي توفرها المصانع الصينية.
التداعيات على سوق العمل الصيني
مع تصاعد الحرب التجارية، يخشى الاقتصاديون من أن تؤدي التعريفات الجديدة إلى خسارة ملايين الوظائف في الصين، كما حدث في 2018 عندما فقد القطاع الصناعي الصيني 3.5 مليون وظيفة وفقًا لتقديرات "رويترز".
ويحذر الخبراء من أن المصانع الصينية تواجه هذه المرة تحديات أعمق، حيث تعاني الحكومات المحلية من أزمات ديون خانقة، مما يجعلها غير قادرة على تقديم الدعم المالي كما فعلت سابقًا. وبحسب البروفيسور في جامعة موناش، هي-لينغ شي، فإن هذه الأزمة ستدفع العديد من المصانع إلى الإغلاق، في ظل غياب الدعم الحكومي.
مخاوف من انهيار الصادرات والاستثمارات
في الأسواق المالية، انعكست هذه التوترات سريعًا، إذ تراجعت الأسهم الآسيوية مع تأثر البورصات اليابانية والكورية الجنوبية، خاصة مع تهديدات ترامب بفرض رسوم جديدة على قطاع السيارات.
ويتوقع الخبراء أن تصل الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية إلى 60 % بحلول الصيف، مما سيؤدي إلى انخفاض كبير في الصادرات الصينية إلى السوق الأميركي. يقول المستشار في مجموعة "آسيا" في واشنطن، كورت تونغ: "إذا استمرت الزيادات الجمركية بهذا الشكل، فسوف نشهد تراجعًا دراماتيكيًا في الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة".
هل يمكن للصين تعويض الخسائر؟
تروج الحكومة الصينية لفكرة أن المصنعين يمكنهم التوجه نحو أسواق بديلة مثل السوق المحلي الذي يبلغ عدد مستهلكيه 1.4 مليار شخص، أو التوسع في أسواق أخرى خارج الولايات المتحدة. لكن في ظل الركود المحلي وزيادة الطاقة الإنتاجية، يبدو هذا الخيار غير سهل التنفيذ.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن الصين قد تلجأ إلى تقديم إعفاءات ضريبية أو دعم غير مباشر لبعض القطاعات للحفاظ على القدرة التنافسية لصادراتها، لكن قدرة الحكومة على التدخل هذه المرة تبدو محدودة مقارنة بجولات النزاع السابقة.
ترامب وقّع أمرًا تنفيذيًا جديدًا يقضي برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية بنسبة تتراوح بين 10% و20%.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 4, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/VecobXM92k pic.twitter.com/tYNAtAFhMT
من الخاسر الأكبر؟
في الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب إلى استخدام التعريفات كوسيلة ضغط اقتصادي، يظهر أن المستهلكين الأميركيين والشركات الصينية على حد سواء يتحملون التكلفة الأكبر لهذه السياسات.
بالنسبة للصين، فإن هذه الضغوط قد تؤدي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز الإنتاج المحلي، لكنها في الوقت نفسه تشكل تهديدًا حقيقيًا لآلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة. أما في الولايات المتحدة، فإن ارتفاع الأسعار ونقل الإنتاج إلى دول أخرى سيؤدي إلى تحديات إضافية للشركات والمستهلكين.
هل يتحقق اتفاق؟
على الرغم من التصعيد، يدرك الطرفان أن التوصل إلى اتفاق يصب في مصلحتهما. ولكن العقبات أمام التفاوض لا تزال قائمة، إذ تضع إدارة ترامب شروطًا صارمة، مثل وقف تدفق مكونات "الفنتانيل" إلى الولايات المتحدة، بينما تطالب بكين باتفاق شامل يراعي مصالحها الاستراتيجية.
وبينما يستمر ترامب في استخدام الضغوط القصوى لدفع بكين إلى تقديم تنازلات، فإن الصين ترفض سياسة "الإملاءات"، مؤكدة أنها لن تقدم تنازلات أحادية الجانب.