مع اقتراب تنصيب ترامب.. هل تستطيع أوكرانيا الصمود أمام الضغط العسكري الروسي؟
5 يناير 2025
تكشف المعطيات الميدانية حول الحرب الروسية الأوكرانية أنّ القوات الروسية تتقدّم في أوكرانيا بأسرع وتيرة لها، وذلك منذ الأيام الأولى للغزو، ويحدث ذلك التقدّم باستخدام موسكو أكبر ميزة تتمتع بها في هذه الحرب، وهي القوى العاملة (الأعداد الكبيرة من القوات).
ويدفع هذا التقدم الجنود الأوكرانيين في الخطوط الأمامية إلى ترقب ودعم دعوة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لبدء المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب، وذلك بحسب "واشنطن بوست" التي استطلعت آراء العديد من الجنود الأوكرانيين.
وقال أفراد من الجيش الأوكراني العاملين في الميدان "إن نقص الأسلحة لا يزال قائمًا"، لكن ما يشكّل الفارق ميدنيًا، حسب الجنود، هو "تزايد هجمات القوات العاملة الروسية، بفعل الإمداد البشري المتواصل، حيث نجحت تلك القوات في استغلال نقاط الضعف المتزايدة في دفاعات أوكرانيا".
أكبر ميزة تتمتع بها موسكو في الحرب الحالية هي القوى العاملة ذات العدد الكبير التي تفتقر إليها، في المقابل، أوكرانيا
وقال الجنود الأوكرانيون الذين تحدثوا لـ"واشنطن بوست" ـ وهم من ستة ألوية مختلفة تقاتل في شرق أوكرانيا ـ "إن الخسائر الروسية مرتفعة للغاية، لكن الهجمات المتكررة المدعومة بالقصف العنيف من المدفعية والطائرات بدون طيار تستمر في التزايد، مما يدفع الأوكرانيين إلى التراجع وترك المزيد من القرى الصغيرة تقع في أيدي الروس، حيث تقدمت القوات الروسية على بعد ميلين من بلدة بوكروفسك الشرقية، الأمر الذي يعرض طرق الإمداد والإمدادات الرئيسية التي تمر عبر المنطقة للخطر".
"إن قتل روسي واحد يعني ظهور اثنين في مكانه، الأمر الذي يُشعرنا أن هناك عددًا غير محدود منهم"، هكذا قال فالنتين، وهو جندي مشاة في اللواء البحري الخامس والثلاثين في أوكرانيا. ومثلُ هذه العبارات تكررت في أحاديث آخرين أجرت معهم الصحيفة الأميركية مقابلات، شريطة عدم تحديد هوياتهم الكاملة، والاقتصار فقط على اسم النداء الأول وفقًا للقواعد التي وضعها الجيش الأوكراني.
في مقابل الكثرة العددية للروس أصبحت صفوف الجنود الأوكرانيين أكثر استنزافًا وأقل تجهيزًا لصد الهجوم الروسي. ويصف أولئك الموجودون في الميدان الإرهاق وانخفاض الروح المعنوية.
وحتى الجنود الذين قالوا "إنهم يؤمنون بالقتال حتى يتم دفع آخر المحتلين الروس بعيدًا عن جميع أراضي أوكرانيا" عبّروا عن دعمهم بشكل متزايد "دعوة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لبدء المفاوضات لإنهاء الحرب".
وقد جاء هذا التحول في الموقف، حسب "واشنطن بوست"، في الوقت الذي قال فيه الجنود الأوكرانيون "إنهم يشعرون بالإحباط من حكومتهم في كييف، منتقدين ما كان حملةَ تعبئةٍ بطيئة وغير متماسكة"، كما قال كثيرون أيضًا "إنهم اضطروا إلى استثمار أموالهم الخاصة أو اعتمدوا على متطوعين مدنيين للحصول على معدّات مثل الطائرات بدون طيار والمركبات التي يقودونها بالقرب من مواقع الخطوط الأمامية لأنهم لا يستطيعون الاعتماد على الحكومة للحصول على المعدات الأساسية".
وكان برلمان أوكرانيا، قد اعتمد في العام الماضي تدابير تعبئة جديدة خفّضت الحد الأدنى لسن التجنيد في أوكرانيا إلى 25 عامًا. لكن أفراد الجيش، الذين تحدثوا لواشنطن بوست، قالوا "إن حملة التجنيد جاءت متأخرة للغاية، فقد كانت الوحدات تعاني بالفعل من نقص حاد استمر لأشهر في ظل عدم وجود بدائل"، كما قال الجنود "إن هناك المزيد من الهاربين أيضًا، لأن الناس لم يعودوا متطوعين للقتال ولكنهم مجبرون على ذلك".
وتنقل الصحيفة عن أوليكساندر، وهو جندي مشاة يبلغ من العمر 27 عامًا في اللواء 35، قوله: "عندما التحقت بالجيش للتو، كان الوضع سيئًا. لكن الآن، بالنسبة لشخص جديد، أصبح الوضع سيئًا للغاية لدرجة أنني لا أحكم على أي شخص يفر".
تعهّد ترامب بإنهاء حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من دخوله البيت الأبيض وتنصيبه رئيسًا
تجدر الإشارة إلى أنّ قائد الجيش الأوكراني السابق فاليري زالوزني دعا إلى تعبئة 500 ألف شخص في عام 2024، لكنّ الرئيس فولوديمير زيلينسكي "رفض هذا الرقم باعتباره مرتفعًا للغاية"، كما رفض زيلينسكي أيضًا "اقتراحات من البيت الأبيض بخفض سن التجنيد إلى 18 عامًا"، حسب الصحيفة الأميركية.
ويقدر المسؤولون الأوكرانيون والغربيون أن كييف جندت في النهاية حوالي 200 ألف مجند، ويرى نائب قائد الكتيبة التي تقاتل بالقرب من بوكروفسك، ويدعى تاراس أن "هذا الرقم ليس كافيًا، بالنظر إلى الخسائر المتواصلة وعدم القدرة على تعويضها".
كما قال بعض الجنود، في حديثهم لـ"واشنطن بوست"، إنهم "تقبلوا أيضًا حقيقةً مفادها أن دعم الأسلحة الغربي آخذٌ في الانحدار ومن المرجح أن يستمر في ذلك". ويرى الجنود أنه بدون تدفق هذه المساعدات "تفتقر أوكرانيا إلى الموارد العسكرية اللازمة لصد الروس. وتحتفظ روسيا بميزة المدفعية وتستخدم الآن طائرات بدون طيار جديدة مدمرة ذاتيًا تطير باستخدام كابلات الألياف الضوئية، مما يجعلها مميتة بشكل خاص؛ فهي غير معرضة للتشويش الإلكتروني إلى حد كبير، حيث يتم التحكم فيها من خلال ملفات رفيعة طويلة، وليس موجات الراديو".
يشار إلى أن روسيا تحتل أكثر من 20 في المائة من أوكرانيا، وهي مساحة كبيرة من الأراضي تمتد من الشمال الشرقي إلى شبه جزيرة القرم على البحر الأسود في الجنوب.
ويخشى العديد من العسكريين الأوكرانيين أن يواصل الروس دفع خط المواجهة غربًا، نحو مدينة دنيبرو الكبرى، التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليون شخص.
وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن الجنود الأوكرانيين الذين أجرت معهم مقابلات كانوا متشككين في غالبيتهم في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيوافق على وقف إطلاق النار، بينما يبدو أن قواته لديها المبادرة، ويخشون أن يضطر زيلينسكي إلى تقديم تنازلات مؤلمة. فيما أعرب آخرون عن قلقهم من أنه حتى لو توقف القتال هذا العام، فقد تهاجم روسيا مرةً أخرى الأراضي الأوكرانية في المستقبل.