من أكثر المدن السورية استهدافًا.. لماذا تركز الغارات الإسرائيلية على القصير؟
16 نوفمبر 2024
تشهد الأراضي السورية تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق منذ توسّع العدوان على لبنان في 23 أيلول/سبتمبر الماضي، حيثُ ركّزت الغارات الإسرائيلية على استهداف المعابر الحدودية التي تربط سوريا مع لبنان في ريف حمص، وسط سوريا، بما في ذلك مدينة القصير، بالإضافة إلى توسيع بنك أهدافها ليشمل أحياء مختلفة في منطقة المزة المكتظة بالسكان، والتي كانت تُعتبر من المناطق الآمنة نسبيًا، نظرًا لما يُعرف عن وجود مربعات أمنية يقطنها مسؤولين وشخصيات سياسية.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد وثق شن جيش الاحتلال الإسرائيلي 150 غارة جوية استهدفت مختلف الأراضي السورية منذ بداية العام الجاري، من ضمنها 53 غارة استهدفت العاصمة السورية دمشق، فيما كان نصيب مدينة حمص منها 49 غارة، ما يجعلها ثاني أكثر المدن تعرضًا للغارات الإسرائيلية، بعد العاصمة السورية ومحيطها.
كما شنت إسرائيل في وقت سابق من الأسبوع غارة جوية استهدفت عبر صواريخ خارقة للتحصينات مواقع عسكرية ومقار ومستودعات للأسلحة في مدينة سراقب وريفها في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وهذه المرة الأولى التي يشن فيها جيش الاحتلال غارة جوية على إحدى مدن محافظة إدلب، وتُعد سراقب من المدن المحاذية لخطوط التماس بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة، بحسب ما أفاد موقع "العربي الجديد" حينها.
شن جيش الاحتلال 16 غارة جوية على سوريا منذ تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، من ضمنها تسعة غارات استهدفت مدينة القصير، جنوبي حمص وسط سوريا
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن جيش الاحتلال شن 16 غارة جوية منذ بداية تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، كان من بينها تسعة غارات استهدفت محافظة حمص لوحدها، وتركّزت في مدينة القصير، بالإضافة إلى منطقة شنشار بين ضاحية المجد وشمسين، معبر جوسيه – القاع، وكذلك معبر جرماش، وتشير الخارطة إلى أن جميع الغارات استهدفت جنوب غربي حمص.
ونقل "العربي الجديد" عن مصادر قولها إن جيش الاحتلال استهدف خلال الأيام الماضية حاجز الضبعة وجسر الدف ومنطقة الطريق الترابي بريف حمص الواصل إلى شنشار قرب فوج الصواريخ، بالإضافة إلى استهداف جسر القصير وجسر الدف وجسر شنشار وجسر العدرا (العاصي) في ربلة، وكذلك جسر عرجون وجسر بيت خضر وجسر الجوبانية، وحاجز وجه الحجر بالقرب من حاجز جسر الجوبانية، وحاجز الخشب غربي حاجز المشتل، وجميع هذه الجسور تقع في ريف مدينة القصير قرب الحدود السورية اللبنانية.
وكان حزب الله قد سيطر على القصير بالاشتراك مع النظام السوري بعد معارك عنيفة خاضها ضد فصائل المعارضة السورية المسلحة في عام 2013، ويتبع لهذه المدينة 80 قرية وبلدة، ويربطها حدوديًا معبر جوسيه مع معبر القاع في محافظة بعلبك – الهرمل شرقي لبنان. ويتواجد في المنطقة إلى جانب حزب الله، فرق عسكرية وأمنية تتبع للنظام السوري.
في قراءته للتصعيد الإسرائيلي في القصير، يرى الباحث والمحلل السياسي، مصطفى بكور، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن منطقة القصير "تعتبر مع مطار الضبعة القريب منها قاعدة تمركز وانطلاق وإمداد بالاتجاهين لحزب الله وباتجاه المناطق السورية الأخرى"، مضيفًا أن "جبال القصير تضم معامل وورشات لتصنيع وتجميع الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، لذلك توجّه إسرائيل ضربات مركزة ومتتالية على منطقة القصير بهدف تدمير ما أمكن من هذه المصانع والورشات وقطع خطوط الإمداد ونقل الأسلحة والذخائر".
📸 ألبوم | النظام السوري يضع عينه على أموال صندوق التعافي المبكّر لتجاوز العقوبات الدولية. pic.twitter.com/9zsYtfxF14
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 14, 2024
ولفت بكور في حديثه إلى أن "المنطقة تلقت الكثير من الضربات الإسرائيلية العنيفة التي أدت إلى إضعاف قدرة الحزب على الحركة فيها"، لكنه في مقابل يشير إلى أنه "من المبكر الحديث عن عزل المنطقة والقضاء على وجود الحزب فيها"، مرجعًا ذلك إلى أنه لا يزال يوجد في المنطقة "مواقع عسكرية لجيش النظام السوري التي ترفع رايات نظام بشار الأسد، ويرتدي عناصره لباس قوات الأسد ويتحركون بآليات تشبه آليات جيش النظام السوري، وبالتالي، ما زال الحزب قادرًا على المناورة لكن بحرية أقل من قبل".
من جانبه، يوضح المحلل السياسي، رائد المصري، أن "هدف إسرائيل الرئيسي هو المعابر بين لبنان وسوريا"، معتبرًا أن "ضرب معبر جوسيه وبعض المناطق التي تربط لبنان مع سوريا عبر منطقة الهرمل، وإخراجها عن الخدمة قد يحقق هذا الهدف، لا سيما أن إسرائيل تدرك أن خط الإمداد الرئيسي لحزب الله في سوريا يمر عبر منطقة القصير".
ويبيّن المصري في حديثه أن إسرائيل تدرك أيضًا "حجم النفوذ الذي يملكه الحزب في القصير إلى جانب النظام، بعد أن خاض الكثير من المعارك للسيطرة على المنطقة والحفاظ عليها، بالتالي فإن المنطقة تعتبر نقطة لتجميع خطوط إمداد حزب الله إلى لبنان، وإسرائيل تعرف ذلك جيدًا"، وهو ما يجعله يخلص إلى أن "كل الضربات تهدف إلى عزل القصير ليس عن محيطها السوري فحسب، إنما عن أي منفذ بري رسمي وغير رسمي مع لبنان".