من البعوض إلى عقيدة الضاحية.. بروتوكولات جيش الاحتلال لإبادة غزة
28 أكتوبر 2024
يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أسماء بروتوكولات عسكرية عديدة في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 42.924 فلسطينيًا وفلسطينية، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 100.833 آخر، وفقًا لتقرير أعدته وكالة "الأناضول" التركية.
وعلى الرغم من تنوّع أسماء البروتوكولات التي استخدمها جيش الاحتلال في مختلف أنحاء القطاع منذ أكثر من عام، فإن جميعها ركّزت على استهداف منازل السكان المدنيين ومراكز الإيواء المكتظة بالنازحين، بالإضافة إلى القطاعات الصحية ودور العبادة، وسط انتهاكات متكررة للقوانين الدولية، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي يشهدها العصر الحديث.
بروتوكول البعوض
رغم حظر القانون الدولي استخدام المدنيين كدروع بشرية أو إجبارهم على المشاركة في الحروب، فإن جيش الاحتلال استخدم المدنيين الفلسطينيين الذين اعتقلهم في غزة كدروع بشرية لدخول أماكن "يُحتمل أن تكون مفخخة".
يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أسماء بروتوكولات عسكرية عديدة في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023
واعترف جندي إسرائيلي، في حديث لشبكة "CNN" الأميركية،باستخدام الجيش "بروتوكول البعوض" في القطاع، وقال إنه "يعد ممارسة شائعة بين القوات الإسرائيلية في غزة"، موضحًا أنه أثناء خدمته العسكرية "أحضر ضابط إسرائيلي كبير فلسطينيين محتجزين عمرهما 16 و20 عامًا، وطلب من الجنود استخدامهما كدروع بشرية قبل دخول المباني".
وأكد الفلسطينيان، محمد شبير (16 عامًا)، ومحمد سعد (20 عامًا)، وهما المحتجزان اللذان استخدمهما الجنود كدروع بشرية، ما جاء على لسان الجندي الإسرائيلي. ولم تكن هذه المرة الأولى التي توثق فيها وسائل الإعلام استخدام "بروتوكول البعوض" في غزة.
فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن جنود ومسؤولين إسرائيليين أن جيش الاحتلال استخدم فلسطينيين كدروع بشرية، مؤكدةً أن "ما لا يقل عن 11 فريقًا مكوّنًا من جنود وعناصر مخابرات إسرائيليين استخدموا فلسطينيين كدروع بشرية في خمس مدن بقطاع غزة".
ووصفت الولايات المتحدة الوقائع الواردة في تقرير الصحيفة، "إن كانت صحيحة"، بأنها "مزعجة للغاية وغير مقبولة على الإطلاق"، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الذي تدعم بلاده حرب الإبادة في غزة، إن واشنطن ترى أن تحقيق السلطات الإسرائيلية في هذه الادعاءات "مناسب تمامًا".
بروتوكول الدبور
شمل استخدام المدنيين كدروع بشرية أيضًا "أفرادًا أو معتقلين" فلسطينيين نقلهم جيش الاحتلال إلى داخل غزة لإجبارهم على أداء مهام خطيرة لا يمكن للعسكريين تنفيذها، ويُطلق على هذه العمليات اسم "بروتوكول الدبور". وبحسب وسائل إعلام أميركية، بينها "نيويورك تايمز" في 16 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، فإن "بروتوكول الدبور" يشير غالبًا إلى أسرى فلسطينيين جلبهم ضباط المخابرات الإسرائيلية إلى غزة من داخل إسرائيل لأداء مهام قصيرة ومحددة.
وعقب يومين من صدور تقرير الصحيفة، حذّر رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين، قدورة فارس، من الخطر المحدق بحياة آلاف المعتقلين في سجون الاحتلال، إذ إنهم معرضون للموت بسبب انتهاكات عديدة بحقهم. واتهم جيش الاحتلال بـ"استخدام أسرى فلسطينيين كدروع بشرية تمهيدًا لقتلهم حتى تدفن قصصهم معهم"، واصفًا هذا الانتهاك بأنه "عمل غير أخلاقي من الدرجة الأولى".
ورغم توثيق استخدام الاحتلال الإسرائيلي بروتوكولي "البعوض" و"الدبور" خلال حرب الإبادة في غزة، فإن المسؤولين الإسرائيليين ينفون صحة التقارير عن استخدامهما، ويعتبرونها "ادعاءات كاذبة" و"حالات فردية لا تمثل الجيش".
عقيدة الضاحية
ولتعزيز الإبادة الجماعية والتدمير على نطاق واسع، يستخدم جيش الاحتلال في غزة بروتوكولًا عسكريًا إضافيًا هو "عقيدة الضاحية"، ويعني هذا البروتوكول استخدام القوة المفرطة وقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية للضغط على مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية لتغيير موازين الحرب.
وسائل الإعلام الأميركية والغربية تعتمد خطاب جيش الاحتلال ودعايته في كل مرة ترد فيها أنباء من جنوب بيروت.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 27, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/2Q2Z7jVFLW pic.twitter.com/79OkJRuvH3
وطبق جيش الاحتلال هذا البروتوكول للمرة الأولى خلال الحرب على لبنان في تموز/يوليو 2006، واشتق اسمه من الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله" في العاصمة اللبنانية، ثم أصبح يستخدمه في حروبه اللاحقة بغزة والضفة الغربية.
وحتى منتصف 2024، قُدّر دمار البنية الحضرية والمساكن في محافظة غزة بنسبة 80 بالمئة والبنية التحتية 90 بالمئة، فيما قُدّر دمار البنية الحضرية والمساكن بمحافظة شمال غزة بنسبة 95 بالمئة والبنية التحتية 100 بالمئة، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
الحزام الناري
بموازاة بروتوكول "عقيدة الضاحية"، الذي يزعم جيش الاحتلال أنه "تكتيك مشروع يساعده في ردع هجمات مستقبلية"، استخدم الجيش بروتوكولًا شبيه الأثر يشتهر في الإعلام بـ"الحزام الناري".
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، يُعرف منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي "الحزام الناري" بأنه "غارات متزامنة مكثفة وقوية على أهداف عدة بالمنطقة نفسها لتضييق الخناق على الطرف المعادي والحد من قدرته على الرد"، مشيرةً إلى أن جيش الاحتلال يستخدم هذا البروتوكول ضد المقاتلين والتجهيزات العسكرية والمباني الاستراتيجية، لتمهيد الطريق أمام قواته البرية أو كوسيلة تضليل لتشتيت الانتباه.
وأكدت تقارير أن جيش الاحتلال يتبع الأسلوب نفسه لأكثر من عام في مناطق عدة بقطاع غزة، وأحدثها ما أعلنه المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، في 20 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، الذي قال في بيان: "قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت بحزام ناري مربعًا سكنيًا في مشروع بيت لاهيا، مما أسفر عن 73 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين".
بروتوكول هانيبال
شملت بروتوكولات جيش الاحتلال في حرب الإبادة على غزة أيضًا استهداف مقاتلي الفصائل الفلسطينية بالأسلحة الثقيلة، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل محتجزين إسرائيليين، وهو ما يُعرف باسم "بروتوكول هانيبال"، الذي جرى اعتماده رسميًا عام 2006، قبل أن يعود للواجهة بعد احتجاز فصائل المقاومة الفلسطينية عشرات الإسرائيليين، بينهم عسكريون برتب رفيعة، خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
⚠️
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 25, 2024
تحويل الفلسطينيين إلى دروع بشرية.. ما القصة؟
🚨اعترف جندي إسرائيلي بأن جيش الاحتلال أجبر الفلسطينيين على دخول المنازل والأنفاق التي يُحتمل أن تكون مفخخة في غزة، وذلك بهدف تجنب تعريض جنود الاحتلال للخطر، فيما أكد صحة هذه الرواية خمسة فلسطينيين، قالوا إنهم تعرضوا لهذه الممارسة… pic.twitter.com/5XM8mrfFqM
وقال الصحفي الأميركي، ماكس بلومنثال، لوكالة "الأناضول": "لم يتطرق الإعلام الغربي لأوامر إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بقتل مواطنيها وجنودها الذين احتُجزوا رهائن، والمعروفة ببروتوكول هانيبال".
واتهم تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، في 12 حزيران/يونيو الماضي، جيش الاحتلال باستخدام "بروتوكول هانيبال" مرات عدة في غزة، لافتًا إلى أن وقائع "استخدام بروتوكول هانيبال" في موقع احتفال "نوفا" بمحاذاة غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تشير إلى "إطلاق مروحيات تابعة لإسرائيل النار على سيارات مدنية، مما أدى إلى مقتل إسرائيليين".
وفي اليوم نفسه، قصفت دبابة إسرائيلية منزل مستوطن في مستوطنة "بئيري" بمحاذاة غزة، مما أدى إلى مقتل إسرائيليين، وفق تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية نُشر في الثامن من كانون الثاني/يناير الماضي. كما كشفت تقارير إعلامية عبرية أيضًا أن الجيش "أطلق قذيفة دبابة على منزل عائلة إسرائيلية، أثناء احتجازها من قبل مسلحين فلسطينيين، يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مما أدى إلى مقتل المسلحين و12 إسرائيليًا".