من المهاجرين إلى غزة.. مظاهرات في عموم الولايات المتحدة رفضًا لسياسات ترامب
20 ابريل 2025
تظاهر آلاف الأميركيين، في واشنطن وعدة مدن أخرى في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، للتعبير عن معارضتهم لسياسات الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بترحيل المهاجرين، وفصْل الموظفين الحكوميين، والتضييق على الجامعات والحريات، وحرب الإبادة الجماعية في غزة، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، معتبرين أنّ ترامب بسياساته وإجراءاته الأخيرة يهدد "الأسس التي قامت عليها الديمقراطية الأميركية".
وعُرفت هذه المظاهرات باسم "50501"، أي "50 احتجاجًا، 50 ولاية، حركة واحدة". وتزامنت هذه الاحتجاجات مع الذكرى الـ250 لبدء حرب الاستقلال، أو ما تسمى أميركيًا بـ"الحرب الثورية الأميركية" التي بدأت في 19 نيسان/أبريل 1775. ولم يكن هذا التزامن من قبيل الصدفة، وإنما كان مقصودًا للإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى عملية تحرير ثانية، لكن هذه المرة ليس من الاستعمار البريطاني، وإنما من "عدوٍّ داخلي" يهدد الأسس والمُثل التي قامت عليها.
وانطلقت المظاهرات الشعبية من أمام البيت الأبيض ومعارض سيارات تسلا، وفي مراكز العديد من المدن، للتعبير عن مظالم متنوعة داخليًا وخارجيًا، وقد أحصت شبكة "سي إن إن" تنظيم أكثر من 80 احتجاجًا في عواصم الولايات.
تشهد شعبية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تراجعًا تدريجيًا منذ تنصيبه كانون الثاني/يناير الفائت
وتحت عنوان "ارفعوا أيديكم"، انتشرت مظاهرات داخل أميركا وحول العالم، مطلع نيسان/أبريل الجاري، ضدّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفه الملياردير إيلون ماسك، الذي يقود إدارة الكفاءة الحكومية المسؤولة عن فصل آلاف الموظفين، وتصفية العديد من المؤسسات، بما فيها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تقدّم مساعدات بالمليارات حول العالم في مناطق الحروب والكوارث والأزمات الاقتصادية، مشكلةً بذلك ركيزة أساسية في القوة الناعمة الأميركية.
وتعدّ الموجة الحالية من الاحتجاجات الأكبر زخمًا ضدّ ترامب منذ توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير الفائت. ففي فعاليات مظاهرات "ارفعوا أيديكم"، لوحدها، تم تنظيم أكثر من 1400 احتجاج جماهيري في المباني الفيدرالية، ومكاتب الكونغرس، ومقرات الضمان الاجتماعي، والحدائق. وكان للمتظاهرين ثلاث مطالب، هي: "وضع حد لسيطرة المليارديرات والفساد المنتشر في إدارة ترامب، ووقف تقليص التمويل الفيدرالي لبرنامجي Medicaid والضمان الاجتماعي والبرامج الأخرى التي يعتمد عليها العمّال، ووقف الهجمات على المهاجرين وغيرهم من الفئات".
مظاهرات أمام البيت الأبيض
حمل المتظاهرون خارج البيت الأبيض لافتات كُتب على بعضها أنّ "العمال يجب أن يمتلكوا السلطة"، و"لا للملوك: في إشارة إلى ذكرى انطلاق ثورة البلاد ضد الحكم البريطاني"، و"أوقفوا تسليح إسرائيل"، و"الكراهية لم تصنع أمة عظيمة قط".
كما هتف بعض المتظاهرين بشعارات داعمة للمهاجرين الذين رحّلتهم إدارة ترامب أو الذين تحاول ترحيلهم، معربين عن تضامنهم مع الأشخاص الذين فصلتهم الحكومة الفيدرالية من وظائفهم، ومع الجامعات التي يهدد ترامب بوقف تمويلها.
ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد المتظاهرين في تجمعٍ حاشد في ساحة لافاييت بالقرب من البيت الأبيض: "بينما يواصل ترامب وإدارته استخدام آلة الترحيل الأميركية، سنعمل نحن على إنشاء شبكات وتطوير أنظمة مقاومة للدفاع عن جيراننا".
وتُظهر الصور القادمة من المشهد أمام البيت الأبيض تلويح متظاهرين آخرين بالأعلام الفلسطينية وهم يرتدون الكوفية، مرددين هتافات "فلسطين حرة"، مبدين بذلك تضامنًا مع الفلسطينيين الذين استشهدوا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. كما حمل بعض المتظاهرين شعاراتٍ تُعبّر عن دعمهم لأوكرانيا، وتحثّ واشنطن على أن تكون أكثر حزمًا في التصدي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت سارة باركر، وهي إحدى المنسقات الوطنيات لمجموعة 50501، في تصريح لشبكة CNN "نبعث رسالة واضحة وعاجلة إلى البلاد وإلى من هم في السلطة: الشعب يقظ، ونحن نحشد، ولن نقبل التجاوزات الاستبدادية، أو السياسات الفاشية، أو إهدار حقوقنا بموجب الدستور"، وأضافت أن "استمرار الإدارة في استهداف المجتمعات المهمشة، وتجريم المعارضة، وتآكل الحريات المدنية، يتطلب ردًا وهذا ردنا".
لا للتسريح والقمع
منذ تنصيبه في كانون الثاني/يناير الماضي، هدّد ترامب وحليفه الملياردير، إيلون ماسك، الحكومة الفيدرالية بتسريح أكثر من 200 ألف عامل. وبالفعل، يسعى الرجلان، منذ تنصيب ترامب، إلى تفكيك وكالات مختلفة. وفي الأثناء، اعتقلت إدارة ترامب عشرات الطلاب الأجانب، وهدّدت بوقف التمويل الفيدرالي للجامعات بسبب برامج التنوع والمساواة والشمول، ومبادرات المناخ، والاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. وقد أدانت جماعات حقوق الإنسان هذه السياسات.
سياسات ترامب وإجراءاته الأخيرة تهدد "الأسس التي قامت عليها الديمقراطية الأميركية" حسب المتظاهرين
ويرى توماس باسفورد الذي يشارك في الاحتجاجات مع زوجته وأبنائه في مدينة بوسطن أنّ "الفترة الحالية حرجة للغاية بالنسبة للحرية"، مضيفًا في حديثه لوكالة "أسوشيتد برس": "أردت أن يتعلم الأولاد شيئًا عن أصول هذا البلد، وأننا أحيانًا نضطر إلى النضال من أجل الحرية".
شعبية ترامب في تراجع
يبدو أن شعبية ترامب تتراجع تدريجيًا، لا سيما فيما يتعلق باختياراته الاقتصادية. فعندما تولى ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير، كانت نسبة تأييده 47%، وفقًا لـ"مؤسسة غالوب"، وقد انخفضت تلك النسبة، حسب أحدث استطلاع أجرته "غالوب" إلى 45%، وهي نسبة أعلى من نسبة 41% التي وافقت على أداء ترامب خلال الفترة نفسها في إدارته الأولى. لكنها، مع ذلك، أقل من متوسط نسبة التأييد في الربع الأول من العام، والبالغة 60%، لجميع الرؤساء المنتخبين بين عامي 1952 و2020.
كما انخفضت نسبة تأييد ترامب في استطلاع حديث أجرته "رويترز/إبسوس" إلى 43% من 47% يوم التنصيب. وفي الاستطلاع نفسه، لم يُوافق سوى 37% على أدائه الاقتصادي، مقارنةً بـ42% خلال حفل تنصيبه.