من خطاب الكراهية إلى قفص العدالة: سقوط رمزي لليميني المتطرف تومي روبنسون
16 ابريل 2025
عادت قضية الناشط اليميني المتطرف المعادي للإسلام، ستيفن ياكسلي-لينون، المعروف باسم تومي روبنسون، إلى واجهة النقاش القضائي والسياسي في بريطانيا، بعد أن رفضت محكمة الاستئناف في لندن، اليوم الأربعاء، الطعن الذي قدّمه ضد حكم بالسجن مدته 18 شهرًا، صدر بحقه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بعد إدانته بازدراء المحكمة.
محكمة الاستئناف تؤكد عدالة الحكم
في قرارها الصادر اليوم، أكدت محكمة الاستئناف، المؤلفة من ثلاثة قضاة، أن الحكم السابق كان سليمًا، ووصفت تطبيق القاضي للقانون بـ"الدقيق"، مشيرة إلى أن العقوبة تعكس خطورة الأفعال التي أقدم عليها روبنسون، خاصة بالنظر إلى تجاهله المتعمد لأمر المحكمة، وتأثير تصريحاته على الرأي العام وسلامة الأفراد.
تعود جذور القضية إلى حملة التشهير التي شنّها روبنسون عام 2018 ضد اللاجئ السوري القاصر جمال حجازي، والذي كان حينها طالبًا في إحدى المدارس البريطانية
كما أبلغت المحكمة الناشط المدان، تومي روبنسون، بأنه قد يستفيد من تخفيض مدته أربعة أشهر من مدة سجنه، شريطة أن يقوم بإزالة الادعاءات المسيئة التي تسببت في إدانته بازدراء المحكمة، من جميع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.
جذور القضية: اتهامات ضد لاجئ سوري
تعود جذور القضية إلى حملة التشهير التي شنّها روبنسون عام 2018 ضد اللاجئ السوري القاصر جمال حجازي، والذي كان حينها طالبًا في إحدى المدارس البريطانية. اتهمه الناشط اليميني المتطرف زورًا بالضلوع في أعمال عنف، وهو ما ثبت لاحقًا أنه ادعاء كاذب، ما دفع جمال حجازي إلى رفع دعوى قضائية بتهمة التشهير، كسبها لاحقًا، وحصل على تعويضات مالية.
ورغم صدور أمر قضائي واضح يمنع روبنسون من تكرار تلك المزاعم، إلا أنه عاد إلى نشرها مجددًا في سلسلة مقابلات مصورة وفيلم وثائقي مثير للجدل حمل عنوان "Silenced"، تم بثه عبر منصات رقمية وحاز على ملايين المشاهدات، كما عُرض علنًا في ميدان ترافالغار بلندن في تموز/يوليو 2024.
نتيجة لهذا الانتهاك الواضح لحكم المحكمة، بادر النائب العام البريطاني إلى ملاحقته قضائيًا بتهمة ازدراء المحكمة، وهي التهمة التي اعترف بها روبنسون لاحقًا أثناء المحاكمة.
#فيديو | من هو تومي روبنسون محرك أحداث الشغب في #بريطانيا؟ pic.twitter.com/H7onMRGv11
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) August 10, 2024
البعد القانوني: تحدي سلطة القضاء في زمن وسائل التواصل
تحمل القضية بُعدًا قانونيًا عميقًا يتجاوز شخصية روبنسون، إذ تعكس تحديًا حقيقيًا لسلطة القضاء في زمن الإعلام الرقمي، حيث يمكن لشخص واحد أن يخلق موجات من التحريض والتشهير خارج نطاق المنصات القانونية. ويرى خبراء في القانون أن روبنسون لم يسعَ إلى استئناف حكم التشهير، بل اختار استغلال شعبيته في أوساط اليمين المتطرف للطعن في شرعية الحكم وتجاهل الأوامر القضائية، ما مثّل انتهاكًا مباشرًا لهيبة المحكمة.
من "الصحافة البديلة" إلى التطرف
لطالما قدّم روبنسون نفسه كـ"صحفي بديل" ومناضل ضد ما يسميه "صمت الإعلام الرسمي"، مستخدمًا قضايا مثل الهجرة وجرائم الشرف والاعتداءات الجنسية كمدخل للهجوم على المسلمين والمهاجرين. ويملك روبنسون قاعدة دعم من اليمين البريطاني المتطرف، وبعض الأوساط في أوروبا والولايات المتحدة.
وقد اتُهم من قبل سياسيين ووسائل إعلام بأنه ساهم في تأجيج التوترات الاجتماعية التي سبقت أحداث شغب واسعة شهدتها مدن بريطانية في تموز/يوليو 2024، عقب مقتل ثلاث فتيات في ورشة رقص في مدينة ساوثبورت، حيث اتُهم روبنسون بالتحريض عبر فيديوهاته، رغم عدم مسؤوليته المباشرة عن الأحداث.
تأتي أعمال العنف في #بريطانيا على خلفية معلومات مضللة متعلقة بحادثة الطعن التي جرت الأسبوع الماضي في مدينة ساوثبورت الساحلية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) August 5, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/f024CSS3Qw pic.twitter.com/bd48K65Dz1
إيلون ماسك في الصورة؟
في تطور لافت، ذكر حساب تومي روبنسون على منصة "إكس" في كانون الثاني/يناير 2025، أن الملياردير إيلون ماسك يساهم في تغطية بعض نفقاته القانونية، إلا أن ماسك لم يؤكد هذه المعلومات بشكل رسمي.
وكان ماسك قد نشر، في وقت سابق، عدة منشورات عبر حسابه على المنصة ذاتها، دعا فيها إلى الإفراج عن روبنسون، معتبرًا أن الأخير "سُجن لأنه قال الحقيقة".
وأثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية البريطانية، حيث اتهمه بعض السياسيين بنشر معلومات مضللة والتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة المتحدة. ويدعي ماسك أنه يدافع عن "حرية التعبير المطلقة"، لا سيما بعد استحواذه على منصة "إكس".
انعكاسات أوسع: القضية ليست عن فرد بل عن الخطاب العام
يُجمع مراقبون على أن هذه القضية تتجاوز شخص تومي روبنسون، لتعبّر عن نقاش أوسع حول حرية التعبير وحدودها في المجتمعات الديمقراطية، خصوصًا عندما تتحول حرية الرأي إلى أداة للعنصرية والتحريض على الكراهية، كما يُتهم روبنسون بذلك مرارًا.
ويرى خبراء حقوقيون أن القانون البريطاني في هذه الحالة لعب دورًا حاسمًا في فرض حدود واضحة بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، وبين حرية الصحافة وازدراء المؤسسات القضائية. كما اعتُبرت القضية نموذجًا لتحديات التعامل مع الشخصيات التي تستغل شهرتها لنشر معلومات مضللة وتهديد السلم المجتمعي.