مهندس الإعدامات في سجن صيدنايا.. اعتقال اللواء محمد كنجو حسن
26 ديسمبر 2024
أعلنت قوات الأمن العام السوري، يوم الخميس، أنها تمكنت من إلقاء القبض على اللواء محمد كنجو حسن، المسؤول عن المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا العسكري، وذلك خلال عملية أمنية في منطقة خربة المعزة بريف طرطوس.
وكتبت قوى الأمن في بيانها عن القبض على كنجو حسن في تلغرام: "الصور الأولى للواء محمد كنجو حسن، بعد أن قامت قوات الأمن العام بإلقاء القبض عليه"، مصيفةً أنه "كان المسؤول الأول عن الإعدامات الميدانية في سجن صيدنايا".
وتفيد تقارير دولية بأن آلاف المعتقلين تم قتلهم بشكل منظّم وسرّي داخل السجن، حيث نفذ النظام المنهار إعدامات جماعية دون محاكمات بين عامي 2011 و2015، بمعدل إعدام 50 شخصا في الأسبوع.
أعلنت قوى الأمن السورية عن إلقاء القبض على اللواء محمد كنجو حسن، الذي يُعد المسؤول عن الإعدامات الميدانية في سجن صيدنايا العسكري
حصل محمد كنجو حسن على شهادة في الحقوق قبل أن ينخرط في صفوف جيش النظام السوري السابق، حيث شق طريقه في سلك القضاء العسكري حتى شغل منصب النائب العام العسكري في المحكمة العسكرية الميدانية.
مع اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، كان كنجو يشغل منصب النائب العام العسكري في المحكمة الميدانية العسكرية بدمشق، برتبة عميد. ومن خلال هذا الموقع، أشرف على محاكمة أعداد كبيرة من المدنيين المعتقلين، إلى جانب أفراد من الجيش بتهم الانشقاق أو لأسباب تتعلق بانتماءاتهم المذهبية. كما يُعد مسؤولًا مباشرًا عن إصدار آلاف أحكام الإعدام وأحكام بالسجن المؤبد أو السجن لمدد طويلة بحق المعتقلين.

ووفقًا لشهادات ضباط منشقين، اتفق كنجو مع قادة الأجهزة الأمنية ورؤساء أفرع التحقيق على إدراج عبارات موحدة في إفادات المعتقلين مثل: "كما أقدمت بالاشتراك مع آخرين على مهاجمة حاجز كذا أو مركز كذا بالأسلحة النارية، مما أدى إلى استشهاد عدد من العناصر".
كانت هذه العبارة التي أُجبر المعتقلون على توقيع إفادات تتضمنها، دون علمهم بمحتواها، تمثل "كلمة سر" لتبرير إصدار أحكام الإعدام، حتى ضد من لم تثبت إدانتهم.
نُفِذت أحكام المحكمة الميدانية العسكرية، التي كان محمد كنجو حسن أحد أبرز المسؤولين عنها، مباشرة بعد تصديق القائد العام للجيش أو وزير الدفاع، بناءً على المرسوم (109) الذي يخول وزير الدفاع تشكيل المحكمة. تتألف هذه المحكمة من رئيس وعضوين، وغالبًا ما تكون الجلسات أشبه بالإجراءات الشكلية، حيث تُصدر الأحكام خلال دقيقة إلى ثلاث دقائق، دون السماح للمعتقلين بالكلام أو الدفاع عن أنفسهم.
وقد كشفت إفادات العديد من المعتقلين عن طبيعة المحاكمات، حيث يتم إقرار التهم المُلفقة من الأفرع الأمنية دون أدلة حقيقية. المعتقلون الذين تعرضوا للتعذيب قبل المحاكمة كانوا يُمنعون من إظهار إصاباتهم، وفي حال فعلوا، كانت تُقابل بالتجاهل أو الإنكار من قبل كنجو.
كان محمد كنجو يستخدم نفوذه لتعديل أوصاف الجرائم المنسوبة إلى المعتقلين، بهدف استثنائهم من مراسيم العفو. مثال على ذلك القضية رقم (6045) التي شملت 116 معتقلًا حاولوا فك الحصار عن درعا، حيث تم توجيه تهم تتعلق بـ"تشكيل عصابات مسلحة" لهم لتجنب شمولهم بمراسيم العفو الرئاسية.
إلى جانب ممارساته القضائية القمعية، دأب كنجو على ابتزاز أهالي المعتقلين، مستغلًا معاناتهم للحصول على مبالغ مالية كبيرة مقابل وعود كاذبة بالإفراج عن ذويهم، مما جعله يجمع ثروة هائلة.
وبفضل ولائه المطلق للنظام السوري، تمت ترقية كنجو إلى رتبة لواء، وأُسندت إليه إدارة القضاء العسكري في سوريا بأكملها. من خلال هذا المنصب، كان مسؤولًا عن جميع أحكام الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة التي نُفذت بحق آلاف المعتقلين، إلى جانب الأحكام الجائرة التي استهدفت المدنيين والعسكريين على حد سواء.
وفق تقارير حقوقية، ذُكر اسم محمد كنجو في سياق الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها القضاء العسكري ضد المعتقلين، وأشار مركز توثيق الانتهاكات في سوريا إلى دوره البارز في قضايا محاكمات صورية وإساءة معاملة المعتقلين، مما يجعله أحد أبرز الوجوه المرتبطة بالقمع القضائي في سوريا.