نتنياهو يستوحي نهج "الترامبية".. الولاء المطلق مقابل المنصب
5 يمشي 2025
في ظل التحولات السياسية والأمنية في إسرائيل، برزت قضية جديدة تثير القلق داخل الأوساط الاستخباراتية، تتعلق بتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو فرض "اختبار الولاء الشخصي" على قادة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
هذا التوجه، الذي يعكس ما صار يُعرف بروح "الترامبية" التي اجتاحت الولايات المتحدة بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقد تؤدي إلى تقويض استقلالية أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وفقًا لمحللين ومراقبين.
يحذر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة حيفا، أوري بار يوسف، من أن التهديدات التي تواجه إسرائيل لم تقتصر على التنسيق بين "خصومها الإقليميين"، بل امتدت إلى تهديد داخلي متمثل في تصاعد "نهج الولاء الشخصي" داخل مؤسساتها الأمنية، مستوحى من "الترامبية" في الولايات المتحدة.
يلفت إلى أن نتنياهو، خلال العامين الماضيين، عمل على تقويض قيادات الأجهزة الأمنية، محمّلًا إياها المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر، في محاولة لصرف الأنظار عن أخطائه الشخصية
ويرى بار يوسف، في مقاله المنشور في صحيفة "معاريف"، أن هذا الاتجاه الجديد يعزز المخاطر على الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، مهددًا بزعزعتها وإخضاعها للاعتبارات السياسية.
"منذ 5 أشهريخرج نتنياهو مزهوًا كل مرة، في حديثه عن تغيير #الشرق_الأوسط، وعن ما حققته إسرائيل في الحرب الطويلة والدائمة، وبينما تدور نقاشات وتحليلات طويلة حول "إنجازات إسرائيل التكتيكية وأزمتها الاستراتيجية"، فإن المبدأ الذي يطرحه نتنياهو، على #سوريا، #لبنان، والفلسطينيين، هو… pic.twitter.com/y20NOqNzBU
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 27, 2025
الولاء الشخصي مقابل المهنية
يشير المقال إلى أن نتنياهو، خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في 11 شباط/فبراير الماضي، أطلق خطابًا صادمًا تحدث فيه عن دخول إسرائيل "عصر الولاء"، حيث لم يعد الأداء المهني هو المعيار الأساسي لمسؤولي الأمن والاستخبارات، بل مدى ولائهم الشخصي له. هذه الفكرة، وفق بار يوسف، تحمل تداعيات خطيرة، إذ تهدد بإضعاف استقلالية التقييمات الاستخباراتية لأجهزة الأمن، وتحويلها إلى أدوات مسيسة، مما يؤدي إلى تطهير واسع النطاق للمسؤولين الذين لا يبدون ولاءً مطلقًا لنتنياهو، على غرار ما يحدث داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية في ظل إدارة ترامب.
مقارنة مع النموذج الأميركي
يُحذر الكاتب من أن مثل هذه السياسة قد تؤدي إلى فقدان أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لـ"كفاءاتها" وفق قوله، تمامًا كما حدث في الولايات المتحدة، حيث تم تقديم عروض تقاعد مبكر لـ 20 ألف موظف في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، في حين تعرض مسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالة الأمن القومي(NSA) لضغوط متزايدة لمواءمة توجهاتهم مع الإدارة الحاكمة.
كما قام ترامب بتعيين شخصيات مثيرة للجدل مثل تولسي غابارد، التي يشتبه بعض الخبراء في ارتباطها بالاستخبارات الروسية، وجون راتكليف، الذي استخدم موقعه كرئيس للاستخبارات الوطنية لتقديم تقارير منحازة خلال الانتخابات الأميركية. كما رشح ترامب كاش باتيل لرئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وهو الذي أعلن صراحة نيته تقليص صلاحيات المكتب وإضعاف دوره في مكافحة التجسس داخل الولايات المتحدة.
ويخشى بار يوسف من أن تؤدي هذا التشابه في مثل هذه الممارسات إلى تسريبات خطيرة، قد تكشف هوية العملاء السريين والمصادر الاستخباراتية الحساسة لإسرائيل.
🔴 زيارة نتنياهو إلى #واشنطن.. إطالة أمد الحرب ضمانًا لبقائه في السلطة.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 3, 2025
📌 تأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحـ ـمـ ـاس عبر وسطاء دوليين تطورات جديدة، حيث من المقرر أن تنطلق مفاوضات المرحلة الثانية التي ستركز على إطلاق سراح باقي المحتجزين لدى… pic.twitter.com/tbxBXAcXiK
تداخل السياسي مع الأمني
كما يلفت إلى أن نتنياهو، خلال العامين الماضيين، عمل على تقويض قيادات الأجهزة الأمنية، محمّلًا إياها المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر، في محاولة لصرف الأنظار عن أخطائه الشخصية. وفي خطوة أخرى تثير الجدل، يسعى نتنياهو إلى إنشاء وحدة استخبارات خاصة داخل مكتبه، تعمل على تقديم تقديرات استخباراتية تتماشى مع سياساته، متجاوزًا التقييمات الأمنية التي تصدر عن المؤسسات الاستخباراتية الرسمية. كما منح وزير الأمن، يسرائيل كاتس، صلاحية انتقاد رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار، الذي وبخه علنًا بسبب تقارير لم تتماشى مع الخط السياسي للحكومة.
ويخلص بار يوسف إلى أن إخضاع الأمن القومي لمعادلات الولاء السياسي يهدد مستقبل إسرائيل، متسائلًا عن مدى قدرة المسؤولين الأمنيين الجدد، الذين سيتم اختيارهم بناءً على ولائهم الشخصي، على اتخاذ قرارات مهنية في القضايا الحساسة. كما يحذر من أن استمرار هذا النهج قد يدفع قادة الأجهزة الاستخباراتية، السابقين والحاليين، إلى رفع أصواتهم قبل فوات الأوان، لأن الفشل في مواجهة هذا التحول قد يجعلهم عاجزين عن مواجهة أنفسهم وتحمل مسؤولية انهيار منظومة الأمن القومي الإسرائيلي.