نتنياهو يناور مجددًا.. لماذا يسعى إلى إفشال المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟
21 فبراير 2025
على الرغم من أن المرحلة الأولى من اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة قد أعطت المدنيين هامشًا هشًا من الأمان المؤقت وساعدت في الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، إلا أن استكمال المراحل اللاحقة لا يزال يواجه تحديات كبيرة.
هناك مؤشرات إيجابية قد تدفع مفاوضات المرحلة الثانية إلى الأمام، منها تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، التي عبّر فيها عن ثقته ببدء المرحلة الثانية من الاتفاق، وإعلان حركة حماس استعدادها للإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين لديها دفعة واحدة في المرحلة الثانية، مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين.
يعتقد محللو الشؤون الاستخبارية والإعلامية أن إقالة بار وبرنياع تأتي في إطار محاولات نتنياهو لإفشال التفاوض وعدم منح الضوء الأخضر لبدء المرحلة الثانية
إلا أن العقبة الكبرى تكمن في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي ربط أي تقدم في المرحلة الثانية من الاتفاق بشرط نزع سلاح حماس وإنهاء وجودها في غزة، وهو أمر ترفضه الحركة تمامًا. كما أن الاعتبارات السياسية الداخلية في إسرائيل تعقّد المشهد، خاصة مع تهديد المتطرف بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الائتلاف الحاكم، مما يضع نتنياهو في موقف حرج بين تنفيذ مطالب حلفائه الداخليين وبين الاستجابة للضغوط الأميركية.
🎥 الولايات المتحدة.. ناشطون يرشقون موكب نتنياهو بالبيض والطلاء الأحمر احتجاجًا على جرائمه بحق غزة. pic.twitter.com/Cq6fDShSuu
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 7, 2025
فقد صعّد الوزير المتطرف سموتريتش من تصريحاته، مستغلًا إعلان الاحتلال أن عملية التشخيص للجثث أفضت إلى أن إحدى الجثث التي تم تسليمها لا تعود لشيري بيباس، واعتبر الوزير الإسرائيلي أن هذا "الخرق الخطير لحماس والتجاوزات المستمرة لا يمكن السكوت عنها"، معتبرًا أن "الحل الوحيد يكمن في تدمير حماس ولا يجوز تأجيل هذا الأمر".
الدفع لإفشال المرحلة الثانية من الاتفاق
من الواضح أن نتنياهو يسعى إلى المناورة بين الضغوط الأميركية والمصالح السياسية الداخلية. فقد قرر مؤخرًا استبعاد كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين من فريق التفاوض، وذلك عبر إقصاء رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، رونين بار، ورئيس الموساد، "دافيد برنياع"، وتعيين بدلًا منهما وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، أحد أكثر المقربين منه، الذي قد يسعى إلى تجاوز المبعوث الأميركي ويتعامل مباشرة مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويعتقد محللو الشؤون الاستخبارية والإعلامية أن إقالة بار وبرنياع تأتي في إطار محاولات نتنياهو لإفشال التفاوض وعدم منح الضوء الأخضر لبدء المرحلة الثانية، التي تتعلق بمفاوضات أكثر تعقيدًا.
ويشير التفسير الأخير إلى أن نتنياهو عمد إلى وضع عراقيل في مسار المفاوضات كلما اقتربت من النجاح، مؤكدين أن التغيير في الفريق وترك المجال لديرمر كان خطوة استراتيجية لتحقيق مكاسب سياسية، ما حوّل المفاوضات إلى طابع يتناسب مع مصالحه الداخلية والدولية.
هذا وكشف مصدر سياسي إسرائيلي عن نية حكومة بنيامين نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قبل العودة إلى التصعيد العسكري واستئناف العمليات القتالية في القطاع.
وفي هذا السياق، أفادت القناة 14 القريبة من المستوطنين المتطرفين، نقلًا عن المصدر ذاته، بأن حكومة نتنياهو تخطط لتكثيف العمليات العسكرية في غزة واستئناف الحرب فور انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة الحالية مع حركة حماس، دون الانتقال إلى مرحلة ثانية من الاتفاق.
في ظل هذه المعطيات، من الواضح أن نتنياهو يريد فرض واقع يشير إلى أنه لا خيار متاح حاليًا سوى تمديد المرحلة الأولى من الهدنة، نظرًا لتعقيد المرحلة الثانية وانعكاساتها على الائتلاف الحاكم.
🎥 متظاهرون في #هلسنكي يجسدون اعتقال نتنياهو ويجولون فيه بالمدينة. pic.twitter.com/0NH7O1z4Ub
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
نتنياهو واستباق فشل المفاوضات
رأى الرئيس السابق لجهاز الشاباك، عامي أيالون، أن بنيامين نتنياهو يستعد مسبقًا لاحتمال فشل المفاوضات، محاولًا إلقاء اللوم على حركة حماس، رغم أن المعطيات تشير إلى أن الحركة تسعى لاستمرار التفاوض.
وأوضح أيالون أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموافقة نتنياهو، ينص في مرحلته الثانية على إنهاء الحرب، إلا أن رئيس الحكومة يعمل على عرقلته، بهدف الحصول على دعم أميركي لهذا الفشل.
مستقبل غزة: خطط إعادة الإعمار والمصير المجهول
من جهة أخرى، فإن خطة ترامب الأخيرة، التي دعا فيها إلى تحويل غزة إلى "ريفيرا الشرق الأوسط" تحت إدارة أميركية، أثارت استنكارًا واسعًا، لكنها أعادت فتح النقاش حول إعادة إعمار القطاع.
هذه الفكرة، التي لاقت تأييدًا ضمنيًا من نتنياهو، تعني عمليًا تهجير الفلسطينيين واستبدالهم بمشاريع استثمارية، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
📌 في خضم التطورات التي تشهدها #الضفة_الغربية المحتلة، اتخذت #الولايات_المتحدة بقيادة الرئيس #دونالد_ترامب، موقفاً حاسماً في دعم العمليات الإسرائيلية هناك.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 26, 2025
📌 هذا الدعم غير المشروط كما يصفه رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، ديفيد هيرست، يمنح بنيامين نتنياهو، حرية تنفيذ سياسات قد… pic.twitter.com/goTtWwSJIw
في ظل غياب أي توافق دولي حول مستقبل غزة، يجتمع القادة العرب في الرياض لمناقشة بدائل أخرى، من بينها الخطة المصرية التي ترتكز على إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه الفلسطينيين، مع إقصاء حماس تمامًا عن أي دور في الحكومة القادمة والإشراف على مشاريع الإعمار.
لكن تنفيذ مثل هذه الخطة سيواجه تحديات هائلة، بدءًا من الحاجة إلى موافقة أميركية، وصولًا إلى رفض الفلسطينيين التنازل عن سيادتهم لصالح إدارة إقليمية أو دولية.
أهمية الحفاظ على الهدنة ووقف إطلاق النار
تواجه الخطة المصرية أو أي مشروعٍ لإعادة الإعمار تحدي صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في ظل المخاوف من أن يقوم نتنياهو بنسف الاتفاق والعودة إلى الحرب لمسايرة ضغط اليمين المتطرف من جهة، ورغبته في البقاء في الحكم من جهة أخرى.
ومع بقاء المحتجزين الإسرائيليين في غزة واستمرار الأوضاع الإنسانية الكارثية، فإن الأولوية العاجلة هي منع انهيار الاتفاق والتقدم في المراحل اللاحقة منه، لتحويل هذه الهدنة إلى اتفاق دائم، لأن ذلك ضرورة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة الإنسانية المستمرة في غزة.