نزاع الكونغو.. مجلس الأمن يدين رواندا ويدعو كينشاسا وكيغالي لطاولة المفاوضات
22 فبراير 2025
تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار الذي اقترحته فرنسا لإدانة رواندا وحثّها على وقف دعمها لحركة إم23، التي سيطرت على عدة مناطق شرقي الكونغو الديمقراطية.
ودعا القرار الدولي، في مضامينه، إلى ضرورة وقف إطلاق النار وانسحاب قوات إم23 من كامل الأراضي الكونغولية دون أي شروط مسبقة. كما طالب الكونغو ورواندا بالعودة إلى طاولة المفاوضات، من أجل التوصل إلى حلٍّ سلمي دائم يُنهي الصراع المستمر منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.
وهذه هي المرة الأولى التي يدين فيها مجلس الأمن، بشكلٍ صريح، رواندا بدعم حركة إم23، رغم نفي كيغالي المتكرر لهذه الاتهامات، حيث تدّعي أنها تطارد فقط مليشيات الهوتو المتورطة في جريمة الإبادة الجماعية ضدّ التوتسي. في المقابل، تزعم حركة إم23 أنها تدافع عن التوتسي في الكونغو وفي المنطقة الأوسع
أدان مجلس الأمن الدولي رواندا بدعم متمردي حركة إم 23
يُذكر أن حركة إم23، بدعم من الجيش الرواندي، واصلت زحفها نحو مناطق شرقي الكونغو، متقدمة شمالًا وجنوبًا في إقليم كيفو. وقد أحكمت سيطرتها على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو وأكبر مدنه، إضافة إلى مدينة بوكافو شرقي الكونغو. يأتي ذلك وسط مخاوف من أن تسعى الحركة إلى فرض سيطرتها على كامل الأراضي الكونغولية، وصولًا إلى العاصمة كينشاسا.
تزايدت المخاوف من تحول الصراع إلى نزاع إقليمي مسلح، حيث هددت أوغندا بالتدخل، متهمة رواندا بالسعي إلى التوسع الإقليمي على حساب جيرانها، من خلال دعم جماعات وحركات متمردة تعمل كأذرع لها لزعزعة الاستقرار الإقليمي.
ورغم إدانته لرواندا بدعم حركة إم23، أدان قرار مجلس الأمن الدولي أيضًا الدعم الذي تقدمه القوات المسلحة الكونغولية لحركة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، التي تتألف من الهوتو. ودعا القرار الكونغو إلى وقف هذا الدعم، والوفاء بالتزاماتها بشأن إبعاد هذه الحركة، التي تتهمها السلطات الرواندية بالمشاركة في الإبادة الجماعية عام 1994، والسعي إلى تنفيذ جرائم حرب جديدة ضد التوتسي.
كما أكد قرار مجلس الأمن أن الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام الأممية (مونوسكو) قد تشكل جرائم حرب، وأن التخطيط أو التوجيه أو الرعاية أو المشاركة في هذه الهجمات قد تؤدي إلى فرض عقوبات دولية.
في السياق ذاته، فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا عقوبات على وزير في الحكومة الرواندية بسبب دوره في تأجيج الصراع. كما طالبت الخارجية الأميركية، في وقت سابق، بسحب القوات الرواندية من الكونغو ووقف دعم المتمردين، مشددة على أن استقرار المنطقة يتطلب إنهاء هذا التدخل العسكري.
على النهج ذاته، استدعى الاتحاد الأوروبي، أمس الجمعة، السفير الرواندي لديه، وطالب كيغالي بسحب قواتها من شرقي الكونغو، ووقف دعمها لحركة إم23.
مجريات وتطورات الميدان:
تواصل حركة إم23 توسيع سيطرتها في شرقي الكونغو، حيث تمكنت، بدعمٍ من نحو 4 آلاف جندي رواندي، من الاستحواذ على مناطق غنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الذهب ومعدن الكولتان المستخدم في صناعة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر. وتشير السلطات الكونغولية إلى أن رواندا تستغل الحركة كأداة لنهب هذه الثروات الاستراتيجية.
تواصل حركة إم23 توسيع سيطرتها في شرقي الكونغو، حيث تمكنت، بدعمٍ من نحو 4 آلاف جندي رواندي، من الاستحواذ على مناطق غنية بالموارد الطبيعية
أدى التقدم السريع لمقاتلي إم23 إلى موجة نزوح جماعية، إذ فرّ عشرات الآلاف من السكان نحو بوروندي. ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، عبر نحو 42,000 نازح الحدود إلى بوروندي، بينما لا تزال أعداد أخرى تحاول الوصول إلى مناطق أكثر أمانًا.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن سقوط مدينة بوكافو أدى إلى انهيار المقاومة التي كانت تبديها القوات الكونغولية، مما مهد الطريق لتقدم إم23 دون أي مواجهة تُذكر. وتشير التقارير الميدانية إلى أن مقاتلي الحركة باتوا على مشارف بلدة "أوفيرا"، التي تُعد نقطة استراتيجية كونها تقع على الحدود مع بوروندي، وتطل على بحيرة تنغانيقا، التي يستخدمها الجيش الكونغولي كمنفذ للفرار من القتال.
في غضون ذلك، تعيش بلدة أوفيرا حالة من الفوضى، حيث اندلعت أعمال نهب وتخريب، وسط موجات نزوح متزايدة. كما شهدت البلدة فرارًا جماعيًا للسجناء من سجنها الرئيسي، ما يفاقم حالة عدم الاستقرار الأمني في المنطقة.