نيويورك تايمز: المعادلة الاقتصادية صعبة وتعرقل مسار التعافي في سوريا
18 ديسمبر 2024
ورثت الحكومة الانتقالية السورية برئاسة محمد البشير إرثًا ثقيلًا تركه خلفه رئيس النظام السوري المخلوع، بشار الأسد، بعد فراره إلى موسكو. هذا الإرث لا يتوقف على الانهيار الاقتصادي الحاد الذي تشهده مختلف الأراضي السورية أو سوء الخدمات التي تسبب بها النظام السابق، بل يمتد إلى العقوبات المفروضة على نظام الأسد، مما يُمثل صعوبة أمام الحكومة الجديدة للمضي قدمًا في خطط إعادة الإعمار، وما يرافقها من خطط إصلاح اقتصادي واجتماعي.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن العقوبات المفروضة على نظام الأسد المخلوع لا تمثل التحدي الوحيد لحكومة تسيير الأعمال، إذ إن "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الرئيسي في عملية "ردع العدوان"، هي الأخرى مدرجة على لائحة العقوبات الأميركية، مما سيحد من إمكانية حصولها على دعم دولي للمضي قدمًا في عملية إعادة الإعمار.
وتنقل الصحيفة الأميركية عن الزميل البارز في مركز الأمن الأميركي الجديد، أليكس زردن، قوله: "سوريا واحدة من أكثر الدول التي تخضع لعقوبات شاملة في العالم، وهي تواجه تصنيفات أخرى وضوابط تصدير تؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي هناك، بما في ذلك المساعدات الإنسانية"، مضيفًا أنه: "نتيجة للتشابك بين القيود، من الصعب للغاية توفير المساعدات الإنسانية في سوريا مقارنة بالدول الأخرى".
ورثت حكومة تسيير الأعمال السورية برئاسة، محمد البشير، إرثًا ثقيلًا تركه خلفه رئيس النظام السوري المخلوع، بشار الأسد، بعد فراره إلى موسكو
وتشير "نيويورك تايمز" إلى وجود اتفاق واسع النطاق في المجتمع الدولي على أن سوريا تحتاج بشدة إلى المزيد من المساعدات، لافتة إلى أن هناك بعض الجهود جارية لمساعدة السوريين المحتاجين، على الرغم من التحديات التي تفرضها العقوبات وغيرها من العقبات.
وكانت بريطانيا قد أعلنت، الأحد الماضي، عن إرسال 63.5 مليون دولار كمساعدات إنسانية جديدة للنازحين في سوريا واللاجئين السوريين في لبنان والأردن. فيما قالت ألمانيا، الأربعاء الماضي، إنها سترسل نحو 8.4 مليون دولار كمساعدات إنسانية.
وتعليقًا على ذلك تقول "نيويورك تايمز" إن مثل هذه المساهمات لا تمثل سوى جزء ضئيل من الأموال مقارنة بما تحتاجه سوريا لإعادة البناء بعد أكثر من عقد من الحرب. وعلى الرغم من وجود بعض الاستثناءات الإنسانية، يقول الخبراء إن العقوبات الأوسع نطاقًا لا تمنع تقديم المساعدة للحكومة الجديدة فحسب، بل تكبح أيضًا المساعدات المقدمة للمدنيين وتهدد فرص استقرار سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ سقوط نظام الأسد، كان هناك نقاش دولي متزايد حول رفع تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية، إذا التزمت بتعهداتها بدعم العملية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.
وقد دعا أحمد الشرع إلى رفع العقوبات عن سوريا لتتمكن من بدء عملية إعادة الإعمار، وهي خطوة تحظى ببعض الدعم في دوائر السياسة الخارجية الأميركية.
الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي عقدت اجتماعًا خاصًا بسوريا تمخّض عن إعلان التكتل الأوروبي أنه سيعيد فتح مكتبه التمثيلي في دمشق.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 18, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/62ZOwgVdfM pic.twitter.com/cNFwbyLXyg
وقال عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي ورئيس لجنة فرعية للعلاقات الخارجية لمكافحة الإرهاب، كريس مورفي: "يتعين على الولايات المتحدة، على الفور، تعليق العقوبات التي تعيق الزيادة الكبيرة في المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار الضرورية لدعم الشعب السوري في الأمد القريب"، داعيًا إلى التعامل بشكل مباشر مع "هيئة تحرير الشام".
ومع ذلك، فإنه وفقًا لنيويورك تايمز، من المتوقع أن الولايات المتحدة لن تتخذ إجراءات فورية لشطب "هيئة تحرير الشام" من لائحة العقوبات الأميركية، مرجحة استمرارها في الاعتماد على الاستثناءات الإنسانية لدعم المدنيين السوريين، خاصة مع اقتراب إدارة الرئيس جو بايدن من مغادرة البيت الأبيض بحلول الشهر المقبل، وتسليم المهام لإدارة الرئيس المُنتخب دونالد ترامب.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قد أشارت في تصريحات صحفية، اليوم الأربعاء، إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يفكر في رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا لتسهيل إعادة إعمار البلاد، مشيرة إلى أن "بعض الخطوات الأولى التي اتخذتها القيادة الجديدة مشجعة".
وشددت الدبلوماسية الأوروبية على أن "قضايا مثل تشكيل حكومة شاملة، وحماية الأقليات، ومواصلة القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي ستكون مهمة في المستقبل"، لافتة إلى أنه "بالنسبة إلى السوريين الذين قرروا العودة إلى ديارهم، فإن أوروبا مستعدة لدعمهم في كل خطوة".