هل تدفع إسرائيل ثمنًا باهظًا جرّاء توغلها في سوريا؟
11 ديسمبر 2024
تدّعي حكومة بنيامين نتنياهو أن توغّل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عمق المنطقة منزوعة السلاح على طول الحدود السورية، وسيطرته على الجانب السوري من جبل الشيخ بعد انهيار نظام بشار الأسد، هو لدواعٍ تتعلق بضمان أمن إسرائيل. إلّا أن صحيفة "هآرتس" فنّدت هذا الزعم، واعتبرت أن سيطرة إسرائيل على أراضي الغير لا تُحسّن من أمنها، بل غالبًا ما تعني توريط الجيش والأمن في بؤر توتر يزيد من احتقانها وجود قوات إسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد برّر دخول القوات الإسرائيلية إلى الجانب السوري من مرتفعات الجولان المحتل بالقول إن "الجنود السوريين تخلوا عن مواقعهم"، وكأن ذلك سبب كافٍ للاستيلاء على الأرض السورية. وترى "هآرتس" أن "التغيير في الوضع الراهن للأراضي المعترف بها على أنها تابعة لسوريا يخلق ذريعةً جديدة للاشتباكات".
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو ينفي أمام المجتمع الدولي أن يكون الهدف من وراء دخول قواته إلى المنطقة منزوعة السلاح والجانب السوري من جبل الشيخ هو الاستيلاء النهائي على تلك المناطق، في حين يروّج للداخل الإسرائيلي خلاف ذلك.
هآرتس: نتنياهو سيكون أكثر حكمةً إذا تخلى عن صور النصر السخيفة وأظهر قدرًا أكبر من التواضع
وفي هذا السياق، ترى "هآرتس" أن نتنياهو، عندما بدا له أن الاعتبارات الأمنية غير كافية لتبرير جرّ جيش الاحتلال لمواجهة جديدة، سارع إلى تكوين "صورة نصر لنفسه على الحدود السورية".
وتتضمن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في هذا الشأن بذور المشاكل المستقبلية، حسب "هآرتس"، حيث قال: "هذا يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط"، موضحًا أنه مع سقوط نظام الأسد "سقطت حلقة رئيسية من محور الشر الإيراني"، مادحًا سياسته بقوله: "هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها لإيران وحزب الله"، معتبرًا أن سقوط بشار الأسد يمنح "فرصًا جديدة ومهمة للغاية لإسرائيل".
📷تاريخ من القتل والتهجير.. 12 يوماً أنهت حكم عائلة الأسد في #سوريا⏬ pic.twitter.com/s2opX7QC2P
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 9, 2024
لكن تحليلًا نقديًا لهذه التصريحات يكشف، حسب "هآرتس"، أن الجمع بين "التاريخي" و"الفرص الجديدة" يشكل مزيجًا خطيرًا ومتفجرًا، وإشارةً لمن يحلمون بتوسيع أراضي إسرائيل، وهو كل ما يحتاجونه لمحاولة تحقيق حلمهم. علمًا أن أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة ووسائل الإعلام دعوا إلى احتلال جبل الشيخ السوري حتى قبل أن يتدخل الجيش.
يُدرك نتنياهو، حسب "هآرتس"، المخاطر التي تنطوي عليها السيطرة طويلة الأمد على أراضي دولة أخرى. وبالفعل، سارعت إحدى الدول الفاعلة إقليميًا، وهي مصر، إلى تذكير نتنياهو بتلك المخاطر، حيث أصدرت الخارجية المصرية بيانًا دانت فيه "استغلال إسرائيل لحالة السيولة والفراغ في سوريا لاحتلال المزيد من الأراضي السورية وفرض أمر واقع جديد على الأرض".
ونقلت "هآرتس" عن ضابط في جيش الاحتلال قوله إن "الوضع في سوريا حاليًا ليس تحت السيطرة. هناك قوة إسلامية متطرفة آخذة في الصعود، وعلينا أن نرى كيف يتطور هذا". وتعلّق "هآرتس": "لكن إدارة هذه المخاطر الأمنية من الممكن أن تتحول، في ظل حكومة غير مسؤولة ورئيس وزراء متهور، إلى خطأ تاريخي سيكلف إسرائيل غاليًا"، معتبرةً أن "إسرائيل لا ينبغي لها أن تستغل ما يراه نتنياهو فرصًا جديدة، بل عليها أن تدافع عن نفسها ضد التهديدات الجديدة". كما ترى "هآرتس" أن رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يُعدّ "المسؤول عن أعظم كارثة في تاريخ إسرائيل"، سيكون أكثر حكمةً إذا تخلى عن صور النصر السخيفة وأظهر قدرًا أكبر من التواضع.
تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال نفّذ مئات الغارات على أهداف عسكرية في سوريا منذ سقوط بشار الأسد، استهدفت مراكز بحوث تابعة للجيش السوري، ومخازن أسلحة استراتيجية، وطائرات عسكرية. ومن اللافت أن إسرائيل، طوال حكم بشار الأسد، لم تستهدف تلك المراكز والأهداف على الرغم من شنها غارات على مواقع المليشيات الإيرانية العاملة في سوريا قبل انهيار النظام. الأمر الذي يؤشّر، حسب متابعين، على ثقتها بأن نظام الأسد لم يكن ليستخدم تلك الأسلحة مطلقًا في ضرب إسرائيل، على الرغم من ادعائه معاداة إسرائيل.