هل تقود تعقيدات المشهد في إسرائيل إلى انتخابات برلمانية مبكّرة؟
8 يناير 2025
قد يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه مضطرًا إلى اتخاذ قرار مصيري بشأن ائتلافه الحكومي الذي تتزايد فيه الخلافات والتناقضات، الأمر الذي قد يُسرّع، حسب متابعين، بدء الترتيبات الانتخابية وتكرار سيناريو الانتخابات السابقة لأوانها، التي نُظّمت في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، عقب قيام الكنيست (البرلمان) بحلّ نفسه بعد مرور عام فقط على انتخابات 2021.
تحالف قيساريا مهدّد بالانهيار
أطلق الإعلام الإسرائيلي على اتفاق التحالف بين زعيم حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير وزعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش اسم "تحالف قيساريا"، نظرًا لأنه جاء عقب اجتماع في منزل نتنياهو بمدينة قيساريا نهاية آب/أغسطس 2022. بفضل هذا الاجتماع، تمكن نتنياهو من تشكيل تحالف حكومي يميني خالص ارتكز على 62 مقعدًا في الكنيست، من بينها 14 مقعدًا لسموتريتش (8 مقاعد) وبن غفير (6 مقاعد)، مما مكّن الشخصيتين المتطرفتين من الحصول على عدة مناصب وزارية، من بينها حقيبتان للثنائي شخصيًا (بن غفير وزيرًا للأمن القومي وسموتريتش وزيرًا للمالية).
وحسب تقرير لموقع "العربي الجديد"، "يدين بن غفير بدخوله الكنيست الخامس والعشرين في 2022، إلى حد بعيد، لنتنياهو، حيث إن تشكيل حكومة الأخير جاء بفضل إنجاز تحالف بن غفير وسموتريتش".
تزايدت الخلافات بين نتنياهو وإيتمار بنغفير
ومع ذلك، فإن إحكام السيطرة على الوزير المتطرف في حكومة نتنياهو، بن غفير، مثّل دائمًا تحديًا. فقد كان يثير الجدل داخليًا وخارجيًا، واستغلّ موقعه في الائتلاف الحكومي لفرض مجموعة من المطالب، مهددًا كل مرة بالانسحاب من الحكومة إذا لم تتم تلبية مطالبه، التي يعني تحقيقها مزيدًا من الأزمات لإسرائيل. وقد صعّب ذلك على نتنياهو إدارة ائتلافه الحكومي بشكل مستقر.
ويرى المتابعون للشأن الإسرائيلي أن الصدام بين بن غفير ونتنياهو وصل إلى ذروته خلال تصويت الكنيست على بنود من ميزانية الحكومة الجديدة للعام 2025، نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي. إذ قام بن غفير وأعضاء حزبه في الكنيست بالتصويت ضد قانون "الأرباح المحتجزة"، وهو قانون من شأنه أن يُدخل 10 مليارات شيكل (2.75 مليار دولار أميركي) إلى خزينة دولة الاحتلال في عام 2025.
🎥 نتنياهو في مرمى 4 فضائح أمنية خطيرة pic.twitter.com/JJWlfEUjYh
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 11, 2024
وكان السبب وراء عدم تصويت بن غفير لصالح القانون المذكور هو "عدم الاستجابة لمطالبه بزيادة ميزانية جهاز الشرطة". ولمنع القانون من السقوط، أُجبر نتنياهو شخصيًا على القدوم من المستشفى، حيث كان يتعافى من عملية جراحية لعلاج سرطان البروستاتا، للتصويت على القانون، بهدف منع سقوطه وتجنب إلحاق ضرر اقتصادي جسيم بالحالة الاقتصادية في إسرائيل، وفقًا لوزارة المالية.
توتر داخل التحالف
بهذا الموقف، ألحق بن غفير ضررًا سياسيًا بالغًا بالائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو. بل إن بعض المحللين السياسيين وصفوا تصرفه بأنه تجاوز لكل الخطوط الحمراء مع نتنياهو وبقية شركائه في الحكومة، كما فُسّر بأنه "إهانة شخصية وعدم احترام لرئيس الحكومة ولحالته الصحية"، خلال بث مباشر على شاشات التلفزيون.
وعلى الرغم من تقديم بن غفير لاحقًا اعتذارًا علنيًا لنتنياهو عن تصرفه، قرر التحالف الحكومي فرض عقوبات على حزب القوة اليهودية، كان أولها منع إدراج مشروعات قوانين يقترحها الحزب على جدول أعمال الكنيست.
انتخابات مبكّرة
تشير الخلافات المتزايدة بين نتنياهو وبن غفير إلى إمكانية ذهاب إسرائيل إلى انتخابات برلمانية مبكرة. ويبدو أن بن غفير قد بدأ حملته الانتخابية مبكرًا، حيث تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى إمكانية حصوله على مزيد من المقاعد في أي انتخابات قادمة، على حساب حزب الصهيونية الدينية الذي يقوده سموتريتش. وتشير التوقعات إلى أن سموتريتش قد لا يتجاوز نسبة الحسم البالغة 3.25%، وفي أحسن الأحوال قد يحصل على 4 مقاعد فقط من أصل 120 مقعدًا في الكنيست، مما يعني خسارته نصف مقاعده، ما يُمكن بن غفير من التربع على زعامة تيار اليمين المتطرف بلا منازع.
عودة ترامب تُعزّز من فرص نتنياهو لتنفيذ مخططاته والبقاء على رأس السلطة في دولة الاحتلال.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 11, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/H5XUwcoahw pic.twitter.com/UMYSX1Sjew
ليس مستبعدًا أن يكون نتنياهو، بسبب الصراع المتفاقم مع بن غفير، قد توصّل إلى قناعة بأن رضوخه لمطالب بن غفير وابتزازه سيكلفه ثمنًا باهظًا في الانتخابات المزمع تنظيمها في 2026. وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى إمكانية خسارة حزب الليكود مقاعد لصالح حزب القوة اليهودية بقيادة بن غفير. لذلك، قد يكون من مصلحة نتنياهو مواجهة بن غفير والتبكير بالانتخابات البرلمانية، مستغلًا التحسن في مكانته السياسية في الأشهر الأخيرة وارتفاع شعبية حزب الليكود في استطلاعات الرأي العام.
فضلًا عن ذلك، فإن تبكير الانتخابات قد يساعد نتنياهو على تجنب تأثير أي حكم يصدر ضده في محاكمته الجارية، والذي قد يؤثر سلبًا على نتائج حزبه في المستقبل.
انقسام داخل المعارضة
على الجبهة الأخرى، بدأت الخلافات في الظهور داخل حزب "المعسكر الرسمي" بين رئيس الحزب بيني غانتس والوزير السابق غادي أيزنكوت، بسبب مواقف غانتس التي توصف بالمتراخية في مواجهة نتنياهو وحكومته. وأدت هذه الخلافات إلى تراجع شعبية الحزب في استطلاعات الرأي، التي منحته 18 مقعدًا فقط، مع توقع تناقصها في حال قرر نفتالي بينيت، زعيم حزب اليمين الجديد، الترشح.
تدعو بعض الأصوات داخل الحزب إلى إزاحة غانتس وإفساح المجال لأيزنكوت، الذي يُعرف بمواقفه الصريحة ضد نتنياهو، بما في ذلك معارضته صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
تعقيدات المشهد السياسي
تشير كل هذه التعقيدات في المشهد الإسرائيلي إلى تحركات وترتيبات انتخابية قد تكون مقدمةً للذهاب نحو انتخابات مبكرة، بسبب تفاقم الخلافات حول قضايا مثل الحرب على غزة، تجنيد الحريديم، والإصلاحات القضائية.