1. سياسة
  2. سياق متصل

هل يعيد اليمين المتطرف تشكيل الخارطة السياسية في رومانيا؟

3 ديسمبر 2024
علم رومانيا منسدل على الواجهة الأمامية لقر الحزب الاشتراكي الديمقراطي (رويترز)
وائل قيسوائل قيس

بعد أكثر من 20 عامًا على انضمام رومانيا إلى التحالف الغربي، يعود اليمين المتطرف إلى واجهة الحياة السياسية، محدثًا صدمة على المستوى الأوروبي ومطيحًا بالتحالفات السياسية التقليدية. يمثل ذلك محاولة لإعادة تشكيل الخارطة البرلمانية بشكل غير مسبوق، ما يثير تساؤلات حول علاقة بوخارست مع الدول الغربية، في ظل صعود أحزاب اليمين في الانتخابات البرلمانية ووصول مرشح شعبوي غير معروف إلى الجولة النهائية من انتخابات الرئاسة الرومانية.

صادقت المحكمة الدستورية، أمس الإثنين، على نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، وحددت الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري موعدًا للجولة الثانية، بعد تهديدات بإلغاء الجولة الأولى بسبب اتهامات بالتزوير طالت أحد مرشحي اليمين. ومن المقرر أن يتنافس في الجولة المقبلة المرشح المستقل اليميني المتطرف المثير للجدل، كالين جورجيسكو، الذي بنى حملته الانتخابية على تطبيق "تيك توك"، وزعيمة حزب "من أجل إنقاذ رومانيا"، إيلينا لاسكوني، التي تسعى لجذب الناخبين المحافظين مع تأييدها للغرب.

"زلزال سياسي" في بوخارست

دقت الانتخابات البرلمانية ناقوس الخطر بشأن إمكانية إحداث اليمين المتطرف خرقًا سياسيًا غير مسبوق في بوخارست منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1989، وفق المحللين. وعلى الرغم من أن رومانيا، الدولة الشيوعية السابقة، انضمت إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" في عام 2004 وحصلت على عضوية الاتحاد الأوروبي عام 2007، إلا أن سكانها البالغ عددهم 19 مليون نسمة يعانون من صعوبات اقتصادية تضاهي التحديات التي تواجه جارتها أوكرانيا، والتي تتشارك معها الحدود الشمالية.

دقت الانتخابات البرلمانية ناقوس إمكانية إحداث اليمين المتطرف خرق في الحياة السياسية لم تشهده بوخارست منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1989

أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية تصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بقيادة رئيس الوزراء مارسيل سيولاكو، بنسبة 22.3% من الأصوات. ومع ذلك، عجز هذا الحزب، الذي وصفته وكالة "الصحافة الفرنسية" بـ"الوريث السياسي للحزب الشيوعي"، عن الوقوف أمام صعود الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة التي تجاوزت مجتمعة 30%. ووفق النتائج، حصل "التحالف من أجل وحدة الرومانيين" (أور) على 18.3%، وحزب "أنقذوا رومانيا" على 7.75%، وحزب الشباب على 6.4%، وحزب الاتحاد الديمقراطي القومي على 6.38%.

في المقابل، تمكن الحزب الوطني الليبرالي المشارك في الائتلاف الحكومي من تحقيق 41.3%. ومع ذلك، وصفت صحيفة "تايمز" البريطانية نتائج الانتخابات بأنها "زلزال سياسي" يعكس تحولًا متزايدًا في مزاج الناخبين نحو القوميين واليمين المتطرف، مشيرة إلى تراجع أحزاب الائتلاف الحاكم بنسبة 15%، ما يعكس توجهات الناخبين في أوروبا بشكل عام.

الائتلاف الحاكم أمام اختبار صعب

ترجح معظم التحليلات أن فرص فوز لاسكوني في انتخابات الرئاسة محدودة، مقارنة بمنافسها جورجيسكو، الذي تبدو فرصه أقوى بكثير، وفقًا للعديد من التقارير الغربية. يُعرف جورجيسكو بتبنيه نهجًا سياسيًا مستوحى من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن جورجيسكو يعارض "حلف الناتو"، ويدعم الكرملين، حيث أشاد بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين، وأعرب عن إعجابه بالقادة الرومانيين الفاشيين الذين برزوا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

خاض جورجيسكو حملته الانتخابية باعتباره "دخيلًا متمردًا" يهدف إلى إسقاط الطبقة الحاكمة التي يتهمها بالفساد. وقد استفاد من مواقفه المناهضة للمؤسسات التقليدية وانتقاداته المتكررة لشركات الأدوية الكبرى، مما ساعده في تقديم نفسه كعدو للطبقة الحاكمة، على غرار ترامب. ويُذكر أن جورجيسكو كتب مقدمة النسخة الرومانية من كتاب "الحرب العالمية على الديمقراطية والصحة العامة"، للكاتب روبرت كينيدي جونيور، وهو مرشح ترامب السابق لوزارة الصحة.

على الجانب الآخر، تسعى لاسكوني، التي ترأس بلدية كامبولونج في مقاطعة أرغيس، إلى تقديم نفسها كمرشحة وسطية. فهي تدعم الاتحاد الأوروبي وتعارض سياسات الكرملين، بما في ذلك الحرب على أوكرانيا. لكنها تحاول أيضًا جذب الناخبين المحافظين، وهو ما أشار إليه تقرير لصحيفة ذا تايمز، الذي لاحظ أنها ارتدت صليبًا كبيرًا خلال حملتها الانتخابية كرمز للقيم المسيحية.

خيارات متعددة تحسمها انتخابات الرئاسة

وفقًا لصحيفة ذا تايمز، فإن صعود جورجيسكو في الجولة الأولى كان مدعومًا باستخدامه الذكي لمنصة التواصل الاجتماعي "تيك توك"، التي تحظى بشعبية واسعة في رومانيا. ومع ذلك، أثار نجاحه مع صعود اليمين المتطرف مخاوف بشأن مستقبل عضوية رومانيا في الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، خاصة في ظل توسع الحلف بإنشاء قاعدة "ميهايل كوجالنيشينو" الجوية، التي من المتوقع أن تكون الأكبر في أوروبا.

يتناول المحللون نتائج الانتخابات الرومانية من زاويتين: الأولى تتعلق بالانتخابات البرلمانية، والثانية بنتائج انتخابات الرئاسة. يرى المحلل السياسي رادو ماجدين، وفقًا لتقرير "نيويورك تايمز"، أن الانتخابات البرلمانية أفرزت "برلمانًا منقسمًا"، لكنه أضاف أن الحزب الديمقراطي الاجتماعي قد يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم. ومع ذلك، أشار إلى أن أحزاب اليمين، رغم توحدها في معارضة "الطبقة الحاكمة"، تعاني من انقسامات عميقة تجعلها "قبائل متناحرة".

من جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية ماريوس غينسيا من جامعة زوريخ السويسرية، في حديثه للوكالة الفرنسية، إلى أن البرلمان القادم سيكون "منقسمًا للغاية وبدون حزب مهيمن". وأضاف أن حتى الحزب الاشتراكي الديمقراطي لن يتمكن من تشكيل حكومة دون التحالف مع حزبين آخرين. وتوقع غينسيا حالة من عدم الاستقرار على المدى القصير والمتوسط، مشيرًا إلى أن أحزاب اليمين المتطرف، رغم اشتراكها في "معارضة دعم أوكرانيا باسم السلام والدفاع عن القيم المسيحية"، تفتقر إلى "الثقل اللازم للحكم دون تحالفات إضافية".

ومع ذلك، فإن الزخم الذي حظي به اليمين المتطرف في رومانيا لم يتحقق دون انضمام حزب الشباب، الذي تقوده السياسية المؤيدة لموسكو ديانا سوسواكا. يُعد هذا الحزب من بين الأحزاب التي حصلت على ترخيصها في يوليو/تموز 2023، ليصبح العامل الذي منح اليمين المتطرف "الكتلة الأكثر عددًا"، وفقًا لما يقوله أستاذ العلوم السياسية في جامعة بابيش-بولياي، سيرغي ميسكويو. ويضيف ميسكويو أنه على الرغم من دعوات القادة السياسيين لتشكيل "حكومة وحدة وطنية" مؤيدة للغرب، فإن القرار النهائي يعتمد بشكل كبير على "من سيكون الرئيس الجديد، نظرًا لأنه يملك سلطة تعيين رئيس الوزراء".

هناك تحليل متفائل يقدمه موقع "بوليتيكو" الأميركي، يفيد بتوقع إبرام صفقة سياسية محتملة توصف بـ"الكبيرة". وفقًا لهذا التحليل، قد تنتهي الصفقة إلى دعم حزب "من أجل إنقاذ رومانيا" للحزب الحاكم لتشكيل أغلبية برلمانية، مقابل تقديم الاشتراكيين الديمقراطيين دعمهم للاسكوني في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن هذه الصفقة ستربط لاسكوني بمؤسسة الحكم التقليدية، التي تُتهم بالفساد.

من جهة أخرى، يقدم المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو في حديثه لوكالة "رويترز" رؤية مختلفة للخارطة السياسية في بوخارست. يرى بيرفوليسكو أن "الاحتفالات بانتصار الديمقراطية لا تزال مبكرة"، موضحًا أنه "إذا جاء الرئيس من أقصى اليمين، فسيكون من الصعب للغاية على المؤيدين لأوروبا تنظيم صفوفهم ومقاومة اليمين في البرلمان". وأضاف أن عام 2025 سيكون عامًا صعبًا للغاية، خاصة أن "الناخبين من الحزب الديمقراطي الاجتماعي يتشاركون الكثير من القواسم المشتركة مع المرشح اليميني المتطرف، الذي يتمتع بفرصة كبيرة للفوز بالانتخابات".

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة