وسط تحديات وضغوط سياسية.. جهود لحماية قرارات العدالة الدولية
31 يناير 2025
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا تناولت فيه إعلان كل من جنوب أفريقيا وماليزيا عن إطلاق حملة دولية جديدة تهدف إلى حماية قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
تأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه القانون الدولي تحديات كبرى، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات السياسية والعسكرية حول العالم.
الهدف من الحملة
بحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذه الحملة تهدف إلى تعزيز احترام قرارات المحاكم الدولية والدفاع عنها ضد أي محاولات لتقويض شرعيتها. وتم الإعلان عن هذه المبادرة في إطار جهود مجموعة "لاهاي"، وهي تحالف يضم تسع دول تشمل ماليزيا وجنوب أفريقيا وكولومبيا وبوليفيا وتشيلي والسنغال وناميبيا، وتهدف إلى دعم استقلال القضاء الدولي.
تواجه المحكمة الجنائية الدولية ضغوطًا متزايدة، خصوصًا من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يسعون إلى فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة إذا فتحوا تحقيقات ضد جنود أو مسؤولين أميركيين أو إسرائيليين
وقال وزير العدل الجنوب أفريقي، رونالد لامولا، في تصريح للصحيفة: "رسالتنا واضحة: لا أحد فوق القانون، ولا جريمة يجب أن تمر دون عقاب. علينا جميعًا الدفاع عن النظام القضائي العالمي لضمان العدالة للجميع."
تصاعد التوترات حول قرارات المحكمة الجنائية الدولية
تواجه المحكمة الجنائية الدولية ضغوطًا متزايدة، خصوصًا من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يسعون إلى فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة إذا فتحوا تحقيقات ضد جنود أو مسؤولين أميركيين أو إسرائيليين. وقد طرح السيناتور الأميركي، ماركو روبيو، مشروع قانون جديد أمام الكونغرس يهدف إلى فرض عقوبات على أي جهة تتعاون مع المحكمة في تحقيقاتها ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، كما يمكن أن تمتد هذه العقوبات إلى أفراد عائلاتهم.
بتوجيه من نتنياهو، قاد رئيس الموساد الإسرائيلي السابق حملة لترهيب وتهديد المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) May 28, 2024
التفاصيل في الألبوم⏬ pic.twitter.com/BdncYoowKQ
دور جنوب أفريقيا في مواجهة إسرائيل أمام القضاء الدولي
تعتبر جنوب أفريقيا واحدة من الدول التي دفعت بالقانون الدولي إلى الواجهة، حيث رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة. ورغم أن إسرائيل نفت هذه الاتهامات، إلا أن المحكمة أصدرت قرارًا يدعو إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع أي أعمال قد تصنف على أنها إبادة جماعية.
وأكدت مجموعة "لاهاي" أن هدفها الأساسي ليس معاقبة إسرائيل، ولكن التأكد من أن قرارات المحاكم الدولية تحظى بالاحترام الكامل.
وأوضح رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، أن هذه الجهود ليست سياسية، بل قانونية، قائلًا:"نحن لا نحكم على دول بعينها، ولكننا نحمي مبادئ القانون الدولي التي تضمن حقوق الجميع".
الجنوب العالمي ومعايير الغرب المزدوجة
يعكس هذا التحرك الغضب المتزايد في الجنوب العالمي من ازدواجية المعايير الغربية تجاه القانون الدولي. ففي حين تدعم الدول الغربية تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في أوكرانيا، فإنها تعرقل أي محاولات لمحاسبة إسرائيل أو الولايات المتحدة على جرائمها.
وفي هذا السياق، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا يطالب الدول الأعضاء بالنظر في طرق لضمان امتثال إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية، بما في ذلك الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة تقديم رأي استشاري حول التزامات إسرائيل كقوة احتلالية فيما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية في غزة.
📌 المحكمة الدولية تفيد بأنها "وجدت أسبابًا معقولة للاعتقاد" أن نتنياهو وغالانت يتحملان "المسؤولية الجنائية" باعتبارهما مشاركين في ارتكاب "جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية".… pic.twitter.com/NEkIUKHwD2
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 21, 2024
المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة التحديات السياسية
لا يقتصر الضغط على المحكمة الجنائية الدولية على القضية الفلسطينية، إذ تواجه المحكمة أيضًا تحديات أخرى، مثل مذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية الحرب في أوكرانيا. ورغم ذلك، قام بوتين بزيارة كل دول غير موقعة على "نظام روما الأساسي" الذي أسس المحكمة، مما أثار تساؤلات حول مدى فعالية قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
وفي سياق آخر، قررت إيطاليا الإفراج عن ضابط ليبي، رغم مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، ما أثار استياء المحكمة التي نشرت أدلة على تورطه في جرائم حرب في ليبيا.
كما انقسمت الدول الأوروبية حول ما إذا كانت ستنفذ مذكرة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعدما صدرت بحقه مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية، حيث أعلنت بعض الدول، مثل إيطاليا ورومانيا والمجر، أنها لن تلتزم بها إذا زار نتنياهو أراضيها.
هل ستنجح الحملة؟
بينما تسعى جنوب أفريقيا وماليزيا لحشد الدعم لحماية القضاء الدولي، يعتقد بعض الخبراء أن هذه الجهود قد لا تكون كافية. فقد أشار البعض إلى أن القوى العظمى لم تُظهر أي اهتمام بالامتثال لقرارات المحاكم الدولية عندما تتعارض مع مصالحها.
وحذرت أستاذة القانون الدولي في جامعة ييل، أونا هاثاواي، قائلة: "إذا لم نتحرك الآن، فقد نصل إلى نقطة لا عودة، حيث تفقد القوانين الدولية شرعيتها بالكامل، وسيكون من المستحيل استعادتها".