وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. موسكو تشترط وبروكسل تشكّك وواشنطن تتوعّد

تنظم الحكومة البريطانية، اليوم السبت، اجتماعًا دوليًا افتراضيًا لمناقشة المبادرة الأميركية الرامية إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا لمدة 30 يومًا. وتسعى حكومة كير ستارمر من خلال هذا الاجتماع، الذي يشارك فيه عدد كبير من المسؤولين الأوروبيين، إلى تأمين الضمانات اللازمة لأي اتفاق مستقبلي مع موسكو بشأن مسار الحرب.

ويُسلط الاجتماع الضوء على التباينات بين المواقف الأوروبية والروسية، ففي حين تشترط روسيا تلبية مجموعة من المطالب قبل الالتزام بأي هدنة محتملة، تُبدي العواصم الأوروبية وأوكرانيا تشككًا في جدية موسكو واستعدادها للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي اقترحته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع هذا الأسبوع

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت: إدارة ترامب جاهزة لممارسة أقصى الضغوط على موسكو، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة عليها، إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار.

قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر  إنه سيدعو المشاركين في الاجتماع الدولي الافتراضي إلى مواصلة دعم أوكرانيا، ورفع ميزانيات الدفاع تحسبًا لأي هجمات روسية محتملة، بالإضافة إلى زيادة الضغط الاقتصادي على موسكو، بهدف دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الانخراط في المفاوضات. وأضاف: "لا يمكننا السماح للرئيس بوتين بالتلاعب بمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإن تجاهل الكرملين لعرض وقف إطلاق النار لا يؤدي إلا إلى إظهار عدم جدية بوتين بشأن السلام".

واعتبر ستارمر أنه حتى لو قبلت روسيا بالسلام، "فيجب التأكد من أن هذا السلام جدي ودائم، وإلا فلا بد من تكثيف الجهود لزيادة الضغط الاقتصادي على موسكو لإنهاء الحرب"، متهمًا بوتين بالمماطلة ومحاولة تأجيل وقف إطلاق النار. وأضاف: "العالم بحاجة إلى رؤية أفعال، وليس دروسًا أو كلمات فارغة أو شروطًا لا معنى لها".

شروط موسكو لوقف إطلاق النار

أبدت موسكو تأييدها للمقترح الأميركي القاضي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع ثلاثة شروط قال إنه يجب مناقشتها قبل أي التزام بالهدنة المقترحة من قبل واشنطن.

يتعلق الشرط الأول بمصير القوات الأوكرانية الموجودة في كورسك الروسية، بعدما أصبحت محاصرة ومعزولة عن خطوط إمدادها الرئيسية. وتعليقًا على هذه النقطة، تساءل بوتين: "هل ستنسحب جميع القوات الأوكرانية المحاصرة في كورسك دون قتال؟ أم ستأمرهم قيادتهم بالاستسلام؟".

أما الشرط الثاني فيرتبط بما أسماه بوتين "إعادة تجميع القوات الأوكرانية"، حيث تساءل عن الضمانات التي ستضمن أن أوكرانيا لن تستغلّ الهدنة لحشد قوات جديدة وتلقي المزيد من الأسلحة من داعميها الغربيين.

أما النقطة الثالثة في قائمة الشروط الروسية، فتتعلق بآلية مراقبة وقف إطلاق النار، والجهة المسؤولة عن تحديد نطاقه، وتحديد من قد ينتهكه.

المقترح الأميركي ونتائجه

يشار إلى أن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار جاء بعد محادثات أميركية أوكرانية في مدينة جدة السعودية، حيث اتفق الطرفان، من بين أمور أخرى، على وقف فوري ومؤقت لإطلاق النار، يشمل تبادل أسرى الحرب، وإطلاق سراح المعتقلين المدنيين، وعودة الأطفال الأوكرانيين الذين تم نقلهم قسرًا.

وتجنب المقترح الأميركي أي إشارة إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، كما لم يتطرق إلى الضمانات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا، وإن كان قد أشار إلى دور أوروبي محتمل في عملية السلام.

المواقف الغربية من شروط موسكو:

لوّحت الإدارة الأميركية بخيار اللجوء إلى الضغوط الاقتصادية في حال لم توافق روسيا على مقترح وقف إطلاق النار، وفي هذا الصدد قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إنّ إدارة ترامب جاهزة "لممارسة أقصى الضغوط على موسكو، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة عليها، إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار".

أبدت موسكو تأييدها للمقترح الأميركي القاضي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، لكنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع 3 شروط، قال إنه يجب مناقشتها قبل أي التزام بالهدنة المقترحة من طرف واشنطن.

لكن في آخرٍ تعليق للرئيس الأميركي دونالد ترامب على الموقف الروسي بشأن مبادرته، أكّد ترامب أنه "ينتظر أخبارًا جيدة من موسكو" مرجّحًا موافقة الروس على "إبرام صفقة وقف إطلاق النار".

يشار إلى أنّ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف زار روسيا هذا الأسبوع والتقى الرئيس بوتين، وناقش معه العرض الأميركي لوقف إطلاق النار.

اعتبرت أوكرانيا وبريطانيا أنّ الشروط الروسية مجرد تكتيك من بوتين لتأخير وقف إطلاق النار، وفي هذا الصدد قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إنّ بوتين غير مستعد للموافقة على الهدنة، لكنه "يخشى أن يخبر الرئيس ترامب مباشرة أنه يريد مواصلة هذه الحرب ومواصلة قتل الأوكرانيين"، داعيًا إلى تكثيف الضغوط على موسكو، عبر إنزال عقوبات جديدة عليها.

لكن في المقابل تفاعل زيلينسكي مع بعض النقاط الواردة في الشروط الروسية، حيث أفاد بأنه ناقش مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر "الجوانب التقنية للإشراف على وقف إطلاق النار"، معتبرًا أنه "يمكن مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار مع روسيا بمساعدة الولايات المتحدة عبر الأقمار الصناعية والمعلومات الاستخباراتية".