1. ثقافة
  2. أدب

أدولفوي بوي كساريس.. قصة عاشق

26 سبتمبر 2016
أدولفوي بوي كساريس
مها عمرمها عمر

حين تدخل مكتبة المركز الثقافي الإسباني في مصر، تعترضك لافتةٌ جانبية على أحد الأعمدة الخشبية لدواليب الكتب مكتوب عليها "مكتبة أدولفو بوي كساريس" تدعوكم إلى قراءة مسرحية لقصة كذا أو حدث ثقافي بخصوص كذا. 

أدولفو بوي كساريس والكاتب الأرجنتيني الأهم في الأدب الإسباني خاصة منذ مطلع الأربعينيات

أدولفو بوي كساريس (1914-1999) هو الكاتب الأرجنتيني الأهم في الأدب الإسباني خاصة منذ مطلع الأربعينيات، ولعل أهم حدث ثقافي وإنساني في حياة كساريس ليس الجوائز الرفيعة التي نالها تقديرًا على طزاجة أدبه وفرادته، ولا حتى كونه نقل أهم الآداب الإنجليزية ذات الطابع البوليسي إلى اللغة الإسبانية، بل إن أهم حدث في حياة كساريس كانت كأس النبيذ التي جمعته مع خورخي لويس بورخيس، الكاتب الأرجنتيني المعروف الموسوعي الثقافة والأشهر في أمريكا اللاتينية والعالم. 

اقرأ/ي أيضًا: خاثينتو بينافينتي.. البرجوازي القِلق

امتدت كأس النبيذ على استقامة الحياة إلى صداقة متينة مع بورخيس الذي وصف أدب كساريس ذات مرة، وهو يتحدث عن "جنس أدبي جديد"، وهو "الخيال المسبب" أو imaginacion razonada، ينحته بورخيس كما تعود نحت المصطلحات في الأدب، ليصف به رواية كساريس الأهم على الإطلاق "اختراع موريل" بقوله: "في اللغة الإسبانية تندر بل تعد من الغرابة بمكان الأعمال الأدبية التي تنتمي إلى الأدب (المسبّب)، وأشير هنا إلى "اختراع موريل"، وأشار بورخيس في معرض حديثه إلى الآداب من اللغات الأخرى التي نقلت إلى الإسبانية، وأنها بهذا النقل خلقت أدبًا جديدًا في بلادنا (الأرجنتين)". ثم يقول في ذات السياق "تناقشت مع الكاتب في الحبكة وجعلت أعيد قراءتها حتى بدا لي أن نعتها بالكمال مغالطة لا شك فيها".

وهو هنا ليس رأي صديق لأن بورخيس كان ممن يحلو لهم التندر على الإنتاج الأدبي لسابقيه ومعاصريه ثقةً في معرفته الموسوعية، واعتقادًا منه في ضحالة الآخرين دومًا حتى وإن كانوا رفاقه. افتتح كساريس بروايته تلك باب أدب الخيال العلمي في اللغة الإسبانية، وكان ذلك العام 1940 وهو نفس العام الذي نشر فيه مع بورخيس "مختارت من الأدب الفانتازي ومقتطفات من الشعر الأرجنتيني عام 1941". 

فيما بعد اضطر كساريس إلى التمهل لبعض الوقت كي يتحرر من سطوة أدب الخيال العلمي على أعماله، على أن يحتفظ دومًا ببعض العناصر التي تمثل الملامح الرئيسة في أدب كساريس "قصص الحب، والنساء، واللعب بالمكان والزمان وحس دعابة فطري". أما روايته "أحلام الأبطال" فقد جرت وقائعها في بوينوس آيرس، تحكي قصة رجل اسمه إيميليو جوايانو الذي يقع في حب امرأة، بينما كان يبحث عن تذكار ضاع منه في ليلة من ليالي مهرجانات بوينس آيرس الطويلة.

لاحقًا في الخمسينيات والستينيات كانت أعمال كساريس قد اتجهت إلى القصة القصيرة فكتب "قصة معجزة، غراميات جيرلاندا، جانب الظل، إسرافيل الكبير" وبدأ شغفه بالتصوير. وفي نهاية الستينيات كتب روايته المهمة "مذكرات حرب الخنزير"، وهي رواية اعتبرها النقاد واقعية دون أن يتفقوا على ذلك، بطل الرواية هو إيسيدرو فيدال الذي اعتاد الاجتماع مع أقرانه من المتقاعدين في مقهى للعجائز ومع مرور الوقت يفاجؤون بحرب حرفية بين الأجيال يحاول فيها الشباب اصطياد العجائز وقتلهم، وهي الرواية التي كتبها كساريس وهو في الخامسة والخمسين، حيث بدأ يشعر بمقصلة الوقت وقد أتت على جل عمره. الرواية تحولت إلى فيلم بنفس العنوان في السينما في منتصف السبعينيات. 

العالم الروائي لكساريس يحوي دومًا الفانتازيا وبعض الأحداث الغرائبية التي لا يمكن تفسيرها

اقرأ/ي أيضًا: "أجمل نساء المدينة": فانتازية بوكوفسكي

العالم الروائي لكساريس يحوي دومًا الفانتازيا وبعض الأحداث الغرائبية التي لا يمكن تفسيرها، على الرغم من إشارته وتلميحاته للعالم الواقعي. وهو يكتب دومًا عن عالم كلاسيكي خالص، ويتميز أدبه في أحد الجوانب بصورته الخاصة عن الحبكة، والمفارقة في القص الفانتازي والبوليسي التقليدي، حتى وصف سرده المؤرخ الأدبي خوسيه ميجل أوبييدو بالكوميديا الفانتازية. وإلى جانب الملمح العاطفي الجارف لأعماله فقد تميزت أيضًا بالملمح الجنسي، فالحب بالنسبة لكساريس عاطفة سامية لكنها قاتلة، فالعلاقة الثنائية شفافة ورائقة لكن المرأة كانت دومًا ظلامية. كان أحد الأدباء الكبار مثل أوكتا فيوباث يعرف عنه -كما يعرف الجميع- تعدد علاقاته العاطفية بمشهورات ومغمورات حتى قال عنه الأديب الكبير أوكتا فيوباث: "الحب عند بوي كساريس إدراك ذو مكانة سامية، وهو العاطفة الأكثر اكتمالًا وضياء، ليس فقط في عالمه السردي ولكن في عالمنا أيضًا". 

في أواخر أيامه وقع كساريس فتسبب ذلك في كسر بخاصرته، وكان ذلك نذيرًا بسلسلة من الحوادث السيئة في حياته، ففقد زوجته سيلفينا بمرض الزهايمر، ثم ابنته في حادث سيارة، ثم انتهى إلى العيش في كنف ابنه غير الشرعي الذي اعترف به أخيرًا فابيان وأسرته وحفيده. وتوفي في عام 1999 وهو في الرابعة والثمانين. 

اقرأ/ي أيضًا:

كارمن لافوريت: سأبقى وحيدة!

إدواردو غاليانو.. شهرزاد الجنوب

كلمات مفتاحية

محمد الماغوط في ذكراه الـ19: خائف لا يهدأ

لقد أدخل الماغوط أسلوبًا جديدًا في الكتابة، متنقلاً بين الإيقاع الداخلي للكلمات والصور الشعرية، ليعكس بهما حالة الفوضى والتمرد على الواقع

أكثر من هوية وأبعد من أزمة.. صراعٌ لا يُحسم في "دار خولة"



تسلط رواية "دار خولة" الضوء على أزمة المثقف العربي، وتحديدًا المرأة المثقفة، في سياق سياسي واجتماعي مفكك ومتسارع

قصة الرواية: من عرش الأدب إلى هامش الشاشة

من المحتمل أن تصبح قراءة الروايات هواية نخبوية، أقرب إلى حضور حفلة موسيقى كلاسيكية أو عرض باليه

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة