إطلاق شركة هدفها استبدال البشر في جميع الوظائف يثير موجة من الجدل
20 ابريل 2025
أثار الباحث في الذكاء الاصطناعي تاماي بيسيروغلو موجة واسعة من الانتقادات والجدل عبر الإنترنت، بعد إعلانه عن إطلاق شركته الناشئة الجديدة "ميكانيز" (Mechanize)، التي تهدف بحسب ما جاء في بيان الإطلاق إلى "الأتمتة الكاملة لكل الأعمال" و"أتمتة الاقتصاد بالكامل"، في خطوة وصفها كثيرون بأنها خيال تقني متطرف يهدد مستقبل العمالة البشرية على نطاق عالمي.
بيسيروغلو، وهو أحد مؤسسي معهد "إيبوك" (Epoch) البحثي غير الربحي المتخصص في تحليل تأثيرات الذكاء الاصطناعي وتقييم أداء النماذج المتقدمة، أعلن عن المشروع الجديد عبر منشور على منصة "إكس" يوم الخميس الفائت، مشيرًا إلى أن "ميكانيز" ستعمل على تطوير بيئات رقمية وبيانات وتقنيات تقييم تسمح بأتمتة جميع أنواع العمل البشري، بواسطة وكلاء ذكاء اصطناعي.
I'm starting a new company: Mechanize.
— Tamay Besiroglu (@tamaybes) April 17, 2025
Mechanize will build virtual work environments, benchmarks, and training data to enable the full automation of all work.
We're hiring: [email protected]. https://t.co/n5JOli2Ysk
وفي تعليقه على حجم السوق الذي تستهدفه شركته، قال بيسيروغلو إن "السوق المحتملة ضخمة للغاية: العاملون في الولايات المتحدة وحدها يحصلون على حوالي 18 تريليون دولار سنويًا كأجور، وعلى مستوى العالم يصل الرقم إلى أكثر من 60 تريليون دولار سنويًا".
ستعمل "ميكانيز" على تطوير بيئات رقمية وبيانات وتقنيات تقييم تسمح بأتمتة جميع أنواع العمل البشري، بواسطة وكلاء ذكاء اصطناعي
لم تمر تصريحات بيسيروغلو مرور الكرام. فقد عبّر العديد من الباحثين والمعلقين عن قلقهم من المهمة المعلنة للشركة، وكذلك من التأثير المحتمل على سمعة معهد "إيبوك"، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كجهة بحثية محايدة ومستقلة. أحد مدراء المعهد كتب ساخرًا على "إكس": "يا لها من هدية عيد ميلاد: أزمة علاقات عامة!".
Yay just what I wanted for my bday: a comms crisis
— Jaime Sevilla (@Jsevillamol) April 18, 2025
وفي هذا السياق، كتب الباحث أنتوني أغويري: "أكن احترامًا كبيرًا لعمل مؤسسي معهد إيبوك، لكن من المؤسف رؤية هذا التحوّل. أتمتة العمل البشري تمثل جائزة كبرى للشركات، لكن ستكون خسارة هائلة لغالبية البشر".
Huge respect for the founders' work at Epoch, but sad to see this. The automation of most human labor is indeed a giant prize for companies, which is why many of the biggest companies on Earth are already pursuing it. I think it will be a huge loss for most humans, as well as…
— Anthony Aguirre (@AnthonyNAguirre) April 17, 2025
وفي حواره مع موقع "تيك كرانش" ، دافع بيسيروغلو عن رؤيته، مؤكدًا أن أتمتة العمل بالكامل يمكن أن تؤدي إلى "وفرة اقتصادية غير مسبوقة" وتحسين كبير في مستوى المعيشة، عبر تحرير البشر من عبء العمل اليومي. وأشار إلى دراسة نشرها سابقًا تبيّن كيف يمكن للاقتصاد أن يزدهر من خلال الإنتاجية المتزايدة لوكلاء الذكاء الاصطناعي.
لكن معارضين يحذرون من أن هذا التفاؤل يتجاهل الواقع الاقتصادي الأساسي: إذا لم يكن لدى البشر وظائف، فلن يكون لديهم دخل يمكنهم من شراء السلع والخدمات التي تنتجها هذه "الوفرة" التقنية. وهنا يبرز تساؤل جوهري: من سيملك هذه الوكلاء؟ وهل سيتم توزيع العائدات بشكل عادل؟
وعند سؤاله عن هذه الفجوة، قال بيسيروغلو إن الدخل البشري في المستقبل "لن يعتمد فقط على الأجور، بل على مصادر أخرى مثل الأرباح، الإيجارات، أو حتى الرعاية الاجتماعية"، في إشارة إلى تصور اقتصادي جديد يبتعد عن مفاهيم العمل التقليدي.
جانب آخر من الجدل يرتبط بالعلاقة بين "ميكانيز" ومعهد "إيبوك". فالمعهد، الذي لطالما قدّم نفسه كهيئة بحثية موضوعية لتقييم قدرات نماذج الذكاء الاصطناعي، أصبح محل تساؤلات بعد الإعلان.
وسبق أن واجه المعهد اتهامات بعد الكشف في كانون الأول/ديسمبر الماضي عن دعم شركة "OpenAI" له في تطوير أحد معايير تقييم الأداء، والذي استُخدم لاحقًا للترويج لنموذج "o3" الجديد. الأمر الذي أثار مخاوف من تواطؤ بين الأبحاث والقطاع التجاري.
أحد مستخدمي منصة "إكس"، أوليفر هابريكا، كتب معلقًا: "يبدو أن هذا يؤكد أن أبحاث معهد إيبوك كانت تصب مباشرة في دعم قدرات النماذج المتقدمة. كنت آمل ألا تأتي هذه الخطوة تحديدًا من بيسيروغلو نفسه".
Alas, this seems like approximate confirmation that Epoch research was directly feeding into frontier capability work, though I had hope that it wouldn't literally come from you
— Oliver Habryka (@ohabryka) April 17, 2025
ورغم طموح المشروع، يقرّ بيسيروغلو بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير مؤهلين لأداء المهام المطلوبة بكفاءة، موضحًا أنهم يعانون من عدم الاتساق، ضعف في الاحتفاظ بالمعلومات، وصعوبة في تنفيذ المهام طويلة الأمد دون انحراف عن الهدف.
ومع ذلك، فإن السباق لتطوير هذه التقنيات جارٍ على قدم وساق، بمشاركة عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت و"سيلزفورس"، إلى جانب شركات ناشئة متخصصة في مجالات مثل المبيعات، التحليل المالي، وبيانات التدريب. حيث أعلن بيسيروغلو أن "ميكانيز" بدأت في توظيف فريق عمل موسع، مؤكدًا أن المشروع مفتوح للمواهب التي تؤمن برؤية أتمتة المستقبل، بكل ما تحمله من وعود ومخاطر.