1. قول

التاريخ كما يكتبه المهزومون

15 ابريل 2021
ملصق مسلسل الملك
سلمان عز الدينسلمان عز الدين

كان من المنتظر أن يصل أحمس إلينا مع بداية شهر رمضان هذا العام، ولكن الفرعون المصري العظيم تعثر إثر خطوته الأولى وهوى على الأرض، بصورة لا تليق حتى بأقل حراسه شأنًا.

يقول العارفون إن الرجل كانت في جعبته الكثير من الدروس المفيدة التي سيقدمها على شكل خطب رنانة وشعارات مجلجلة. على الأرجح كان سيقول للمصريين أن ينبذوا أسباب الفرقة، وأن يقفوا صفًّا واحدًا لمحاربة الطامعين.. ولكم حرية تأويل المقصود بـ"أسباب الفرقة": الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، المطالبة بانتخابات، عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كلها تصلح أن تكون أسبابًا للفرقة!

كتّاب دراما كثيرون يأخذهم الحماس والانشغال بقضايا الساعة إلى درجة تجعلهم يُنطقون شخوص التاريخ بعبارات خطبائنا المعاصرين

سقط أحمس لأن منتجي مسلسل "الملك" ارتكبوا الكثير من الهفوات بما يتجاوز الحد، ولكن هذا لا يعني أننا نجونا، فطويلة هي قائمة الملوك والقادة الذين يصلحون مصادر لأخذ العبر.

اقرأ/ي أيضًا: دراما بلا كتب.. لن يُصلح "البشري" ما أفسدته السياسة

هكذا، وفي كل رمضان، يقوم صناع الدراما العربية بتحضير أرواح عدد من أجدادنا العظام، ويجعلونهم يحدثوننا عن شواغلنا وهمومنا ومآزقنا. ولأن مفهوم هؤلاء الصناع عن التاريخ لا يختلف كثيرًا عن مفهوم وزارات التربية العربية، فإنهم غالبًا ما يقدمون هؤلاء الأجداد على هيئة مدرسي تاريخ فاشلين في مدارس نائية.

يقف الظاهر بيبرس، مثلًا، أمامنا باستعداد، وعيناه مسمرتان على الكاميرا، يشوح بيديه ويلقي جملًا طنانة كلها حكم ومواعظ وإرشادات قومية.. تمامًا مثل واحد من رواد الخطابة في مدرسة حكومية.

كتّاب دراما كثيرون يأخذهم الحماس والانشغال بقضايا الساعة إلى درجة تجعلهم يُنطقون شخوص التاريخ بعبارات خطبائنا المعاصرين. في مسلسل تاريخي سوري يلتقي رجل دين مسلم بآخر مسيحي، فيما هولاكو على أبواب بغداد، يقول أحدهما للآخر: "لنكن يدًا واحدة فالدين لله والوطن للجميع"!. وبالطبع فالمؤلف لا يقول لنا لماذا فشلت هذه الوصفة السحرية في إنقاذ بغداد من هجوم هولاكو المدمر.

في دراما كهذه، تكاد زنوبيا أن تعلن إدانتها لـ"الإمبريالية الرومانية ومؤامراتها التوسعية"، ويكاد سلطان مملوكي أن يؤكد "أننا الصخرة التي تتحطم عليها جميع المؤامرات". وهنا، هنا فقط، نقف أمام الاضطهاد الذي كان يمارسه الشعب العربي (المصري أو السوري.. حسب بلد المنشأ) على جنود الاستعمار الغربي (الفرنسي أو الإنجليزي) المساكين.. كيف كان يضربهم وينكل بهم ويصيح في وجوههم على أهون سبب. في كل مسلسل، وفي كل حلقة، يقف هؤلاء الجنود أذلاء، مغلوب على أمرهم، عزلًا إلا من البنادق والرشاشات، أمام قبضايات وفتوات الحارة (الدمشقية أو القاهرية) المسلحين بالشوارب المعقوفة والنظرات النارية. وبالطبع يأكل الجنود نصيبهم من السخرية والشتم والنهر، قبل أن يستمعوا إلى دروس في الوطنية ومحفوظات شعرية لا تقل وطأة وإيلامًا.

من المفهوم أن نذهب إلى التاريخ حاملين أسئلتنا الخاصة بنا وبزمننا، ولكن من غير المفهوم أن نملي عليه إجاباتنا.. وإلا فلم الذهاب إليه أصلًا؟!

 

اقرأ/ي أيضًا:

قيامة أرطغرل أم روبن هود؟

غرابيب سود.. عن القراءة النازيّة للتطرّف الإسلاميّ

كلمات مفتاحية

بين مرايا الدم وأقلام الحياد.. خيانة المثقف العربي لقضاياه

لم تعد غزة مجرد جغرافيا محاصرة، بل غدت اختبارًا أخلاقيًا للإنسانية، ومرآة تعكس نفاق المجتمع الدولي وعجزه عن وقف المجازر المرتكبة على مرأى ومسمع من العالم.

رغم الخسائر والضغوط.. لماذا تتجنب مصر استهداف اليمن عسكريًا؟

تمثل العلاقات المصرية اليمنية حالة استثنائية شديدة التمايز والخصوصية، إذ يربط البلدين قائمة مطولة من القواسم المشتركة، المتنوعة بين الثقافي والسياسي والجغرافي

بعد نصف قرن... هل غادر لبنان "بوسطة الموت"؟

عشية الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، كان متحف "نابو"، في شمال لبنان، يجهّز مساحة في حديقته تتعدّى الزمان والمكان، خصّصها لحفظ بوسطة عين الرمانة، أو "بوسطة الموت"، كي "تكون الحرب عبرة وتحفيزًا لكتابة تاريخ حرب لبنان"

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة