1. ثقافة
  2. أدب

رواية "ورثة آل الشيخ" لأحمد القرملاوي.. توريث الشقاء

11 ابريل 2022
رواية "ورثة آل الشيخ" (ألترا صوت)
مصطفى ديبمصطفى ديب

"ورثة آل الشيخ" (مكتبة الدار العربية للكتاب، 2021) للكاتب المصري أحمد القرملاوي، سيرة عائلة مصرية تمتد على نحو قرن ونصف، وتغطي خمس مراحل زمنية/ سياسية تبدأ ببداية عهد الخديوية، ثم إعلان السلطنة، فالملكية، وصولًا إلى قيام جمهورية تموز/ يوليو 1952، ثم ثورة كانون الثاني/ يناير 2011. لكن الرواية، مع ذلك، ليست تاريخًا لتلك المراحل. بل إنها ليست في الأصل عملًا تاريخيًا، وإنما اجتماعيًا يدور مدار الفرد والعائلة وطبيعة العلاقات، الفردية والجماعية، التي تتشكل في إطارها.

تقدم رواية "ورثة آل الشيخ" تفاصيل تكشف جانبًا من طبيعة حياة وأنماط عيش بعض سكان القاهرة، خلال مراحل مختلفة زمنيًا وسياسيًا واجتماعيًا

التاريخ في الرواية يبقى مجرد أرقام ووقائع فارقة تفصل بين مرحلة وأخرى، أو بين جيل وآخر من أجيال عائلة الشيخ الذين تلتقي سيرهم، على تنافرها، في نهاياتها التي تتشارك المصير نفسه. وهو المصير الذي يمكن عنده القول إن الرواية هي رواية ورَثَة حقًا، وأن الورث الذي تقاسموه، جيلًا بعد جيل، ليس قصة الكنز التي قصها الشيخ على ابنه البكر وتناقلتها العائلة، وإنما الشقاء والألم الذي طال كل فرد من أفرادها.

لكن قصة الكنز ترتبط، بشكل أو بآخر، بما توارثه أبناء عائلة الشيخ. بل يمكن القول إنهما سلكا مسارين متوازيين يوحيان بأن شقاء العائلة بدأ منذ أن روى الشيخ قصة ذاك الكنز، الذي دفع الراوي إلى البحث في تاريخ عائلته التي تصلنا سيرتها بينما يدونها. هكذا، ينقسم زمن الرواية إلى زمنين، يسرد الراوي في الأول تفاصيل متفرقة من حياته التي تبدلت بعد ثورة يناير، ويروي في الثاني سيرة عائلته التي تتقاطع، في جانب منها، مع سيرته.

تُروى سيرة آل الشيخ وفق مسارات واضحة لكنها متبدلة تراوح بين البطء والسرعة. فبينما تُروى قصص بعض أفرادها على عجل، يتمهل الراوي في سرد قصص بعضهم الآخر لأسباب عديدة، منها أنها قصص متقاطعة تتشابك، ضمن إطار العائلة وخارجه، إلى درجة يصعب عندها فصلها عن بعضها بعضًا. وهذا بالضبط ما يجعل من تلخيص الرواية أمرًا صعبًا، لكن ليس بسبب كثرة شخوصها ووفرة أحداثها وتعدد أزمنتها فقط، بل لأن تلخيصها يضعنا أمام الحكاية ويسقِط، في المقابل، جميع تفاصيلها التي يتعلق بعضها بطبيعة علاقة شخوصها ببعضهم البعض، ويرتبط بعضها الآخر بأنماط معيشتهم التي تتبدل بتبدل أحوال العائلة، التي لا تنتقل من حال إلى آخر إلا بعد مأساة تغير أقدارها، ومجرى حيوات أفرادها الذين تعيد صياغة علاقتهم ببعضهم البعض.

مع ذلك، يمكن القول إن الرواية هي، أولًا، حكاية "بيت الخرنفش" الذي بناه الشيخ وأنجب فيه ستة أبناء من ثلاث زوجات. ما يعني أنها أيضًا حكاية أبناء الشيخ، بدءًا من صدقي بك الحكمدار الذي انقلبت حياته بعد اعفائه من منصبه، وقضى برصاصة طائشة أثناء زيارته بيت الخرنفش. ثم فاضل أفندي الذي بدأ حياته محبًا للغناء ورخاوة العيش، لكنه أصبح في نهاياتها شيخًا صوفيًا زاهدًا. وصولًا إلى نعمات التي هجرت بيت الخرنفش بعد وفاة والدها، واستقرت في بيت بَنته في الأرض التي ورثتها عنه. كما أنها حكاية نشأت الذي هجر بدوره بيت العائلة بعد وقوعه في حب فتاة أرمينية، تخلت عنه بعد رفضه تغيير دينه لأجلها.

بانتقاله من أبناء الشيخ إلى أحفاده، نكتشف أن قصصهم لا تختلف عن قصص أباءهم. بل إنها تبدو، في جوانب مختلفة، امتدادًا لها. لذا، يمكن القول إن ما ورثه أحفاد الشيخ عن أباءهم، لا يتعدى شقاء بعضهم، وسوء حظ بعضهم الآخر. إذ يخبرنا الراوي بأن زبيدة، ابنة صدقي بك، فقدت زوجها بعد زواجهما بمدة قصيرة، ثم فقدت وشقيقاها حسين وعلي شقيقهم حسن، الذي توفي في السجن. بينما فقد محمد، ابن فاضل، حلمه بدخول مدرسة الشرطة حين فقدت إحدى عينيه بصرها في حادثة تسببت بها زبيدة، ابنه عمه وحبه الأول، دون قصد.

التاريخ في الرواية يبقى مجرد أرقام ووقائع فارقة تفصل بين مرحلة وأخرى، أو بين جيل وآخر من أجيال عائلة الشيخ

لعل أكثر ما يبدو واضحًا من قصص أحفاد الشيخ، هو أنهم لم يرثوا عن أبائهم أكثر من شقائهم وحظهم العاثر. والمفارقة هنا أنهم خسروا، في المقابل، معظم ورثهم المادي، إذ تؤول ملكية بيت الخرنفش إلى الأوقاف بعد عجز محمد عن إثبات ملكيته، بسبب ضياع الحجة التي أخفاها صدقي بك قبل وفاته. بينما باع أبناء الأخير جميع ما بناه والدهم. بل إن الكنز نفسه الذي تناقلت العائلة قصته جيلًا بعد جيل، وتجلى في نهاية الرواية على شكل حقل نفطي في أرض نعمات التي ورثها محمد، جد الراوي، لم يكن من نصيبهم.

ليست "ورثة آل الشيخ" رواية تاريخية إذًا. لكنها، مع ذلك، تقدم تفاصيل تكشف جانبًا من طبيعة حياة وأنماط عيش بعض سكان القاهرة، خلال مراحل مختلفة زمنيًا وسياسيًا واجتماعيًا. إنها لذلك تبدو، إلى حد ما، وفي جانب معين، تاريخًا اجتماعيًا. بيد أنها، تبقى رواية عائلة تلتقي سير أبنائها، بمختلف أجيالهم، في توضيح الطريقة التي يتغير بها معنى المكان في نظر أهله، ومعنى العائلة في نظر أبنائها.

كلمات مفتاحية

محمد الماغوط في ذكراه الـ19: خائف لا يهدأ

لقد أدخل الماغوط أسلوبًا جديدًا في الكتابة، متنقلاً بين الإيقاع الداخلي للكلمات والصور الشعرية، ليعكس بهما حالة الفوضى والتمرد على الواقع

أكثر من هوية وأبعد من أزمة.. صراعٌ لا يُحسم في "دار خولة"



تسلط رواية "دار خولة" الضوء على أزمة المثقف العربي، وتحديدًا المرأة المثقفة، في سياق سياسي واجتماعي مفكك ومتسارع

قصة الرواية: من عرش الأدب إلى هامش الشاشة

من المحتمل أن تصبح قراءة الروايات هواية نخبوية، أقرب إلى حضور حفلة موسيقى كلاسيكية أو عرض باليه

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة